رياضةرياضة عالمية

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

الترند العربي – متابعات

منذ سنوات طويلة، يتكرر السؤال ذاته مع كل موسم كروي استثنائي يقدمه محمد صلاح أو أشرف حكيمي: لماذا لا تُترجم هذه المستويات الخارقة إلى تتويج فعلي بالجوائز الفردية الكبرى؟ سؤال لم يعد مرتبطًا بموسم بعينه، بل تحوّل إلى ظاهرة تستحق التفكيك والتحليل، خصوصًا في ظل هيمنة أسماء بعينها على جوائز مثل الكرة الذهبية وجائزة «ذا بيست»، مقابل استمرار غياب نجوم عرب وأفارقة رغم أرقامهم وتأثيرهم الواضح داخل المستطيل الأخضر.

الجوائز الفردية.. فلسفة قديمة بمعايير متجددة

منذ إطلاق الجوائز الفردية الكبرى، وعلى رأسها الكرة الذهبية ثم «ذا بيست»، ارتبط الفوز بها بفكرة اللاعب الأيقونة، القادر على تجسيد نجاح جماعي داخل بطولة كبرى، لا مجرد التألق الفردي المستمر. هذه الفلسفة، وإن تطورت شكليًا مع إدخال التصويت الجماهيري والإعلامي، فإن جوهرها لا يزال يميل إلى مكافأة من يرفع الكؤوس في الليالي الكبرى، أكثر من مكافأة من يحافظ على مستوى ثابت طوال الموسم.

هذا المنطق يفسر جانبًا من غياب أسماء مثل محمد صلاح وأشرف حكيمي عن منصة التتويج، رغم حضورهما الدائم في قوائم الترشيح، وتأثيرهما الحاسم في أقوى الدوريات الأوروبية.

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟
الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

عثمان ديمبيلي كنموذج للمعادلة المثالية

في موسم 2024-2025، تجسدت هذه المعادلة بوضوح مع تتويج عثمان ديمبيلي بجائزة «ذا بيست» والكرة الذهبية معًا. ديمبيلي لم يكتفِ بتقديم موسم فردي مميز، بل كان جزءًا محوريًا من ثلاثية تاريخية حققها باريس سان جيرمان، شملت دوري أبطال أوروبا والدوري الفرنسي وكأس فرنسا، إضافة إلى بلوغ نهائي كأس العالم للأندية.

هذا التزامن بين الأداء الفردي والنجاح الجماعي، خاصة في دوري أبطال أوروبا، منح ديمبيلي أفضلية حاسمة في عيون المصوتين، وجعله المرشح المثالي لجائزة تبحث دائمًا عن «وجه الموسم» أكثر من بحثها عن اللاعب الأكثر استمرارية.

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟
الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

محمد صلاح.. موسم تاريخي بلا تتويج أوروبي

على الجانب الآخر، قدم محمد صلاح واحدًا من أعظم مواسمه مع ليفربول، قاد خلاله الفريق للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وحقق أرقامًا تهديفية وصناعية غير مسبوقة، جعلته حديث الجماهير والإعلام طوال الموسم.

لكن المشكلة لم تكن في مستوى صلاح، بل في السياق العام لموسم ليفربول أوروبيًا. الخروج المبكر من دوري أبطال أوروبا، وغياب الفريق عن كأس العالم للأندية، حرما النجم المصري من الظهور في المنصات العالمية التي تزنها لجان التصويت بميزان أثقل من البطولات المحلية، مهما بلغت قوتها.

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟
الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

أشرف حكيمي.. نجاح جماعي يصطدم بمركز اللاعب

أما أشرف حكيمي، فقد عاش تجربة مختلفة. الظهير المغربي كان جزءًا أساسيًا من آلة باريس سان جيرمان التي سيطرت على الألقاب المحلية والقارية، وسجل أهدافًا حاسمة في الأدوار الإقصائية، وقدم مستويات دفاعية وهجومية متوازنة نادرًا ما يجتمع مثلها في لاعب مركزه دفاعي.

ورغم ذلك، ظل حكيمي في الظل مقارنة بزملائه في الخط الأمامي، ليس بسبب ضعف أدائه، بل لأن مركز الظهير الأيمن تاريخيًا لا يحظى بالبريق ذاته في سباق الجوائز الفردية، حيث تميل الأضواء دائمًا إلى المهاجمين وصناع اللعب.

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟
الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

التاريخ لا يرحم المدافعين

إذا عدنا إلى تاريخ الكرة الذهبية، سنجد أن عدد المدافعين وحراس المرمى الذين فازوا بالجائزة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. أسماء مثل فابيو كانافارو أو ليف ياشين كانت استثناءات نادرة، جاءت في ظروف استثنائية، تزامن فيها الأداء الفردي مع إنجازات كبرى على مستوى المنتخبات.

هذا الواقع يجعل مهمة حكيمي مضاعفة الصعوبة، إذ لا يكفيه التفوق الرقمي أو التألق في النهائيات، بل يحتاج إلى لحظة تاريخية فارقة تفرض نفسها على الجميع.

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟
الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

الترويج الإعلامي.. عامل خفي لكنه حاسم

تلعب الأندية الكبرى دورًا لا يقل أهمية عن الأداء الفني في سباق الجوائز. فالقوة الإعلامية والمؤسسية للنادي قادرة على تحويل لاعب متألق إلى نجم عالمي حاضر في كل منصات النقاش.

