مُتحمِّس -بالرحلة وليس الوصول

فاطمة العدلاني
عند الشعور بالحماس، يتحرر الدوبامين؛ والدوبامين هو ناقل عصبي يُفرزه المخ ويُسمى بـ”هرمون المكافأة” لأنه يتواجد عند الإنجاز مثلًا أو توقع نتيجة إيجابية.
الدوبامين يُفرز وقت الحماس، لكنه ليس مصدر السعادة كما يعتقد البعض؛ بشكل أدق، هو دافع قوي تجاه السعادة. ولأن الحماس له نافذة زمنية يقل بعدها — وهي تقريبًا [20 دقيقة إلى ساعتين] — يبدأ الحافز العقلي في النقصان. ينصح علماء النفس بربط الحماس بفعل فوري وخطوة عملية مباشرة حتى يتم استغلال طاقة الحماس، ولأنه من المؤكد التسليم بفكرة طاقة الحماس، هناك في علم النفس قاعدة: [الحماس بدون فعل = طاقة مُهدرة].
الحماس يُحرّك كيمياء العقل وفيزيولوجيا الجسم معًا، فيشعر الشخص بطاقة ودافع وانفتاح على التصرف، ويمكن أن يكون ذلك بشكل قوي جدًا غير واعٍ حسب قوة الحماس. لأن الحماس مربوط بجزء القشرة الجبهية، عند إفراز الدوبامين يعمل جزء الخيال، مما يجعل العقل يتصور نتائج إيجابية أو إنجازات خيالية، فتزيد طاقة الحماس عمّا هي عليه.
وجدير بالذِكر أيضًا تأثر القلب وقت الحماس؛ فترتفع ضربات القلب عن المعدل الطبيعي، ويزداد تدفق الدم والأكسجين حتى يتم منح العضلات والمخ أكبر طاقة. كما يتم إفراز الأدرينالين، المعروف بوجوده عند التوتر، فيجعل العقل منتبهًا ونشيطًا. كل تلك الإفرازات وقت الحماس تجعل من الصعب الجلوس بهدوء أو الصبر على اتخاذ رد فعل حماسي.
وعلى هذا، يجب استغلال تلك الطاقة بفعل فوري كما ذكرنا، أو إذا لم يكن ذلك متاحًا، يُنصح مثلًا بتدوين الهدف المرجو وقت الشعور بالحماس حتى تعود نسبة الدوبامين لأعلى مرة أخرى بعد نقصانها، وحتى تسعى لتنفيذ مسعاك.
نصح أيضًا علماء النفس في خطوات تطوير الذات [استغلال طاقة الحماس] بملاحظة أوقات الحماس؛ مثلًا: هل تكون في المعتاد صباحًا؟ مساءً؟ بعد مهام معينة؟ بعد الاختلاط بأشخاص معينين؟ بعد القيام بترفيه معين؟ — فقالوا: نظّم وقتك حول نقطة الحماس وفي أوقاتها لإنجاز ما ترجوه.
وأثبت علماء النفس فكرة إهدار الطاقة الحماسية عند عدم استغلالها بنقصان الدوبامين من خلال أكثر من تجربة؛ فمثلًا:
دراسة جامعة ستانفورد [قسم الأعصاب السلوكي]: قالوا إنهم وجدوا أن المخ يفرز أعلى نسب من الدوبامين وقت الاستعداد للفعل، وليس وقت الوصول للهدف؛ وهنا تتحقق مقولة “النجاح رحلة وليس نقطة وصول”، وأن الفكرة ليست بالنهاية فقط، بل بالمسير نفسه.
تجربة جامعة كاليفورنيا – التحفيزية السلوكية: قاموا بتشغيل فيديو سلوكي تحفيزي قوي للطلاب، وطلبوا من بعض الطلبة تدوين خطة بسيطة وقت الحماس؛ وبعد ثلاثة أيام، حافظ الطلاب المدونون لخططهم على 60% من حماسهم، بينما انخفض حماس المجموعة الثانية لأقل من 20%.