سياسة العالممنوعات

أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية

الترند العربي – متابعات

شهدت مدينة مونبيليه ومناطق واسعة من إقليم هيرولت جنوب فرنسا واحدة من أعنف موجات الطقس المتطرف خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بعد أن ضربتها فيضانات عارمة ناجمة عن أمطار غزيرة ومتواصلة، وُصفت رسميًا بأنها الأخطر منذ أكثر من 30 عامًا، في مشهد أعاد إلى الأذهان أسوأ كوارث المناخ التي عرفتها البلاد في نهاية القرن الماضي

الفيضانات التي اجتاحت المنطقة خلال ساعات قليلة حوّلت الشوارع إلى مجارٍ مائية، وأغرقت الأحياء السكنية، وشلّت حركة النقل، وأجبرت السلطات على اتخاذ إجراءات طوارئ غير مسبوقة، وسط تحذيرات رسمية من استمرار تداعيات الحالة الجوية حتى بعد انحسار الأمطار

ماذا حدث في مونبيليه؟

بدأت الأزمة مع هطول أمطار غزيرة بشكل مفاجئ فجر اليوم، حيث سجّلت محطات الأرصاد معدلات هطول تجاوزت المعدلات الشهرية خلال ساعات فقط، ما أدى إلى فيضان الأودية الصغيرة وأنظمة تصريف المياه، التي لم تستطع استيعاب الكميات الهائلة المتدفقة

ومع ارتفاع منسوب المياه، غمرت السيول شوارع رئيسية وأحياء سكنية كاملة، فيما تحولت بعض الطرق إلى أنهار جارية، وأُجبرت المركبات على التوقف أو الانجراف، في مشاهد وثقتها مقاطع مصورة انتشرت على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي

أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية
أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية

تحذيرات رسمية غير مسبوقة

أكدت شانتال موشيه، المسؤولة في خدمة الإنذار الفرنسية، أن الوضع في هيرولت ومونبيليه “قد يكون الأسوأ منذ أكثر من 30 عامًا”، مشيرة إلى أن صعوبة التنقل واستمرار الأضرار حتى بعد تراجع منسوب المياه يعكسان حجم الكارثة

وعلى إثر ذلك، فعّلت السلطات الفرنسية أعلى مستوى تحذير جوي في المنطقة، وهو إجراء نادر لا يُستخدم إلا في الحالات القصوى، ما يعكس حجم القلق الرسمي من تفاقم الأوضاع أو تجدد الأمطار

انقطاع الكهرباء وشلل المرافق العامة

تسببت الفيضانات في انقطاع التيار الكهربائي عن عدد كبير من المنازل، نتيجة غمر محطات التحويل وشبكات التوزيع بالمياه، فيما تعطلت خدمات الاتصالات في بعض المناطق بشكل مؤقت

كما أُغلقت الأسواق العامة والمتنزهات وحديقة الحيوانات في مونبيليه، كإجراء احترازي لحماية السكان والزوار، في حين جرى تعليق عدد من الأنشطة التجارية والخدمية إلى إشعار آخر

أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية
أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية

السلطات تتحرك وخطط الطوارئ تُفعّل

دفعت السلطات المحلية بقوات الحماية المدنية وفرق الإنقاذ إلى المناطق الأكثر تضررًا، مع التركيز على إجلاء السكان من الأحياء المنخفضة، وتأمين كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ومراقبة السدود وقنوات التصريف خشية انهيارها

كما تم نشر آليات ثقيلة لفتح الطرق المغلقة، وشفط المياه من النقاط الحرجة، وسط تنسيق مكثف بين البلديات والجهات الأمنية والطبية لضمان الاستجابة السريعة لأي طارئ

لماذا تُعد هذه الفيضانات الأخطر منذ عقود؟

يرى خبراء الأرصاد أن خطورة هذه الحالة لا تكمن فقط في كمية الأمطار، بل في سرعتها وتركيزها الزمني والمكاني، حيث هطلت الأمطار خلال فترة قصيرة جدًا، ما فاق قدرة الأرض والبنية التحتية على امتصاصها

