العالم العربيمشاهيرمصر

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

الترند العربي – متابعات

في مشهد مهيب يليق بمكانته العلمية والدينية، ودّعت مصر والعالم الإسلامي اليوم أحد أبرز علمائها، الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، الذي وافته المنية فجر الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا علميًا ودعويًا كبيرًا تجاوز حدود الأزهر إلى كل بقاع العالم الإسلامي.

رحيل عالمٍ أزهريٍ أصيل

رحل الدكتور أحمد عمر هاشم في هدوء الفجر، بعد رحلة طويلة من العطاء امتدت لأكثر من ستة عقود، كرّسها لخدمة العلم والدعوة ونشر رسالة الإسلام السمحة.
وكان الراحل من الشخصيات التي تركت أثرًا بالغًا في الحياة العلمية والفكرية والدعوية في مصر والعالم العربي، بفضل علمه الغزير وخطبه التي جمعت بين البلاغة والاعتدال، وحضوره الهادئ الذي كان يفيض حكمة وتواضعًا.

وقد نعى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الفقيد بكلمات مؤثرة قال فيها:

“نعزي أنفسنا والأمة الإسلامية في وفاة العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، الذي أفنى حياته في خدمة العلم ونشر قيم الإسلام الوسطية، وكان مثالًا للعالم الأزهري الأصيل في علمه وسلوكه ودعوته.”

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

جنازة مهيبة في رحاب الأزهر

شيّع آلاف المصريين جثمان الراحل من الجامع الأزهر الشريف ظهر اليوم، في جنازة مهيبة حضرها علماء الأزهر وطلابه، وقيادات دينية وسياسية، ومحبوه من كل المحافظات.
تقدّم المصلين شيخ الأزهر الشريف وعدد من كبار العلماء، فيما خيّمت مشاعر الحزن والتأثر على الوجوه، وسط دموعٍ امتزجت بالفخر بمسيرة عالمٍ عاش زاهدًا ومات مكرمًا.
وقد تم تكفين جثمان الفقيد بـ كسوة الكعبة المشرفة في لفتة رمزية بالغة الدلالة، تقديرًا لمكانته العلمية والدينية الرفيعة، وهو تكريم نادر لم يحظ به إلا القلائل من العلماء الكبار الذين تركوا بصمات خالدة في تاريخ الأزهر الشريف.

بعد أداء صلاة الجنازة، نُقل الجثمان إلى مسقط رأسه في قرية بني عامر بمحافظة الشرقية، حيث وُوري الثرى في الساحة الهاشمية، بحضور الآلاف من الأهالي وطلابه القدامى ومحبيه، الذين رفعوا أكف الدعاء له بالرحمة والمغفرة.

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

مسيرة حافلة بالعطاء العلمي

وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم عام 1941 في قرية بني عامر التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، ونشأ في بيت متدين حفظ فيه القرآن الكريم صغيرًا، ثم التحق بالأزهر الشريف حيث درس العلوم الشرعية والعربية.
نال درجة الليسانس في أصول الدين من جامعة الأزهر، ثم الماجستير والدكتوراه في الحديث وعلومه، ليصبح أحد أبرز أساتذة الحديث في العالم الإسلامي.
عُيّن في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وتدرّج في المناصب الأكاديمية حتى أصبح رئيسًا لجامعة الأزهر، كما شغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، وكان عضوًا في مجلس الشعب المصري لعدة دورات، ممثلًا للأزهر والعلماء.

لم يكن الراحل مجرد أكاديمي، بل كان خطيبًا مفوهًا يملك حضورًا قويًا وتأثيرًا واسعًا، إذ عُرف بقدرته على مخاطبة الناس بلغة قريبة من القلوب، فكانت خطبه تجمع بين الرسالة العلمية والروح الإيمانية.
وقد ألقى مئات المحاضرات في مصر والعالم العربي والإسلامي، مدافعًا عن وسطية الإسلام ومحذرًا من الغلو والتطرف، وداعيًا إلى الحوار والتسامح.

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

مؤلفات راسخة في علوم الحديث والدعوة

ترك الدكتور أحمد عمر هاشم إرثًا علميًا ضخمًا تجاوز 80 مؤلفًا في الحديث وعلومه والدعوة والتفسير والسيرة النبوية، من أبرزها:

  • شرح صحيح البخاري في 16 مجلدًا، الذي يعد من أهم شروح الحديث في العصر الحديث.
  • السنة النبوية ومكانتها في التشريع الإسلامي.
  • الإعجاز البياني في القرآن والسنة.
  • المنهج الوسطي في الدعوة الإسلامية.
  • الحديث النبوي بين الرواية والدراية.

كما شارك في إعداد الموسوعات العلمية، وأشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه داخل الأزهر وخارجه، وأسهم في تخريج أجيال من العلماء والدعاة الذين انتشروا في شتى بقاع الأرض.

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

تكريمات عربية وإسلامية

نال الراحل خلال مسيرته العديد من الأوسمة والتكريمات من مؤسسات علمية ودينية في العالم الإسلامي، تقديرًا لعطائه في خدمة الدين والعلم.
فقد كرّمه الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامي، كما حظي بتكريم خاص من عدد من الجامعات العربية والإسلامية التي منحته درجات الدكتوراه الفخرية، تقديرًا لمساهماته في علوم الحديث والدعوة الوسطية.

كلمات الوداع

تدفقت مشاعر الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي فور إعلان وفاته، إذ نعاه آلاف العلماء والطلاب والسياسيين، وامتلأت المنصات بكلمات الوداع والدعاء له.
وكتب أحد تلامذته:

“رحل من علّمنا أن العلم عبادة، وأن الدعوة خُلق قبل أن تكون خطابًا. رحم الله شيخنا الذي ترك فينا أثر العلم والقدوة.”

فيما كتب آخر:

“الدكتور أحمد عمر هاشم لم يكن مجرد عالم حديث، بل مدرسة متكاملة في الأخلاق والاعتدال والفصاحة والصدق.”

الأزهر يودّع أحد أعمدته

أكد الأزهر الشريف في بيانه الرسمي أن الفقيد كان أحد أعمدة المؤسسة الأزهرية الحديثة، وأحد الذين حافظوا على رسالتها العلمية والفكرية في مواجهة تيارات الغلو والتشدد.
وأضاف البيان أن وفاته تمثل خسارة كبيرة ليس فقط للأزهر، بل للأمة الإسلامية كلها، مشيدًا بدوره في تأصيل منهج الوسطية وتأكيد عالمية رسالة الأزهر.

من جهتها، نعت هيئة كبار العلماء الفقيد، مؤكدة أن سيرته ستبقى حاضرة في ذاكرة طلاب العلم، وأن كتبه ومحاضراته تمثل مرجعًا في علوم الحديث والسنة النبوية.

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

العزاء في الشرقية

شهدت محافظة الشرقية اليوم أجواء مهيبة مع وصول جثمان الراحل إلى مسقط رأسه في قرية بني عامر، حيث أقيم العزاء في ساحة القرية بحضور عدد كبير من العلماء والمسؤولين وأبناء المحافظة.
ورفعت الأعلام السوداء على عدد من مؤسسات الأزهر في المحافظة، فيما خُصصت خطب الجمعة المقبلة للحديث عن سيرته ودوره في خدمة الإسلام.

وأكد المشاركون في الجنازة أن الفقيد كان قريبًا من الناس، لا يتأخر عن نصيحة أو مساعدة، وكان باب بيته مفتوحًا دائمًا للطلاب والفقراء.

إرث علمي خالد

يصف الباحثون مسيرة الدكتور أحمد عمر هاشم بأنها نموذج فريد للعالم الذي جمع بين الأصالة والتجديد، إذ لم ينعزل عن قضايا الأمة، بل شارك في الحوارات الفكرية والاجتماعية، وكان حاضرًا في كل مناسبة وطنية أو دينية.
كما ساهم في برامج تلفزيونية وإذاعية عديدة قدّم فيها دروسًا في الحديث والتفسير والأخلاق، بأسلوب قريب من الناس، مما جعله من أكثر العلماء تأثيرًا في جيلين متعاقبين.

ويؤكد تلامذته أنه كان صارمًا في العلم، لينًا في المعاملة، لا يتحدث إلا بخير، ولا يرد سؤالًا إلا بحكمة. وقد ظل حتى أيامه الأخيرة حريصًا على حضور مجالس العلم رغم المرض والتعب، متمسكًا بشعار طالما ردده:

“العلم رسالة لا تنتهي، والعالم يموت واقفًا.”

لحظات مؤثرة في وداعه

أظهرت لقطات مصوّرة تداولها رواد مواقع التواصل لحظات وصول جثمانه إلى الجامع الأزهر استعدادًا للصلاة عليه، حيث احتشد الطلاب وأساتذة الجامعة وهم يرفعون المصاحف ويدعون له بالرحمة.
وانتشرت مشاهد لبكاء طلابه الذين التفوا حول الجثمان يقرؤون القرآن، مرددين دعاء النبي ﷺ: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعفُ عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله.

منبر الدعوة إلى آخر لحظة

كان الدكتور أحمد عمر هاشم من أكثر العلماء حضورًا في الإعلام والدعوة العامة، حيث قدّم لسنوات طويلة برنامج “حديث الروح” على التلفزيون المصري، الذي تابعه الملايين في العالم العربي.
كما عُرف بخطبه المؤثرة في الجامع الأزهر ومساجد القاهرة الكبرى، حيث كان يحث على التسامح ونبذ التعصب، ويؤكد أن رسالة الإسلام هي الرحمة والاعتدال.

آخر ظهور إعلامي له كان قبل أسابيع قليلة من وفاته، حيث تحدث عن ذكرى حرب أكتوبر قائلاً:

“لا أريد أن أفطر إلا في الجنة.”
كانت تلك الجملة المؤثرة آخر ما سمعه الملايين من صوته، لتتحول اليوم إلى عنوان لرحيله.

دروس من حياة العالم الجليل

رحل الشيخ أحمد عمر هاشم لكنه ترك وراءه دروسًا خالدة في العلم والخلق والتواضع.
علّم أجيالًا أن العالم الحقّ هو من يجمع بين العلم والعمل، وأن الدعوة لا تكون بالصوت العالي، بل بالقدوة الحسنة والسلوك الكريم.
وقد أوصى قبل وفاته طلابه بالتمسك بالقرآن والسنة، والبعد عن الفتن، قائلاً في إحدى محاضراته الأخيرة:

“اعملوا لله لا لأنفسكم، فالعلم بلا إخلاص وبال على صاحبه.”


متى توفي الدكتور أحمد عمر هاشم؟
توفي فجر الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 بعد صراع مع المرض.

أين أقيمت صلاة الجنازة؟
أقيمت صلاة الجنازة في الجامع الأزهر الشريف، ودُفن في قريته بني عامر بالشرقية.

من هو الدكتور أحمد عمر هاشم؟
عالم أزهري جليل، عضو هيئة كبار العلماء، وأستاذ الحديث وعلومه، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، وُلد عام 1941 وله أكثر من 80 مؤلفًا علميًا.

ما أبرز مؤلفاته؟
من أهم كتبه: شرح صحيح البخاري، السنة النبوية ومكانتها في التشريع الإسلامي، والإعجاز البياني في القرآن والسنة.

كيف تم تكريمه بعد الوفاة؟
جرى تكفينه بكسوة الكعبة المشرفة تكريمًا لمسيرته العلمية والدينية الطويلة في خدمة الإسلام والأزهر الشريف.


📍 القاهرة – 7 أكتوبر 2025
برحيله، فقدت الأمة الإسلامية علمًا من أعلامها الكبار، وركنًا من أركان الأزهر الشريف، لكنه ترك سيرة ستظل تروى في كتب العلم ومحاريب المساجد، شاهدة على عالمٍ عاش لله، ومات على درب العلم والدعوة، تاركًا للأجيال وصية الأزهر الخالدة: أن يبقى العلم نورًا، وأن تبقى العربية منبرًا للحق والوسطية.

اقرأ أيضًا: خادم الحرمين الشريفين يوجّه بفتح مسجد القبلتين في المدينة المنورة على مدار 24 ساعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى