فرصة الصدارة تضيع.. فاركو يعطّل المصري بتعادل بلا أهداف في السويس

فرصة الصدارة تضيع.. فاركو يعطّل المصري بتعادل بلا أهداف في السويس
الترند العربي – متابعات
لم ينجح المصري البورسعيدي في اعتلاء قمة دوري نايل، بعدما اصطدمت رغبة “النسور الخُضر” بتنظيم دفاعي مُحكم من فاركو، لينتهي اللقاء الذي أُقيم على استاد السويس الجديد بالتعادل السلبي (0-0) ضمن الجولة الثامنة. تعادلٌ بطعم الهزيمة للمصري الذي دخل المواجهة مدفوعًا بآمال الصدارة، وتعادلٌ بطعم المكسب لفاركو الذي انتزع نقطة ثمينة وهو يصارع لتحسين وضعه في أسفل الجدول.
منذ الدقائق الأولى بدا أن المصري جاء ليخطف المباراة مبكرًا؛ ضغط عالٍ، إيقاع سريع، ومحاولات مكثفة على الأطراف بحثًا عن كرة عرضية تُحسم برأسية أو متابعة ثانية داخل منطقة الجزاء. في المقابل، اعتمد فاركو على انضباطٍ مزدوج: كثافة عددية أمام منطقة العمليات، وتقارب بين خطوطه الثلاثة، مع ارتدادٍ سريعٍ من الجناحين لقطع خطوط تمرير المصري ومنع التفوق العددي على الأجناب.
دخلت المباراة أجواءها الحامية حين حوَّل المصري أول ركنية إلى تهديد فعلي، إلا أن الكرة علت العارضة بقليل. تتابعت المحاولات عبر انطلاقاتٍ سريعة من جهة اليمين، وتسديداتٍ من حدود المنطقة لم تجد طريقها إلى مرمى فاركو. وعلى الرغم من سيطرة المصري على كمّ أكبر من الكرات الثانية، فإن مواجهة كتلة دفاعية منظمة تحتاج إلى فكرة مختلفة: مفاجأة في التمرير، دوران أسرع بالكرة، أو تحرُّك بلا كرة يفتح زاوية تصويب. هذه المفاتيح لم تُستثمر على الوجه الأمثل.

على الضفة الأخرى، بدا فاركو صبورًا. كل افتكاك للكرة كان يتحول فورًا إلى مرتدة بلمستين أو ثلاث على الأكثر؛ تمريرة قطرية خلف الظهير، أو كرة طولية على العمق، أملاً في استغلال أي هفوة. أطلق فاركو تسديدة أولى أثارت التوتّر في مدرجات المصري، ثم عاد إلى منطقته يُرمّم المسافات ويُقفل الممرات، كأنما يرسل رسالة واضحة: “لن تمرّوا بسهولة”.
انتهى الشوط الأول بلا أهداف، لكنّه لم يكن بلا قصص؛ قصة فريق يهاجم بجرأة، وآخر يدافع بعقلانية. في الاستراحة، بدا واضحًا أن المصري بحاجة إلى تعديلٍ في الإيقاع قبل التشكيل: زيادة النسق، تقليل عدد اللمسات، وإجبار دفاع فاركو على التحرك أفقياً بدل تمركزه العمودي المريح. كما احتاج المصري إلى تحريك محور اللعب بين العمق والجانبين حتى يُجهد مفاصل منظومة فاركو الدفاعية التي حافظت على شكلها بانضباطٍ لافت.

بدأ الشوط الثاني بنبرةٍ هجومية أوضح للمصري. تغيّر اتجاه الهجمات من اليمين إلى اليسار في أكثر من لقطة، وظهرت محاولات للاختراق من العمق عبر “1-2” سريع، لكن القرار الأخير كان يتأخّر، أو تُقطع الكرة بفاصلٍ زمني يسمح لفاركو بإعادة التموضع. حين سنحت واحدة من أخطر التسديدات للمصري من حدود المنطقة، تألّق حارس فاركو في إبعادها إلى ركنية، ليحافظ على شباك نظيفة كانت هدفًا تكتيكيًا بحد ذاته.
وفي خضمّ ضغط المصري، فاجأ فاركو الجميع بمرتدة صريحة جاءت من استعادة كرة في الثلث الأوسط، ثم تمريرة عمودية كسرت محور الارتكاز، فُتحت معها زاوية تسديد واعدة، غير أن اللمسة الأخيرة افتقدت الدقة. هذه اللقطة، وإن لم تُترجم هدفًا، كشفت أن فاركو لم يكن “متلقيًا” للأحداث، بل لاعبًا حاضرًا لاغتنام الفرصة حين تتاح.

دخلت المباراة عشر دقائق أخيرة بطابعٍ عاطفي أكثر منه تكتيكي؛ رغبة المصري في هدفٍ يُبقيه على مقربة “ملموسة” من القمة، وتشبّث فاركو بنقطة تعني الكثير في توقيتٍ حساس. رفعت الجماهير أصواتها وطالبت بالمزيد من الجرأة، لكن الجرأة دون توازنٍ تُكلّف، والمصري عرف ذلك في لقاءاتٍ سابقة، فحافظ على انضباطه مع محاولة تكثيف العرضيات. هنا تحديداً تألق قلبا دفاع فاركو في إبعاد كل الكرات العالية تقريبًا، لتغادر كل كرة منطقة الخطر قبل أن تكتمل قصة الهدف.
لماذا تعثّر المصري؟ الإجابة مُركبة وليست سطرًا واحدًا. أولاً، افتقر للخدعة في الثلث الأخير؛ أغلب المحاولات كانت “مقروءة” بالنسبة لمدافعي فاركو. ثانيًا، توقيت التسديد لم يكن مثاليًا؛ إما لمسة زائدة، أو زوايا مغلقة. ثالثاً، ثمن أي فرصة ضائعة يرتفع أمام فريقٍ يلعب بمنظومة دفاعية مُحكمة، لأنك لن تحصل على العشرات منها. رابعًا، افتقد المصري لحظة “القاتل الهادئ” الذي يختار اللقطة الحاسمة دون ارتباك.
ولماذا نجح فاركو؟ لأن الخطة نُفّذت باحتراف: كتل متقاربة، تواصلٌ مستمر بين المدافعين ولاعبي الارتكاز، وتضحية جماعية على الأطراف حرمت المصري من مواقف 1 ضد 1 المفضلة. كذلك، حافظ فاركو على “تهديد” قائم عبر المرتدات، فلا يندفع المصري بكامل قوته دون خوف من طعنة معاكسة. وحين جُرِّبت الكرات الثابتة، أبلى دفاع فاركو بلاءً حسنًا في الرقابة وتوقيت الارتقاء.
من الزاوية النفسية، سيشعر جمهور المصري بالإحباط الطبيعي، فالفريق كان يرى الصدارة على بعد فوزٍ واحد. لكن الدوري سباقٌ طويل، وما فُقد بالنقطتين يمكن تعويضه بجولتين ناجحتين. أما جمهور فاركو، فسيرى في هذه النقطة انطلاقة عقلية: إذا استطعت أن توقف فريقًا مرشحًا للمربع الذهبي، فإن الطريق إلى النجاة ليس مستحيلاً، لكنه يحتاج إلى تكرار الانضباط ذاته، مع جرأةٍ إضافية أمام منافسين مباشرين.
على مستوى الترتيب، بقي المصري في مركز الوصيف برصيد 15 نقطة، خلف الزمالك المتصدر بـ16 نقطة، فيما ظلّ فاركو في المؤخرة برصيد 4 نقاط. الفارق الزمني بين الجولة الثامنة والتاسعة ليس كبيرًا، لذا سيحتاج المصري لعملية “إعادة إقلاع” سريعة: جلسة تفريغ ذهني، ثم عمل محدد على سيناريوهات كسر دفاعات متكتلة. في المقابل، يتوجّب على فاركو ألّا يتعامل مع نقطة السويس كحدثٍ استثنائي، بل كـقالب أداء يُبنى عليه ضد منافسي القاع حيث النقاط “المباشرة”.
التفاصيل الصغيرة صنعت الفارق. حين ضغط المصري في أول ربع ساعة ولم يُسجّل، منح ذلك فاركو ثقةً هادئة. وحين نجح فاركو في اصطياد كرتين أو ثلاث بين الخطوط، أدرك المصري أن الاندفاع قد يرتدّ سلبًا. وبين هذا وذاك، بدت “اللمسة قبل الأخيرة” هي العنوان الذي يُلخّص ليلة النسور: تمريرات جيدة حتى حافة المنطقة، ثم تعثر في القرار. لا يحتاج المصري إلى ثورةٍ تكتيكية بقدر ما يحتاج إلى تسريع نقل الكرة، وزيادة التبادلات القصيرة داخل الصندوق، مع حضور عنصر المباغتة في التمريرات الأرضية القُطرية خلف الظهير وليس فوق رأسه طوال الوقت.
اللافت أيضًا أن المصري كسب المناوشات الذهنية في معظم الكرات الثانية، لكنه لم يُحوّلها إلى “فرص نظيفة”. هنا تأتي قيمة اللاعب الذي “يرى ما لا يُرى”؛ لاعبٌ يطلب الكرة حيث لا ينتظره أحد، ويضرب زوايا دفاع الخصم بإحداث ازدواجية: سحب المدافع الأول خارج موقعه، وإرسال لاعبٍ من الصف الثاني ليملأ الفراغ في لحظةٍ واحدة. هذا النوع من التحركات يُرهق أي دفاع مُنظّم، حتى لو حافظ على هيكله معظم الوقت.
في المقابل، لم يذهب فاركو إلى منطقة المغامرة. حين امتلك الكرة، لم يفتعل “استحواذًا استعراضيًا”، بل أبقى التمرير عمليًا وبسيطًا. وكلّما تقدّم بالكرة، كان يتأكد أن لديه غطاءً مزدوجًا في الخلف يمنع التحول العكسي السريع للمصري. هذا الوعي بالتوازن منع المباراة من الانفجار في أي اتجاه، وأبقاها ضمن هامشٍ ضيقٍ من المخاطرة، وهو الهامش الذي خدم هدف فاركو التكتيكي الأول: الخروج بنقطة وشباك نظيفة.
لا يمكن أيضًا تجاهل دور الكرات الثابتة التي كانت أقرب إلى حلّ المصري في لحظات كثيرة. أُرسلت ركنيات ومحاولات لتصميم مواقف “ست كرات” داخل المنطقة، لكن فاركو نجح في الفصل بين الموجة الأولى والثانية؛ أي إبعاد الكرة الأولى، ثم منع التسديدة من الارتداد الثاني. عندما تُحسن التعامل مع المرتد الثاني، فإنك تقطع 50% من مخاطر الكرات الثابتة على الأقل.
المشهد الجماهيري كان حاضرًا بقوة. مشجعو المصري رافقوا فريقهم بأناشيد لا تهدأ، وصدقوا حتى آخر دقيقة أن كرةً ما ستصيب الشباك. ومشجعو فاركو احتفلوا ببطولاتٍ صامتة: تدخلات في التوقيت المثالي، وتضحيات بدنية في الالتحامات، وعودة جماعية تُعيد شكل الفريق إلى مربعه الدفاعي بسرعةٍ ملحوظة. في هذه المباريات، لا تُقاس الشجاعة فقط بكم هاجمت، بل أيضًا بكم تحملت.
ماذا بعد؟ المصري أمامه عمل فني محدد في الأسبوع القادم: تغليب العمق على العرضيات حين تتكدس منطقة الجزاء، وزيادة معدلات التسديد المباغت من خارج المنطقة مع وجود لاعبٍ جاهز للمتابعة. أمّا فاركو فعليه أن ينقل “نموذج السويس” إلى مبارياتٍ أقرب مستوى، حيث ستكون الكلمة للفعالية أكثر من الصلابة.
صورة الدوري الأكبر بعد هذه النتيجة تُخبرنا أن سباق القمة سيبقى مفتوحًا. الزمالك في المقدمة، المصري خلفه مباشرة، ودجلة وبيراميدز والأهلي يترصدون أي تعثر. في أسفل الجدول، كل نقطة تُعادل أو تزيد في قيمتها عن نقاط القمة لأنها تحوّل المزاج وتغيّر المعنويات وتمنح المدرب مساحة عملٍ أهدأ.
خلاصة ليلة السويس: تعلّم المصري درسًا قاسياً في “كيفية تحويل السيطرة إلى حسم”، وكسب فاركو درسًا مُلهِمًا في “كيف تحمي مرماك دون أن تُلغى نفسك هجوميًّا”. وبين الدرسين، خرجت كرة مصرية تُثبت كل أسبوع أن الدوري هذا الموسم أصعب وأطول وأقلّ قابلية للتوقع.
في النهاية، هي نقطةٌ تُبقي المصري قريبًا جدًا من حلم الصدارة، وتُبقي فاركو قريبًا من فكرة النجاة. وما بين “قريب” و“حلم”، تُكتب سطور الجولات القادمة.
س: كيف انتهت مباراة فاركو والمصري؟
ج: انتهت بالتعادل السلبي (0-0) على استاد السويس الجديد ضمن الجولة الثامنة من دوري نايل.
س: ما تأثير النتيجة على جدول الترتيب؟
ج: ارتفع رصيد المصري إلى 15 نقطة في المركز الثاني خلف الزمالك المتصدر بـ16 نقطة، بينما بقي فاركو في مؤخرة الجدول برصيد 4 نقاط.
س: لماذا لم ينجح المصري في التسجيل رغم السيطرة؟
ج: لأن المفاتيح الهجومية افتقدت عنصر المباغتة في الثلث الأخير، مع تأخر قرار التسديد، وتألق منظومة فاركو الدفاعية في إغلاق الزوايا.
س: ما أبرز ما ميز أداء فاركو؟
ج: الانضباط والكتلة المتقاربة، والقدرة على التحول السريع دون مخاطرة مفرطة، والتعامل الذكي مع الكرات الثابتة.
س: ما الذي يحتاجه المصري في المباريات المقبلة؟
ج: تسريع الرتم في العمق، تنويع الزوايا الأرضية خلف الظهير بدل الإكثار من العرضيات العالية، ورفع جودة “اللمسة قبل الأخيرة”.
س: ما الذي ينبغي أن يفعله فاركو للبناء على هذه النقطة؟
ج: تثبيت نفس القالب الدفاعي، مع زيادة الجرأة الهجومية أمام منافسي القاع حيث النقاط المضاعفة.
س: هل صراع القمة تغيّر بعد التعادل؟
ج: الصدارة ما زالت بيد الزمالك، لكن الفارق الهش يبقي المصري وملاحقيه في مرمى الحسابات، وتعثر واحد قد يقلب المشهد سريعًا.
اقرأ أيضًا: “الأهلي” يتخطى “فاركو “في مباراة مثيرة بالدوري المصري 2025-26