منوعات

بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية

الترند العربي – متابعات

تزايدت الأسئلة خلال الأيام الماضية حول مدى تأثير ثوران بركان “إرتا آلي” في إثيوبيا على أجواء السعودية، خصوصًا في ظل انتشار صور الأقمار الصناعية التي أظهرت انبعاثات من رماد بركاني وغازات مصاحبة. ومع ذلك، قدّم خبير الطقس والمناخ الدكتور عبدالله المسند قراءة علمية واضحة تتضمن تقييمًا دقيقًا لمسار الغيمة البركانية، وأسباب ابتعادها عن التأثير المباشر على مناطق المملكة. ويأتي هذا التحليل في وقت يشهد فيه الإقليم متابعة دقيقة للتغيرات الجوية، ما يجعل فهم ديناميكية الغبار البركاني جزءًا مهمًا من الوعي البيئي والمناخي.

تؤكد البيانات الأولية أن بركان إرتا آلي — أحد أنشط البراكين في منطقة القرن الإفريقي — دخل مرحلة ثورانية نشطة دفعت بكميات من الرماد وغاز ثاني أكسيد الكبريت إلى مستويات عليا في الغلاف الجوي. ورغم ذلك، فإن العوامل الجوية المرتبطة بالرياح العلوية ومسار التيارات الهوائية لعبت دورًا حاسمًا في عزل هذه السحابة عن أجواء السعودية، وهو ما كشف عنه المسند بوضوح في تحليله الأخير.

بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية
بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية

طبيعة بركان إرتا آلي وديناميكية ثورانه

يُعد جبل “إرتا آلي” واحدًا من البراكين الدرعية الشهيرة التي تمتاز بثورانات مستمرة نسبيًا، تقع في منطقة الأخدود الإفريقي العظيم داخل الأراضي الإثيوبية. وتمتاز هذه النوعية من البراكين بقدرتها على إنتاج انبعاثات غازية تمتد لمسافات واسعة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وتشكّل بحيرات لافا في فوهتها. وقد شهد البركان خلال السنوات الأخيرة نشاطات متفاوتة القوة، إلا أن ثورته الأخيرة أعادت تسليط الضوء على تأثير البراكين في شرق إفريقيا على المناخ الإقليمي.

تُظهر البيانات المناخية أن رماد البراكين القريب من مستوى سطح الأرض يُعد الأخطر، لأنه قد يصل إلى مناطق مأهولة ويؤثر على التنفس والطيران. أما الانبعاثات التي ترتفع إلى مستويات تفوق 4 كيلومترات، فهي تخضع تمامًا لمعادلات الرياح العلوية، التي قد تبعدها آلاف الكيلومترات عن مصدرها.

بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية
بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية

تقييم المسند: السعودية خارج نطاق التأثير المباشر

يؤكد الدكتور عبدالله المسند أنه لا توجد أي مخاوف متعلقة بتأثير مباشر للهبات البركانية على أجواء المملكة، بناءً على المعطيات الحالية. ويشير إلى أن حركة الرياح العلوية فوق مستوى 4 كيلومترات دفعت سحابة الرماد وغاز ثاني أكسيد الكبريت إلى الجنوب الشرقي، مبتعدة تمامًا عن الأجواء السعودية.

ويُعد SO₂ أحد المؤشرات الرئيسية على نشاط البركان، إذ يُتابع العلماء مساره عبر الأقمار الصناعية لتحديد مدى انتشاره وتأثيره على جودة الهواء. وتشير الخرائط التي اعتمد عليها المسند إلى أن أقصى تأثير طفيف سجّلته الموجة البركانية كان مرورًا خفيفًا جدًا فوق منطقتي شرورة والخرخير في جنوب المملكة، وفي الطبقات العالية فقط، قبل أن تتلاشى بشكل سريع.

ويعني ذلك أن الهواء الذي لامس المملكة لم يكن محمّلًا بجزيئات كثيفة، ولم يقترب من الطبقات القريبة من سطح الأرض، وهو ما يجعل الخطر شبه معدوم وفق التقدير العلمي.

بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية
بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية

لماذا لم تصل السحابة البركانية إلى السعودية؟

يفسر خبراء الأرصاد هذا الابتعاد بعدة عوامل:

أولًا: اتجاه الرياح العلوية
تسير الرياح في طبقات الجو العليا بنمط ثابت تقريبًا خلال هذه الفترة من السنة، حيث تدفع التيارات الجنوبية الشرقية والسودانية السحابة البركانية بعيدًا عن شمال الجزيرة العربية.

ثانيًا: ارتفاع السحابة البركانية
عندما ترتفع السحابة فوق مستوى 4 إلى 6 كيلومترات، فهي لا تتأثر بالرياح السطحية التي تتحكم في الغبار المعتاد، بل تنجرف وفق مسار التيارات الجوية العليا التي لا تتجه نحو السعودية.

ثالثًا: ضعف كثافة الرماد
تشير التحاليل إلى أن سحابة الرماد لم تكن كثيفة بشكل يسمح لها بالوصول لمسافات بعيدة، ما ساعد في تلاشيها بسرعة فوق مناطق جنوبية قليلة التأثر.

رابعًا: عدم تجدد النشاط خلال الساعات الماضية
يعدّ عدم تعاقب ثورانات جديدة عاملاً مهمًا في منع استمرار انتشار الانبعاثات، إذ تُعد السحب البركانية قصيرة العمر إذا لم تتغذَّ بانبعاثات متواصلة.

بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية
بركان “إرتا آلي” تحت المراقبة: قراءة علمية تُوضح سبب ابتعاد تأثيراته عن أجواء السعودية

المسار المتوقع للسحابة البركانية خلال الأيام المقبلة

بحسب المسند، من المتوقع أن تواصل بقايا السحابة تحركها بعيدًا عن أجواء السعودية، حيث تشير التوقعات إلى انزياحها من أجواء اليمن وعُمان نحو بحر العرب بداية من يوم الثلاثاء، ما لم يتجدد نشاط البركان بشكل أكبر. ويعني هذا أن المملكة لن تشهد أي تأثيرات تُذكر خلال الفترة المقبلة، وأن الأمر أقرب إلى متابعة علمية مستمرة وليس حالة تستدعي القلق.

ويُذكر أن تغير مسار الرياح من الأمور التي تُراقَب بدقة خلال الظواهر البركانية، إلا أن المنظومة الحالية لا تظهر أي نمط قد يؤدي إلى تغيير اتجاه السحابة نحو المناطق السعودية.

متى تصبح البراكين خطرة على أجواء المنطقة؟

تُعد البراكين واحدة من الظواهر الطبيعية التي تحمل تأثيرات واسعة قد تمتد لآلاف الكيلومترات، خاصة عندما تكون الانبعاثات قوية وكثيفة. ويكون خطر البراكين على المنطقة العربية قائمًا فقط في بعض الحالات:

عندما تكون الرياح العلوية شمالية أو شمالية غربية
ما يدفع الرماد نحو الجزيرة العربية.

عندما يصل الرماد إلى الطبقات القريبة من سطح الأرض
حيث يشكل خطرًا على السكان والطيران.

عندما تحدث ثورانات متجددة وقوية
تستطيع تغذية السحابة البركانية وتحريكها لمسافات أبعد.

لكن وفق الحالة الحالية، لا يبدو أي من هذه العوامل حاضرًا، وهو ما يجعل تقييم المسند منسجمًا مع المؤشرات العلمية.

أهمية المتابعة المستمرة للحالات البركانية

تبرز أهمية المتابعة العلمية للبراكين القريبة من الجزيرة العربية في عدة مجالات:

الطيران المدني
الرماد البركاني من أخطر العوامل على محركات الطائرات، إذ قد يؤدي إلى توقفها.

الصحة العامة
استنشاق الرماد الدقيق قد يسبب مشكلات تنفسية لمرضى الحساسية والربو.

التأثير المناخي
انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت قد تؤثر على درجات الحرارة بشكل مؤقت.

ولذلك، فإن مراقبة النشاط البركاني في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي جزء أساسي من المنظومة الإقليمية للتوقعات المناخية.

تحليل جغرافي: موقع إرتا آلي ودوره في تخفيف المخاطر

يقع بركان “إرتا آلي” ضمن منطقة منخفضة نسبيًا من الأخدود الإفريقي، وهو بعيد بشكل كافٍ عن الحدود السعودية، كما أن اتجاه التيارات الهوائية غالبًا يكون نحو الجنوب الشرقي أو الشرق وليس نحو الشمال. وتُعد تضاريس المنطقة ومستوى الارتفاع عن سطح البحر عوامل مساعدة في منع وصول الرماد إلى ارتفاعات تسمح له بالتحرك نحو الجزيرة العربية.

وتشير التحاليل إلى أن الانبعاثات الحالية من البركان كانت أقرب إلى “الهبات الغازية” أكثر من كونها سحابة رماد كثيفة، وهو ما أسهم كذلك في سرعة تلاشيها.

الاستنتاج العلمي: المشهد تحت السيطرة

تؤكد جميع المؤشرات أن أجواء السعودية لن تتأثر بالثوران الحالي لبركان إرتا آلي. وبحسب تقييم الدكتور عبدالله المسند، فإن مرورًا خفيفًا في طبقات الجو العليا تم رصده فوق شرورة والخرخير، لكنه لم يكن ذا دلالة خطرة، كما أنه لم يمتد إلى أي طبقات سفلية يمكن أن تمس السكان أو حركة الطيران.

وتشير التوقعات إلى استمرار انزياح السحابة نحو بحر العرب، ما يجعل الحالة قابلة للمراقبة لا للقلق، في ظل غياب أي مؤشرات لتغيرات مفاجئة في الرياح أو تجدد النشاط البركاني.

هذه القراءة العلمية تُبرز أهمية وجود خبراء ومختصين في علم الطقس قادرين على تقديم تقييمات دقيقة تستند إلى البيانات لا الانطباعات، خاصة في ظل انتشار الشائعات المصاحبة للظواهر الطبيعية الكبرى.

هل يمكن أن يتغير مسار السحابة البركانية نحو السعودية؟
تُظهر النماذج المناخية أن ذلك غير وارد حاليًا، إلا إذا حدث نشاط بركاني جديد قوي مع تغير اتجاه الرياح العلوية، وهو ما لا تشير إليه المؤشرات حتى الآن.

هل يشكل مرور السحابة فوق شرورة والخرخير خطرًا على الصحة؟
لا، لأن مرورها كان في طبقات جوية عالية جدًا، ولم يقترب أي جزء منها من الطبقات القريبة من سطح الأرض.

هل يمكن أن يؤثر SO₂ على أجواء المملكة مستقبلًا؟
فقط في حال وصول السحابة إلى طبقات منخفضة أو ازدياد الكمية المنبعثة، وهو غير وارد بناءً على متابعات اليوم.

كيف يتعامل خبراء الطقس مع البراكين القريبة؟
يتم مراقبة الغازات والانبعاثات عبر الأقمار الصناعية والنماذج الرقمية، مع متابعة اتجاهات الرياح والحرارة وحركة الغلاف الجوي.

اقرأ أيضًا: اكتشاف علمي يعيد الأمل: تعطيل شبكية العين مؤقتًا قد يفتح باب استعادة البصر لمرضى كسل العين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى