كارثة صحية صامتة في غزة.. 1500 طفل و42% من الحوامل على حافة الموت
الترند العربي – متابعات
تشهد المنظومة الصحية في قطاع غزة واحدة من أخطر مراحلها منذ عقود، وسط انهيار شبه كامل للخدمات الطبية، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الأساسية، وتعطّل مسارات الإجلاء الطبي، ما يضع آلاف المرضى، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء الحوامل، أمام مصير بالغ القسوة. أرقام صادمة أعلنتها السلطات الصحية والمنظمات الدولية خلال الأيام الأخيرة، تعكس حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة، في وقت تتراجع فيه فرص التدخل السريع، وتتزايد فيه أعداد الضحايا بصمت.
1500 طفل مهددون بالموت بسبب إغلاق المعابر
بحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن نحو 1500 طفل باتوا يواجهون خطر الموت المباشر، نتيجة عدم تمكنهم من السفر لتلقي العلاج خارج القطاع، في ظل استمرار إغلاق المعابر، وتعقّد إجراءات الإجلاء الطبي. هؤلاء الأطفال يعانون أمراضًا مزمنة، وتشوهات خلقية، وأمراض قلب وسرطان، وحالات فشل كلوي، وأمراض نادرة تتطلب تدخلات طبية متقدمة غير متوفرة داخل مستشفيات القطاع.
ويؤكد مسؤولون صحيون أن غالبيتهم كانوا مدرجين على قوائم تحويلات طبية رسمية، إلا أن توقف التنسيق الطبي حال دون خروجهم، ما حوّل الانتظار إلى حكم إعدام بطيء، خاصة في ظل عجز المستشفيات عن تقديم الرعاية التخصصية اللازمة.

سوء تغذية يضرب جيلًا كاملًا
الأزمة لا تتوقف عند حدود المرض، بل تمتد إلى الجوع وسوء التغذية، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 110 آلاف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية بدرجات متفاوتة، بينهم ما يقارب 9500 طفل في حالة سوء تغذية حاد يهدد حياتهم بشكل مباشر.
ويحذر أطباء الأطفال من أن هذه الأرقام تنذر بكارثة طويلة الأمد، لا تقتصر آثارها على ارتفاع معدلات الوفاة، بل تمتد إلى أضرار دائمة في النمو الجسدي والعقلي للأطفال، بما في ذلك ضعف المناعة، وتأخر النمو، ومشكلات التعلم، والاضطرابات العصبية.

42% من النساء الحوامل يعانين فقر الدم
النساء الحوامل في غزة يواجهن واقعًا لا يقل خطورة، حيث كشفت وزارة الصحة أن نحو 42% من الحوامل يعانين من فقر الدم الحاد، في ظل نقص المكملات الغذائية، وانعدام الرعاية الصحية المنتظمة، وصعوبة الوصول إلى الفحوصات الدورية.
ويحذر أطباء النساء والتوليد من أن هذه النسبة المرتفعة تهدد بزيادة حالات الإجهاض، والولادة المبكرة، ووفيات الأمهات، إضافة إلى ارتفاع مخاطر التشوهات الخلقية، وانخفاض وزن المواليد، في وقت تعاني فيه أقسام الولادة من نقص حاد في المعدات والأدوية المنقذة للحياة.

1200 مريض فارقوا الحياة انتظارًا للعلاج
واحدة من أكثر الإحصاءات إيلامًا هي تأكيد السلطات الصحية استشهاد نحو 1200 مريض، بينهم 155 طفلًا، بسبب عدم تمكنهم من مغادرة القطاع لتلقي العلاج، منذ بدء تعقّد ملف الإجلاء الطبي. هؤلاء المرضى كانوا على قوائم انتظار رسمية، لكن الوقت لم يكن في صالحهم.
وتؤكد منظمات طبية دولية أن قوائم الانتظار ما تزال تضم أكثر من 16,500 مريض بحاجة ماسة إلى إجلاء عاجل، وسط تقديرات غير رسمية تشير إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أكبر بكثير، نظرًا لوجود حالات لم تُسجَّل رسميًا بسبب انهيار النظام الصحي.

نقص 52% في الأدوية الأساسية
الأزمة تتجلى بوضوح في الصيدليات والمستودعات الطبية، حيث بلغ النقص في الأدوية الأساسية نحو 52%، وفق بيانات وزارة الصحة. وتشمل قائمة الأدوية المفقودة مضادات حيوية، وأدوية السرطان، وأدوية القلب، وأدوية الأمراض المزمنة، إضافة إلى محاليل وريدية، ومستلزمات تخدير، وأدوية الطوارئ.
ويؤكد مسؤولون صحيون أن هذا النقص أجبر الطواقم الطبية على اتخاذ قرارات قاسية، من بينها تأجيل علاج مرضى، أو استخدام بدائل أقل فاعلية، أو تقليص الجرعات، في مشهد يعكس انهيار أبسط معايير الرعاية الصحية.

توقف شبه كامل لجراحات العظام
من أخطر تداعيات الأزمة توقف 99% من عمليات جراحة العظام في مستشفيات غزة، بسبب نفاد الأدوات والمعدات الجراحية، ونقص مواد التثبيت والعلاج. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المستشفيات أعدادًا كبيرة من المصابين بإصابات خطيرة، سواء نتيجة القصف أو الحوادث أو الأمراض.
ويحذر أطباء العظام من أن تأجيل هذه العمليات يؤدي إلى إعاقات دائمة، وبتر أطراف، وتشوهات لا يمكن علاجها لاحقًا، ما يضاعف العبء الإنساني والاجتماعي في المستقبل القريب.
المختبرات الطبية على وشك التوقف
إلى جانب الأدوية، تعاني المختبرات الطبية نقصًا حادًا في المواد الأساسية، ما يهدد بتوقف خدمات التشخيص والتحاليل، ويؤثر بشكل مباشر على القدرة على تشخيص الأمراض، ومتابعة الحالات الحرجة، ورصد الأوبئة.
ويؤكد مختصون أن غياب التحاليل المخبرية الدقيقة يحدّ من قدرة الأطباء على اتخاذ قرارات علاجية سليمة، ويزيد من معدلات الخطأ الطبي غير المقصود، في ظل ضغط العمل الهائل.
منظمات دولية تدق ناقوس الخطر
منظمة الصحة العالمية أعلنت في وقت سابق أن أكثر من ألف مريض توفوا وهم على قوائم انتظار الإجلاء الطبي منذ يوليو 2024، مؤكدة أن الوضع الصحي في غزة يقترب من نقطة اللاعودة. كما حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن الأرقام المعلنة لا تعكس الحجم الحقيقي للأزمة، بسبب صعوبة التوثيق وانهيار منظومة التسجيل.
وتطالب هذه المنظمات بفتح ممرات إنسانية آمنة، وضمان تدفق منتظم للأدوية والمستلزمات الطبية، والسماح بالإجلاء الطبي الفوري للحالات الحرجة، بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية.
أطفال يولدون في بيئة غير آمنة صحيًا
الولادات في غزة باتت تجري في ظروف شديدة القسوة، حيث تفتقر العديد من المستشفيات إلى الكهرباء المستقرة، وأجهزة الحضانة، وأدوات الإنعاش، ما يهدد حياة المواليد الجدد، خاصة الخدّج.
وتشير تقارير طبية إلى ارتفاع حالات الوفاة بين حديثي الولادة، نتيجة نقص الرعاية المركزة، وعدم توفر الأدوية والمحاليل الضرورية، في مشهد يعكس عمق المأساة الإنسانية.
أزمة تتجاوز الصحة إلى مستقبل المجتمع
لا تقتصر آثار الأزمة الصحية على الحاضر فقط، بل تمتد إلى مستقبل المجتمع الفلسطيني في غزة، حيث يهدد فقدان جيل كامل من الأطفال، أو تعرضهم لإعاقات دائمة، البنية الاجتماعية والاقتصادية على المدى الطويل.
ويرى خبراء أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، والإعاقات، واضطرابات الصحة النفسية، ما يشكل عبئًا ثقيلًا على أي جهود مستقبلية لإعادة الإعمار أو التعافي.
مطالب عاجلة بتدخل دولي
أمام هذا الواقع، تتصاعد الدعوات لتدخل دولي عاجل، يضمن حماية المدنيين، وتأمين احتياجات القطاع الصحي، وفتح المعابر أمام المرضى والمساعدات الطبية، بعيدًا عن الحسابات السياسية.
وتؤكد الجهات الصحية في غزة أن أي تأخير إضافي سيؤدي إلى أرقام أكثر فداحة، يصعب احتواؤها أو تعويضها لاحقًا.
فقرة ختامية
ما يجري في غزة اليوم ليس مجرد أزمة صحية عابرة، بل كارثة إنسانية مكتملة الأركان، تتطلب تحركًا فوريًا وجادًا من المجتمع الدولي. أطفال يموتون بصمت، ونساء حوامل يواجهن المخاطر دون حماية، ومرضى ينتظرون علاجًا قد لا يأتي. وفي ظل هذا المشهد القاتم، يبقى السؤال الأهم: إلى متى يستمر هذا الصمت؟
كم عدد الأطفال المهددين بالموت في غزة بسبب نقص العلاج؟
تشير البيانات الرسمية إلى أن نحو 1500 طفل يواجهون خطر الموت بسبب عدم تمكنهم من السفر لتلقي العلاج خارج القطاع.
ما نسبة النساء الحوامل اللواتي يعانين من فقر الدم في غزة؟
حوالي 42% من النساء الحوامل يعانين من فقر الدم، ما يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الأمهات والمواليد.
كم بلغت نسبة نقص الأدوية في مستشفيات غزة؟
بلغ النقص في الأدوية الأساسية نحو 52%، ويشمل أدوية حيوية للأمراض المزمنة والطوارئ.
لماذا توقفت جراحات العظام في غزة؟
توقفت 99% من عمليات العظام بسبب نقص الأدوات والمعدات الجراحية اللازمة لإجراء العمليات.
كم عدد المرضى الذين توفوا انتظارًا للإجلاء الطبي؟
أفادت وزارة الصحة بأن نحو 1200 مريض، بينهم 155 طفلًا، توفوا بسبب عدم تمكنهم من مغادرة القطاع لتلقي العلاج.
ما المطلوب بشكل عاجل لإنقاذ الوضع الصحي في غزة؟
فتح المعابر، إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل منتظم، والسماح بالإجلاء الطبي الفوري للحالات الحرجة، مع تدخل دولي يضمن حماية النظام الصحي.
اقرأ أيضًا: هيئة الطرق تُدخل السعودية عصر “الاختبار الزمني السريع”