كما أن التوسع العمراني خلال السنوات الأخيرة، ورداءة بعض شبكات التصريف القديمة، أسهما في تضخيم آثار الفيضانات، وهو ما دفع مختصين للمطالبة بإعادة تقييم البنية التحتية المائية في المدن الفرنسية

أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية
أمطار القرن تجتاح جنوب فرنسا.. مونبيليه تغرق وتحذيرات من كارثة تاريخية

التغير المناخي في قلب المشهد

تأتي هذه الفيضانات في سياق أوسع من الظواهر المناخية المتطرفة التي تشهدها أوروبا خلال السنوات الأخيرة، من موجات حر قياسية إلى عواصف وأمطار غير مسبوقة

ويؤكد خبراء المناخ أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يسهم في زيادة شدة العواصف المطرية، نتيجة ارتفاع قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ بالرطوبة، ما يجعل مثل هذه الأحداث أكثر تكرارًا وحدة في المستقبل

غياب الخسائر البشرية.. حتى الآن

رغم حجم الدمار وشدة الفيضانات، أكدت السلطات الفرنسية عدم تسجيل أي خسائر بشرية حتى اللحظة، وهو ما عُدّ نجاحًا نسبيًا لإجراءات الإنذار المبكر واستجابة الطوارئ السريعة

غير أن المسؤولين حذروا من أن الخطر لم ينتهِ بالكامل، داعين السكان إلى الالتزام بتعليمات السلامة، وتجنب التنقل غير الضروري، وعدم الاقتراب من مجاري المياه

مونبيليه بين الصدمة وإعادة التقييم

تعيش مونبيليه اليوم حالة من الصدمة والترقب، فيما بدأ الحديث مبكرًا عن ضرورة مراجعة سياسات التخطيط الحضري، وتعزيز البنية التحتية المقاومة للفيضانات، وتوسيع أنظمة الإنذار المبكر

ويرى محللون أن ما حدث قد يشكل نقطة تحوّل في تعامل فرنسا مع مخاطر التغير المناخي، خصوصًا في المدن الجنوبية المعرضة بشكل متزايد لمثل هذه الظواهر

ما سبب الفيضانات التي ضربت مونبيليه؟
الفيضانات نتجت عن أمطار غزيرة وغير مسبوقة هطلت خلال ساعات قصيرة، ما أدى إلى فيضان شبكات التصريف والأودية المحلية

هل هناك خسائر بشرية؟
حتى الآن، لم تُسجّل أي وفيات أو إصابات بشرية، وفق البيانات الرسمية

هل الوضع تحت السيطرة؟
السلطات تؤكد أن الوضع يتحسن تدريجيًا، لكن التحذيرات لا تزال قائمة بسبب صعوبة التنقل واحتمال تجدد الأحوال الجوية السيئة

هل هذه الفيضانات مرتبطة بالتغير المناخي؟
نعم، يشير خبراء إلى أن التغير المناخي يزيد من شدة وتكرار مثل هذه الظواهر الجوية المتطرفة

ما الإجراءات المتخذة حاليًا؟
تفعيل أعلى مستوى تحذير، إغلاق المرافق العامة، نشر فرق الطوارئ، وإجلاء السكان من المناطق المعرّضة للخطر

في المحصلة، تكشف فيضانات مونبيليه أن أوروبا، وفرنسا على وجه الخصوص، تقف اليوم أمام اختبار حقيقي لقدرتها على التكيّف مع مناخ يتغير بوتيرة أسرع مما كانت تتوقعه الخطط التقليدية، في وقت باتت فيه “أمطار القرن” أقرب مما نتصور.

اقرأ أيضًا: مانجروف رابغ.. 400 ألف شجرة ذكية ترسم خريطة جديدة لحماية السواحل السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى