مانجروف رابغ.. 400 ألف شجرة ذكية ترسم خريطة جديدة لحماية السواحل السعودية
الترند العربي – متابعات
في خطوة بيئية نوعية تعكس التحول العميق في أولويات التنمية المستدامة بالمملكة، دشّن محافظ رابغ خالد بن محمد بن مبيريك مبادرة زراعة 400 ألف شجرة مانجروف ذكية على سواحل المحافظة، ضمن مسار وطني متكامل يهدف إلى حماية البيئات الساحلية، وتعزيز الغطاء النباتي، والمساهمة الفاعلة في خفض الانبعاثات الكربونية، دعمًا لمستهدفات مبادرة «السعودية الخضراء» ورؤية المملكة 2030.
المبادرة، التي نُفذت بالتعاون مع فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة، وفرع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، تمثل نموذجًا متقدمًا في التشجير الذكي القائم على البيانات، وقياس الأثر البيئي، والحوكمة البيئية، بما يجعلها واحدة من أبرز المبادرات الساحلية في المملكة خلال عام 2025.
تدشين رسمي ورسالة بيئية واضحة
جاء تدشين المبادرة بحضور مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة المهندس وليد آل دغيس، ومدير عام فرع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالمنطقة عادل الطياري، في رسالة واضحة تؤكد أن حماية البيئة لم تعد خيارًا تكميليًا، بل أصبحت مسارًا استراتيجيًا متقدمًا في سياسات الدولة التنموية.
وأكد محافظ رابغ خلال التدشين أن المبادرة تأتي امتدادًا للدعم غير المحدود الذي توليه القيادة الرشيدة للملفات البيئية، مشيرًا إلى أن زراعة المانجروف تمثل أحد الحلول الطبيعية الأكثر فاعلية في مواجهة التغير المناخي، وحماية السواحل، وتعزيز التنوع الأحيائي البحري.

ما هي أشجار المانجروف ولماذا تُعد استراتيجية؟
تُعد أشجار المانجروف من أكثر الأنظمة البيئية كفاءة في امتصاص الكربون، حيث تشير الدراسات البيئية إلى أن المانجروف قادر على تخزين كميات من الكربون تفوق الغابات البرية بعدة أضعاف، ما يجعلها أداة طبيعية فعالة في تقليل البصمة الكربونية.
ولا يقتصر دور المانجروف على امتصاص الكربون فحسب، بل تمتد فوائدها إلى حماية الشواطئ من التآكل، وتقليل تأثير العواصف البحرية، وتوفير موائل طبيعية للأسماك والكائنات البحرية، ودعم الأمن الغذائي للمجتمعات الساحلية.
التشجير الذكي.. نقلة نوعية في إدارة الغطاء النباتي
تميزت مبادرة رابغ بتبني مفهوم «التشجير الذكي»، وهو نموذج حديث يعتمد على استخدام التقنيات الرقمية في تتبع نمو الأشجار، وقياس معدلات امتصاص الكربون، ومراقبة صحة النظام البيئي على المدى الطويل.
ويعتمد هذا النموذج على قواعد بيانات بيئية دقيقة، وتقنيات استشعار، وتقارير دورية تضمن الشفافية، وتسمح بتقييم الأثر الحقيقي للمبادرة، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في إدارة المشاريع البيئية المستدامة.

شراكة حكومية وخاصة لتعزيز الاستدامة
جاء تنفيذ المبادرة بالشراكة مع القطاع الخاص، في إطار تكاملي يعكس توجه الدولة نحو إشراك مختلف القطاعات في تحقيق الأهداف البيئية الوطنية، وتعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية البيئية.
وتسهم هذه الشراكات في توفير حلول تمويلية وتقنية مبتكرة، وتضمن استدامة المبادرة على المدى الطويل، بعيدًا عن النماذج التقليدية قصيرة الأثر.
رابغ.. موقع استراتيجي على خارطة البيئة الساحلية
تتمتع محافظة رابغ بموقع ساحلي استراتيجي على البحر الأحمر، ما يجعلها بيئة مثالية لمشروعات المانجروف، خصوصًا في ظل التحديات المناخية المتزايدة، وارتفاع منسوب المياه، وتأثيرات التغير المناخي على السواحل.
وتأتي هذه المبادرة لتعزيز دور رابغ كنموذج تنموي يجمع بين حماية البيئة، ودعم الاقتصاد المحلي، وتحقيق التوازن بين التنمية العمرانية والحفاظ على الموارد الطبيعية.

دعم مباشر لمبادرة السعودية الخضراء
تنسجم مبادرة زراعة 400 ألف شجرة مانجروف بشكل مباشر مع مستهدفات مبادرة «السعودية الخضراء»، التي تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، وخفض الانبعاثات الكربونية بأكثر من 278 مليون طن سنويًا، وحماية 30% من المناطق البرية والبحرية.
وتُعد المبادرات الساحلية، مثل تشجير المانجروف، من الركائز الأساسية لتحقيق هذه المستهدفات، نظرًا لقدرتها العالية على امتصاص الكربون، وتعزيز النظم البيئية البحرية.
أثر اقتصادي واجتماعي يتجاوز البيئة
لا يقتصر أثر المبادرة على الجانب البيئي فقط، بل يمتد ليشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية، من خلال توفير فرص عمل في مجالات الرصد البيئي، والصيانة، والتقنيات الزراعية الذكية، إضافة إلى دعم السياحة البيئية، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية السواحل.
كما تسهم هذه المبادرات في رفع جودة الحياة، وتحسين المشهد الحضري والساحلي، بما ينعكس إيجابًا على المجتمعات المحلية.
رؤية 2030 والبيئة كرافعة تنموية
تعكس مبادرة رابغ التحول الجوهري في مفهوم التنمية بالمملكة، حيث أصبحت البيئة عنصرًا محوريًا في التخطيط الاقتصادي، وليس عبئًا على النمو.
وتسير هذه المبادرة في انسجام كامل مع رؤية السعودية 2030، التي وضعت الاستدامة البيئية في قلب برامجها، وربطت بين حماية الموارد الطبيعية، وتنويع الاقتصاد، وتحسين جودة الحياة.
رسالة للمستقبل
تشكل زراعة 400 ألف شجرة مانجروف ذكية رسالة واضحة بأن المملكة لا تتعامل مع التحديات البيئية بردود أفعال مؤقتة، بل بسياسات طويلة المدى، وحلول علمية مدروسة، وشراكات استراتيجية، تجعل من البيئة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة.
ومع استمرار مثل هذه المبادرات، تتجه السعودية بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كقائد إقليمي وعالمي في العمل البيئي والمناخي.
ما الهدف من زراعة أشجار المانجروف في رابغ؟
تهدف المبادرة إلى تعزيز الغطاء النباتي الساحلي، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وحماية السواحل من التآكل، ودعم التنوع الأحيائي، ضمن مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء.
لماذا تُعد أشجار المانجروف مهمة في مواجهة التغير المناخي؟
لأنها من أكثر الأنظمة البيئية قدرة على امتصاص الكربون وتخزينه، إضافة إلى دورها في حماية السواحل وتوفير موائل طبيعية للكائنات البحرية.
ما المقصود بالتشجير الذكي؟
هو نموذج يعتمد على التقنيات الرقمية لقياس نمو الأشجار، ومتابعة أثرها البيئي، وضمان الشفافية والاستدامة في مشاريع التشجير.
من الجهات المشاركة في تنفيذ المبادرة؟
محافظة رابغ، وفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة، وفرع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بالشراكة مع القطاع الخاص.
كيف تخدم المبادرة رؤية السعودية 2030؟
من خلال دعم الاستدامة البيئية، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز الاقتصاد الأخضر، وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
اقرأ أيضًا: تحويلة الإمام مسلم تعيد رسم الحركة شرق الرياض.. مشروع استراتيجي لرفع كفاءة الطرق واستيعاب النمو الحضري