كُتاب الترند العربي

“دارين أرونوفسكي” عن فيلم “The Whale”: “لم ير أحد هذا الجانب من بريندان”

لو توماس

تدور أحداث فيلم دارين أرونوفسكي الثامن “The Whale”، حول أستاذ لغة إنجليزية مصاب بالسمنة المفرطة يحاضر طلابه عن بُعد من شقته. يعاني تشارلي “بريندان فريزر” من حالة نفسية سيئة، وعلى ما يبدو أنه يأكل الطعام بكميات كبيرة تجعله عرضة للموت، يرجع ذلك إلى الصدمة الناجمة عن فقدان لشريكه “آلان”، الذي انتحر على ما يبدو بسبب الشعور بالذنب تجاه مثليته الجنسية.

يأتي عدد قليل من الزوار إلى منزل تشارلي، الذي لا يغادره أبدًا، ومنهم ممرضته وصديقته الوحيدة ليز “هونغ تشاو”، والمبّشر الشاب الذي يُدعى “توماس” “تاي سيمبكينز” وابنته إيلي “سادي سينك”، التي يتعين عليه رشوتها بآلاف الدولارات لتبقى على اتصال به.

يعد فيلم المخرج أرونوفسكي المستوحى من مسرحية الكاتب المسرحي صموئيل دي هانتر لعام 2012 تحفة فنية تتخلى عن الطاقة الجامحة لأعماله السابقة، مثل “Black Swan” لعام 2010 أو “Mother!” لعام 2017. وتلقى فريزر، الذي كان يؤدي دور شخص يبلغ وزنه 600 رطل عبر ارتداء بدلة ضخمة، إشادة لأدائه، وفاز بالعديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة أفضل ممثل في حفل توزيع جوائز اختيار النقاد للأفلام. في وقت كتابة هذا المقال، كان هو المرشح المفضل لدى وكيل المراهنات للفوز بجائزة أفضل ممثل في حفل توزيع جوائز الأوسكار.

هناك الكثيرون في صناعة السينما الذين يرغبون في رؤية فريزر يفوز بجائزة ما، نظرًا لرحلته الطويلة للعودة إلى الشهرة السينمائية. تعرض لسلسلة من النكسات منذ أوائل العقد الماضي، بما في ذلك طلاقه وقيامه بإجراء العديد من العمليات الجراحية بسبب الإصابات التي لحقت به أثناء تصوير أفلام الأكشن، مما أدى إلى تراجع مسيرته المهنية. وبين عامي 2014 و2019 لم يشارك في أية أفلام على الإطلاق. وتوفيت والدته بسبب السرطان في عام 2016، وفي عام 2018، أخبر مجلة جي كيو أنه تعرض للاعتداء الجنسي في مأدبة غداء في عام 2003 من قبل فيليب بيرك، رئيس رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية “HFPA”، وهي منظمة غير ربحية تصوت لجوائز جولدن جلوب. وأشار بيرك إلى أنَّ رواية فريزر كانت ملفقة على الرغم من أنه نوَّه إليها في مذكراته لعام 2014 التي تروي أنه أقام علاقة مع فريزر “على سبيل الدعابة”. وزعم أن اتهامات فريزر أدت إلى إدراجه في القائمة السوداء في هوليوود.

في صباح يوم بارد من شهر يناير في لندن، جلس أرونوفسكي ليشرح كيف تم اختيار فريزر للدور، والسبب الكامن وراء ذهاب الناس إلى السينما، والتحديات التي واجهته عند صنع فيلم عن شخصية ذات قدرة محدودة على الحركة.

استغرق الأمر منك 10 سنوات لإنتاج فيلم “The Whale”. ماذا عن مسرحية صموئيل د. هانتر التي بعثت على إنتاج مثل هذا العمل المتفاني؟

كانت لدي تجربة مماثلة لتلك التي سيخوضها معظم أعضاء الجمهور. عندما يبدأ الفيلم، أو في حالتي المسرحية، كنت محاطًا بكل هذه الشخصيات التي بدت غريبة تمامًا لي. لم يكن لدي أي ارتباط بأي منهم. ولكن في غضون 10 إلى 15 دقيقة، بدأت أشعر بالتعاطف تجاههم، وفي النهاية حطموا قلبي. بالنسبة لي، هذا أحد الأشياء الأكثر إثارة فيما يمكن أن تفعله السينما، يمكنها أن تأخذك إلى حياة شخص غير متوقع وتأخذك في رحلة لم تخضها من قبل.

هل كانت هناك مواضيع في المسرحية الأصلية مرتبطة بعملك الخاص؟

إنني لا أعرف ما إذا كانت تلك المواضيع مرتبطة بعملى إلى هذا الحد، لأنها نابعة من عقل صموئيل هانتر، وربما قمت بتغيير بضع كلمات. كان ذلك حقًا من تأليفه. إنه كاتب إنساني: هناك مواضيع في هذا العمل تتكرر في جميع الأعمال الدرامية حول العالم. هناك الحزن، والسعادة، والإلهام، والظلام.

قرأت أن التأخير الطويل الذي واجهته في إنتاج الفيلم كان بسبب محاولة اختيار الممثلين الذين سيجسدون شخصية تشارلي بشكل صحيح وعندما رأيت بريندان في مقطع دعائي لفيلم «Journey to the End of the Night» لعام 2006، اعتقدت أنك قد وجدت الشخص المناسب.

صحيح. رأيته في هذا الفيلم البرازيلي منخفض الميزانية. كنت أفكر في العديد من الممثلين المختلفين لهذا الدور، ولكن لم يثير أي منهم حماسي حقًا. وعندما رأيت بريندان يؤدي هذا الدور، اعتقدت أنها كانت فكرة رائعة حقًا. التقينا، وعندما جاء كان من الواضح أنه رجل نبيل وكان مهتمًا أيضًا بالعمل الجاد، وهو أمر أبحث عنه في الممثلين. وبعد ذلك قمنا بقراءة النص، ومن السطر الثاني أو الثالث تبيّن أنه تشارلي.

ما الذي قدمه بريندان وعجز الآخرين عن تقديمه؟

إنَّ الأمر المثير حول “بريندان” هو أنه لم ير أحد هذا الجانب منه حقًا لفترة طويلة جدًا. فهو نجم سينمائي، وسيظل كذلك دائمًا. ومن المثير أن نرى هذا الفنان يعود إلى الحياة ويتم تكليفه بأداء دور مثل هذه الشخصية المعقدة.

يحب البعض الطبيعة المخففة لكيفية إنتاج هذا الفيلم، وأنه يظل مخلصًا جدًا للمسرحية. بينما انتقده آخرون وقالوا إنه فيلم خانق للغاية. كيف ستواجه الأشخاص الذين يقولون، «إنه يشبه المسرحية إلى حد كبير، وإنه يحمل عبء عاطفي كبير جدًا. ولا يذهب بعيدًا بما يكفي في أن يكون تجربة سينمائية مختلفة تمامًا»؟

أعتقد أن الأمر يتعلق كثيرًا بما تحمله معك عندما تدخل لمشاهدة فيلم ما. ويمكنني أن أضمن أنه إذا أتيت بقلب مفتوح، فإنك ستتصل مع هذه الشخصيات. وقد رسم صموئيل شخصيات جميلة ومعقدة، تثير الدهشة وتستحق أن يتم مشاهدتها والتعرف عليها. وإذا كنت ترغب في المشاركة والتواصل مع الآخرين والشعور بالعواطف، وهو شيء أعتقد أن الكثير منا لم تتح له الفرصة للقيام به لسنوات عديدة، فإن هذا الفيلم مناسب تماماً لك.

بالنظر إلى بعض الأفلام الأخرى التي أنتجتها، ذكرني فيلم «The Whale» أكثر بفيلم «The Wrestler» لعام 2008، من حيث أنه كلاهما يقدمان القصة بشكل بسيط ومختصر. ما رأيك في كل فيلم تقوم بإنتاجه من حيث مدى توافق كل فيلم مع مجمل أعمالك؟

لا أفكر حقًا في إنتاجي السينمائي الأكبر ككل، بل أفكر في كل فيلم كعمل فردي بناءً على ما أهتم باستكشافه في الوقت الحالي. عادةً ما أشعر بـ«شيء» يتحرك عميقًا في مكان ما بداخلي وأعود إليه مرارًا وتكرارًا. استغرق إنتاج فيلم «The Whale» وقتًا طويلًا، لكنني لم أعمل عليه في جميع الأوقات. ظلت فكرة إنتاجه تراودني.

ماذا عن إنتاج فيلم The Whale؟ هل أثر اقتصار الفيلم على مكان واحد على طريقة إنتاجك للفيلم؟

كان التحدي الكبير هو كيفية إنتاج فيلم يدور حول شخصية لا تتمتع بمستوى كبير من القدرة على الحركة بطريقة سينمائية مثيرة للغاية تلفت انتباهك. وبالنسبة لي، فإن أفضل الإطراءات كانت عندما قال أحد الأشخاص على سبيل المثال، «كنت خائفاً قليلاً من المجيء لمشاهدة الفيلم لأنني سمعت أنَّ أحداثه كلها تدور في غرفة واحدة». ولكنه بعد ذلك يقول: «لم أفكر مطلقًا بهذا الأمر بمجرد بدء الفيلم لأنني استوعبت تمامًا أداء الممثلين». هذا ما يبرزه الفيلم، إذا كان لديك شخصيات رائعة وقصة ممتازة، فلا أهمية للمكان الذي تدور فيه أحداث العمل.

إن الإدمان هو موضوع قد تناولته في أفلامك من قبل، على سبيل المثال في فيلم «Requiem for a Dream» لعام 2000. من الواضح أنهما فيلمان مختلفان تمامًا، ويتمثل إدمان تشارلي في الأكل بسبب الحدث الصادم الذي تعرض له. ما الذي يجذبك حول اختيار الإدمان كموضوع في صناعة الأفلام؟

إنه جزء من الروح البشرية. وأعتقد أنَّ الأمر الرائع جدًا في كتاب «Requiem for a Dream» هو أنه أظهر كيف يمكن للناس أن يكونوا مدمنين على العديد من الأشياء المختلفة التي لا تتعلق حقًا بالمواد الكيميائية. وكانت تلك فكرة رائعة اعتقدت أنها جديرة بأن يتم إنتاج فيلم عنها. وهذا الفيلم لم أره على أنه فيلم يتحدث عن الإدمان. فبالنسبة لي، كان يتعمق حقًا في علم النفس والدراما لهذه الشخصية التي قد يتجاهلها ويدينها معظم الناس في الانطباع الأول. ويتعامل الفيلم مع الأشخاص حقًا ويحثهم بالفعل على التفكير في ذلك.

هل كانت هناك أي أفلام معينة شاهدتها على أنها نقاط مرجعية أثناء استعدادك لإخراج الفيلم؟

لقد شاهدنا بعض الأفلام مثل “?Who’s Afraid of Virginia Wool” لعام 1966، ولكن لم نشاهد الكثير من الأفلام الأخرى لأنه كان من الواضح حقًا أنه يمكنني الحصول على ما يكفي من الإرشادات من النص المكتوب حول مكان وضع الكاميرا وكيفية سرد القصة. وسيكون لدى الممثلين ما يكفي من الأفكار حول كيفية تنظيم مشاهد الفيلم بناءً على مدى صدق وواقعية رسم شخصياتهم فقط.

عادةً ما نشاهد الكثير من الأفلام مسبقًا بهدف اقتباس الأفكار. ولم يكن هناك الكثير من الأفلام المرجعية المتاحة أمامنا عن هذا العمل. فقد تم إنتاجه حقًا بناءً على ما كتبه صموئيل.

تكون الممثلة سادي سينك التي تجسد شخصية إيلي غاضبة بشكل مستمر. كيف سيكون رد فعلك على الموقف الذي وضعت فيه؟

من الصعب عليّ أن أحكم على ذلك، لأنه كان لدي والدان محبان جدًا كانا داعمين لي بشكل لا يصدق. أستطيع فقط أن أتخيل ما الذي قد يفعله تخلي أحد الوالدين عن شخص ما. وحظيت بالحظ الجيد أن كان عمل صموئيل هانتر متاحًا أمامي لأتخيل ذلك بالنسبة لي، وكانت الكلمات موجودة هناك، وبعد ذلك كانت سادي هناك لتفسيرها وتبعث فيها الحياة. ولا أستطيع أن أتخيل شيئًا أكثر ألمًا من أن يتخلى عن الشخص والديه. أعتقد أن هذا هو السبب الكامن وراء ذهاب الأشخاص إلى السينما، لتجربة هذا النوع من الأسى.

لجعل أنفسهم يشعرون بالحزن؟

صحيح. حسنًا، إنه أمر محزن، لكن الطريقة التي يعودون بها معًا مرة أخرى في نهاية الفيلم تكون ملهمة أيضًا، لأنني أعتقد أن الفيلم يؤمن بأن الأشخاص يمكنهم إنقاذ بعضهم البعض.

عُرض لأول مرة في المملكة المتحدة في مهرجان لندن السينمائي السادس والستين المقام في المعهد البريطاني للسينما.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى