“نزيف غزة المستمر.. أكثر من 68 ألف شهيد في عدوانٍ لا يتوقف”
الترند العربي – متابعات
تواصل غزة نزيفها المفتوح تحت القصف والحصار والدمار، في مشهدٍ بات يلخّص واحدة من أعقد المآسي الإنسانية في العصر الحديث. فقد أعلنت مصادر طبية فلسطينية اليوم الأحد، عن ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 68,865 شهيدًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى 170,670 مصابًا، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، وسط استمرار انتشال الجثامين من تحت الركام في ظل دمارٍ واسع يطال البشر والحجر.

غزة.. مدينة تنزف منذ عام وأكثر
منذ اندلاع العدوان الأخير، يعيش القطاع على وقع القصف المتواصل، وانقطاع الإمدادات، وانهيار البنية التحتية الصحية. فالمشهد الإنساني اليوم لا يختلف كثيرًا عن الأيام الأولى: البيوت مهدّمة، والمستشفيات تعجّ بالجرحى، والناجون يبحثون عن ذويهم بين الأنقاض.
تؤكد وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 70% من الشهداء هم من النساء والأطفال، ما يعكس حجم الكارثة الأخلاقية والإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون، بينما لا يزال المجتمع الدولي عاجزًا عن فرض وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار.

تفاصيل الحصيلة المحدثة
وفقًا للمصادر الطبية، استقبلت مستشفيات القطاع خلال الساعات الماضية جثامين سبعة شهداء جدد، من بينهم ثلاثة انتُشلوا من تحت الركام، وشهيد آخر توفي متأثرًا بجراحه. كما سُجلت 236 حالة استشهاد و600 إصابة جديدة منذ اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت في 11 أكتوبر الماضي، في مؤشرٍ على هشاشة الاتفاق واستمرار القصف العشوائي على المناطق المدنية.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 9 آلاف شخص لا يزالون مفقودين، يُعتقد أن معظمهم تحت أنقاض الأبنية المدمّرة في شمال القطاع، حيث يصعب على فرق الدفاع المدني الوصول إليهم بسبب نقص المعدات والوقود، واستهداف آليات الإسعاف والطواقم الطبية في أكثر من حادث موثق.

القطاع الصحي.. على حافة الانهيار
تصف منظمة الصحة العالمية الوضع في غزة بأنه “كارثي وغير مسبوق”، إذ لم يعد أكثر من ثلث المرافق الطبية صالحًا للعمل. وتعمل المستشفيات الباقية في ظروفٍ مأساوية، وسط نقص حاد في الأدوية، والمحاليل الوريدية، والمستلزمات الجراحية. كما أن انقطاع الكهرباء والمياه جعل أقسام العناية المركزة وغرف العمليات تعتمد على مولدات مؤقتة مهددة بالتوقف في أي لحظة.
يقول أحد الأطباء في مستشفى الشفاء: “نضطر لإجراء العمليات الجراحية في ممرات المستشفى، أحيانًا تحت إضاءة الهواتف المحمولة، لأن الوقود شحيح والمولدات لا تعمل إلا ساعاتٍ محدودة”.
المأساة في أرقام
- 68,865 شهيدًا منذ بداية العدوان.
- 170,670 مصابًا بجروح متفاوتة.
- أكثر من 9 آلاف مفقود تحت الأنقاض.
- تدمير 80% من البنية التحتية الصحية في القطاع.
- أكثر من 1.7 مليون نازح داخل القطاع وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل تعبير عن مأساة ممتدة في الزمن، حيث تُدفن القصص الإنسانية مع أصحابها، وتُمحى العائلات بالكامل دون أن يُعرف مكان دفنها أو هوية ضحاياها.
معاناة إنسانية بلا حدود
يتنقل مئات آلاف النازحين بين مدارس الأونروا والملاجئ المؤقتة، في ظروفٍ تفتقر لأبسط مقومات الحياة، إذ تنتشر الأمراض المعدية ونقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب، فيما تُشير تقارير المنظمات الإنسانية إلى أن أكثر من 60% من سكان غزة يعانون من الجوع الحاد.
النساء يواجهن ظروفًا قاسية في ظل انعدام الرعاية الصحية، والأطفال يعانون من الصدمات النفسية الحادة بعد مشاهدتهم لمشاهد الدمار وفقدان الأهل. وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن الأجيال القادمة في غزة تواجه “إصابات نفسية عميقة قد تستمر مدى الحياة”.
الموقف الدولي.. بيانات بلا أثر
رغم الإدانات المتكررة من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، إلا أن التحرك الدولي لا يزال دون المستوى المطلوب. فقد دعت الأمم المتحدة مرارًا إلى وقف شامل لإطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، إلا أن الحصار المفروض على القطاع ما زال يمنع تدفق الإمدادات الأساسية.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الجهود السياسية لإعادة إحياء المفاوضات، تتزايد المطالب الشعبية حول العالم بوقف فوري للعدوان ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين.
الإعلام بين التوثيق والاستهداف
دفعت غزة ثمنًا باهظًا في مجال حرية الصحافة أيضًا، إذ استُهدف العشرات من الصحفيين أثناء تغطيتهم للعدوان. وقد أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن عدد الشهداء من الصحفيين تجاوز 150 إعلاميًا منذ أكتوبر 2023، مما يجعل هذا العدوان الأكثر دموية في تاريخ الصحافة الفلسطينية.
ورغم الخطر، ما تزال الكاميرات حاضرة في الميدان، توثّق الحقيقة وتنقل للعالم مشاهد لا يمكن إنكارها، من بين الركام والدمار وصراخ الأطفال.
ذاكرة الألم وصمود الأمل
على الرغم من حجم الدمار والعدد المهول من الضحايا، تبقى غزة رمزًا للصمود والتحدي. فالأهالي ما زالوا يتمسكون بالحياة، يعيدون بناء بيوتهم بما تيسر، ويواصلون تعليم أطفالهم في فصول مؤقتة وسط الركام، مؤمنين بأن الفجر لا بد أن يأتي بعد ليلٍ طويل.
يقول أحد النازحين في مخيم خان يونس: “نخسر بيوتنا كل عام، لكننا لا نفقد إرادتنا.. هذه الأرض تُعلّمنا كيف ننهض من جديد.”
ما السبب في ارتفاع عدد الشهداء والمصابين في غزة إلى هذه الأرقام؟
السبب يعود إلى استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023، واستخدام أسلحة ثقيلة ضد مناطق سكنية مكتظة، مما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين.
كيف يمكن للمجتمع الدولي التدخل؟
من خلال الضغط السياسي لفرض وقف فوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وتشكيل لجان تحقيق دولية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
ما هو وضع القطاع الصحي حاليًا؟
القطاع الصحي على وشك الانهيار الكامل، إذ تعمل أقل من 35% من المرافق الطبية، وتعاني المستشفيات من نقصٍ حادٍ في الوقود والأدوية.
هل هناك جهود إنسانية قائمة؟
نعم، رغم الصعوبات، تستمر جهود الإغاثة التي تنفذها المنظمات الدولية والمحلية لتأمين الغذاء والماء والرعاية الطبية للنازحين، لكنّها تواجه عراقيل كبيرة بسبب الحصار المستمر.
خاتمة
مع دخول العدوان شهره الثالث والعشرين، تظل غزة رمزًا للوجع الفلسطيني وصوتًا لا يمكن إسكاته، تُذكّر العالم كل يوم أن هناك شعبًا يُعاقب لأنه يريد الحياة، وأرضًا تُقصف لأنها تصمد.
لقد تحوّلت غزة إلى مرآةٍ للضمير الإنساني، تكشف مدى صدق الشعارات التي يتغنى بها العالم عن العدالة وحقوق الإنسان.
ففي كل بيتٍ مهدّم، وفي كل طفلٍ فقد أسرته، وفي كل طبيبٍ يعمل بلا دواء، هناك قصة مقاومة صامتة تقول: نحن باقون رغم كل شيء.
ولعل التاريخ حين يُكتب لاحقًا، سيذكر أن غزة لم تكن مجرد مدينةٍ محاصرة، بل شاهدًا على سقوط الإنسانية وصمود الأمل في آنٍ واحد.
اقرأ أيضًا: لماذا صمت العالم عن السودان وتكلّم عن غزة؟
