“كتاب الرياض” يقيم ندوة بعنوان “الوثائق ذاكرة الأمة.. رحلة التاريخ السعودي من الدرعية إلى العصر الحديث”

“كتاب الرياض” يقيم ندوة بعنوان “الوثائق ذاكرة الأمة.. رحلة التاريخ السعودي من الدرعية إلى العصر الحديث”
سبق – الرياض
شهد معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 مساء أمس ندوة تاريخية مميزة بعنوان “الوثائق ذاكرة الأمة.. رحلة التاريخ السعودي من الدرعية إلى العصر الحديث”، ألقاها أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الملك سعود الدكتور حمد بن عبدالله العنقري، وسط حضور واسع من المهتمين بالتاريخ والباحثين والطلاب وعدد من المثقفين والإعلاميين.
الندوة جاءت ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الكتاب هذا العام، الذي يواصل تقديم سلسلة من الندوات والحوارات الفكرية التي تربط الحاضر بالماضي وتعرض مسيرة الدولة السعودية في سياقها التاريخي والمعرفي الممتد منذ تأسيس الدرعية وحتى العصر الحديث.

التوثيق.. رحلة تتوازى مع بناء الدولة
استهل الدكتور العنقري حديثه بالتأكيد على أن الاهتمام بالتوثيق في الدولة السعودية مرّ بمراحل متطورة ارتبطت بشكل وثيق بتنامي نفوذها الإقليمي وأهميتها الجيوسياسية في شبه الجزيرة العربية والمنطقة. وأوضح أن عملية التوثيق بدأت في بداياتها الأولى بجهود محدودة تعتمد على السجلات الخاصة، ثم انتقلت إلى مرحلة أوسع مع ظهور تقارير الوكلاء والقناصل الأجانب التي عكست المنافسة الإقليمية على النفوذ في الجزيرة العربية خلال القرن التاسع عشر.
وأشار إلى أن المرحلة الثالثة التي تلت توحيد المملكة العربية السعودية كانت بمثابة نقلة نوعية في تطور التوثيق المحلي والعالمي، إذ شهدت توسعًا غير مسبوق في حجم الوثائق والأرشيفات الرسمية، مع ازدياد التواصل السياسي والاقتصادي والدبلوماسي للمملكة مع العالم، ما جعلها محورًا أساسيًا في الوثائق العالمية المتعلقة بالمنطقة.

الوثيقة بين السرد المحلي والرؤية العالمية
تحدث العنقري في محور آخر عن تكامل الوثائق المحلية والعالمية في رسم الصورة الكاملة للتاريخ السعودي، موضحًا أن الوثائق المحلية تقدم تفاصيل دقيقة عن الحياة الداخلية، بينما تمنح الوثائق العالمية منظورًا إستراتيجيًا للعلاقات الدولية والتحولات السياسية.
لكنه شدد على أن هذا التكامل لا يخلو من تضارب أحيانًا في الروايات والتفسيرات، إذ يختلف المنظور وفق مصدر الوثيقة والزاوية التي كُتبت منها، مبينًا أن القراءة النقدية لتلك المصادر هي الطريق الأمثل لفهم الحدث التاريخي من جميع أبعاده.
وأكد أن الروايات الشفهية رغم أهميتها الثقافية والاجتماعية، إلا أنها لا تُعد وثائق بالمعنى الأكاديمي الصارم، لكنها تبقى مصدرًا مكملًا لفهم السياق العام، إذ تضيف البعد الإنساني والثقافي الذي تفتقده السجلات الرسمية.

دارة الملك عبدالعزيز.. المرجعية التاريخية الأوثق
وفي ختام الندوة، خصّ الدكتور العنقري دارة الملك عبدالعزيز بحديث مطوّل وصفه بأنه “الصرح الأهم في حفظ الذاكرة الوطنية للمملكة”، مشيرًا إلى أن تأسيس الدارة عام 1972م كان بفضل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – الذي كان أحد أكثر المهتمين بتاريخ الجزيرة العربية، وأشرف شخصيًا على تطوير عمل الدارة منذ نشأتها.
وقال العنقري:
“نقل الملك سلمان – حفظه الله – الدارة من مرحلة الجمع الأولي إلى مرحلة التنظيم والتصنيف والحفظ وفق معايير عالمية، وجعل منها مؤسسة وطنية متكاملة تواكب العصر في التوثيق والأرشفة الرقمية، لتكون المرجعية المطلقة لتاريخ الدولة السعودية عبر عصورها الثلاثة”.
وأضاف أن الدارة أصبحت اليوم منارة بحثية وعلمية لا تقتصر على حفظ الوثائق فحسب، بل تتجاوزها إلى رقمنة التراث وإتاحته للأجيال الجديدة والباحثين في الداخل والخارج، لتجسّد بذلك مفهوم “الذاكرة الوطنية الرقمية” التي تعزز الهوية وتوثّق المسيرة التاريخية للمملكة.
الندوة في سياق معرض الكتاب 2025
تأتي هذه الندوة ضمن سلسلة فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، الذي يُقام هذا العام تحت شعار “وجهات المعرفة”، بمشاركة أكثر من 1800 دار نشر عربية وعالمية من 35 دولة، إضافة إلى نخبة من المفكرين والباحثين والمؤرخين.
ويواصل المعرض إقامة ندوات فكرية وثقافية يومية تتناول موضوعات تتعلق بالتاريخ السعودي، الأدب، والابتكار الثقافي، إلى جانب ورش عمل موجهة للشباب والناشرين والمترجمين، بما يجعل من المعرض منصة معرفية شاملة تربط التراث بالمستقبل.
ما هو عنوان الندوة التي نظمها معرض الرياض الدولي للكتاب 2025؟
الندوة حملت عنوان “الوثائق ذاكرة الأمة.. رحلة التاريخ السعودي من الدرعية إلى العصر الحديث”.
من قدّم الندوة؟
قدّمها الدكتور حمد بن عبدالله العنقري، أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الملك سعود.
ما أبرز محاور الندوة؟
تناولت تطور التوثيق التاريخي في الدولة السعودية عبر ثلاث مراحل، ودور الوثائق المحلية والعالمية في رسم صورة التاريخ الوطني، وأهمية دارة الملك عبدالعزيز كمرجعية للأرشفة الوطنية.
ما الدور الذي تلعبه دارة الملك عبدالعزيز في التوثيق؟
تُعد الدارة المرجع الأوثق لتاريخ الدولة السعودية، حيث تنظم وتصنف وتحفظ الوثائق وفق معايير دولية وتستخدم التقنيات الحديثة في الأرشفة الرقمية.
ما أهمية الندوة ضمن فعاليات المعرض؟
تسهم في تعزيز الوعي بالتاريخ الوطني وتؤكد على دور التوثيق في حفظ الذاكرة السعودية من الدرعية حتى العصر الحديث.
📍 الرياض – 6 أكتوبر 2025
تجسّد هذه الندوة مثالًا على الدور الثقافي والفكري الذي يقدمه معرض الرياض الدولي للكتاب بوصفه أحد أهم المنصات الثقافية في المنطقة، وفضاءً يربط بين الماضي المجيد للمملكة ومستقبلها المشرق القائم على المعرفة والهوية الوطنية.
اقرأ أيضًا: زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب جنوب كازاخستان