في موسم 2024-2025، فرض باريس سان جيرمان نفسه بقوة على المشهد، ليس فقط بالألقاب، بل بالسيطرة الإعلامية، حيث تواجد ستة من لاعبيه في القوائم النهائية للكرة الذهبية، ما يعكس قدرة النادي على تسويق نجومه عالميًا.

في المقابل، ورغم عراقة ليفربول وقاعدته الجماهيرية الضخمة، فإن غيابه عن الأدوار النهائية أوروبيًا يقلل من زخم الترويج الإعلامي للاعبيه مقارنة بنادٍ يهيمن على البطولات القارية.

الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟
الاستثناء العربي في عالم الجوائز.. لماذا يبقى محمد صلاح وأشرف حكيمي خارج منصة التتويج العالمية؟

آليات التصويت.. عدالة شكلية وتحفظات واقعية

تعتمد جائزة «ذا بيست» على تصويت أربع فئات متساوية الوزن: مدربو المنتخبات، قادة المنتخبات، الصحفيون، والجماهير. ورغم أن هذه الآلية تبدو عادلة نظريًا، فإنها عمليًا تخضع لتحيزات ثقافية وجغرافية واضحة.

غالبًا ما يميل المصوتون لاختيار لاعبين من الدوريات التي يتابعونها بكثافة، أو من نفس القارة، بينما يتأثر تصويت الجماهير بعوامل الشعبية والانتشار الإعلامي أكثر من التحليل الفني الدقيق.

الاستمرارية أم اللحظة الحاسمة؟

أحد أبرز الإشكالات في فلسفة الجوائز الفردية هو المفاضلة بين الاستمرارية والتألق في اللحظات الحاسمة. محمد صلاح يمثل النموذج المثالي للاستمرارية، حيث حافظ على أرقامه ومستواه لعدة مواسم متتالية في أقوى دوري في العالم.

في المقابل، يميل المصوتون إلى مكافأة من يتألق في نصف نهائي دوري الأبطال أو النهائي، حتى لو كان أداؤه متذبذبًا في فترات أخرى من الموسم، وهو ما يمنح أفضلية للاعبين مثل ديمبيلي في مواسم بعينها.

لغة الأرقام.. تفوق لا يكفي

بالنظر إلى الأرقام المجردة، يتفوق صلاح وحكيمي في كثير من الإحصاءات على منافسيهما. أهداف، تمريرات حاسمة، مساهمات مباشرة في التتويج بالألقاب، لكن هذه الأرقام لا تتحول تلقائيًا إلى أصوات في صناديق الاقتراع، لأن معايير الجوائز تتجاوز لغة الأرقام إلى ما هو أبعد.

اللاعب كعلامة تجارية

في العصر الحديث، لم تعد الجوائز الفردية مجرد تقدير رياضي، بل أصبحت جزءًا من منظومة تسويقية ضخمة. اللاعب الفائز يتحول إلى واجهة إعلانية للفيفا والرعاة العالميين، ما يجعل «القابلية التسويقية» عاملًا غير معلن لكنه حاضر بقوة في الكواليس.

ورغم الشعبية الكبيرة لصلاح وحكيمي في الشرق الأوسط وأفريقيا، فإن هذه الأسواق لا تزال أقل تأثيرًا في ميزانيات الرعاة مقارنة بالسوق الأوروبية، ما يجعل بعض صناع القرار أكثر تحفظًا في منح الجوائز لنجوم خارج الدوائر التقليدية.

صلاح.. قصة متكررة مع الكرة الذهبية

في 2018، قدم صلاح موسمًا استثنائيًا، لكنه خسر الكرة الذهبية لصالح لوكا مودريتش. وفي 2019، رغم تتويجه بدوري أبطال أوروبا، ذهبت الجائزة إلى ليونيل ميسي. هذه السيناريوهات المتكررة رسخت قناعة لدى الجماهير بأن التفوق الفني وحده لا يكفي، ما لم يترافق مع ظرف مثالي يخدم حسابات الجوائز.

هل يتغير المشهد مستقبلًا؟

مع تطور التحليل الرقمي وتزايد الوعي الجماهيري، يطرح كثيرون تساؤلات حول مستقبل الجوائز الفردية، وإمكانية مراجعة معاييرها لتكون أكثر إنصافًا للاعبين الذين يقدمون قيمة حقيقية داخل الملعب، بعيدًا عن الاعتبارات التسويقية والجغرافية.

لماذا لا يفوز محمد صلاح بالجوائز العالمية رغم تألقه؟
لأن الجوائز تفضل التألق في البطولات القارية الكبرى، وهو ما غاب عن ليفربول في بعض المواسم الحاسمة.

هل مركز أشرف حكيمي يؤثر على فرصه؟
نعم، مركز الظهير الدفاعي تاريخيًا أقل حظًا في الجوائز الفردية مقارنة بالمهاجمين.

هل التصويت عادل في جوائز «ذا بيست»؟
نظريًا نعم، لكن عمليًا يتأثر بعوامل ثقافية وجغرافية وشعبية.

هل تلعب التسويق دورًا في اختيار الفائزين؟
بشكل غير مباشر، نعم، فالجوائز أصبحت جزءًا من منظومة اقتصادية وتسويقية عالمية.

هل يمكن أن يفوز لاعب عربي مستقبلًا؟
الأمر ممكن، لكنه يتطلب تزامن الأداء الفردي مع تتويج قاري أو عالمي وظروف تسويقية داعمة.

اقرأ أيضًا: كأس الخليج تحت 23 عامًا 2025.. العليوة أفضل لاعب وحامد يتوج كأفضل حارس بعد تتويج الأخضر باللقب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى