صحة

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

الترند العربي – متابعات

تشهد أيرلندا الشمالية حالة استنفار غير مسبوقة بعد إعلان السلطات البيطرية عن أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق بين الأبقار، في واقعة تعيد إلى الواجهة مخاوف أوروبا من عودة الأمراض الحيوانية التي تنتقل عبر الحشرات وتؤثر مباشرة على سلاسل الإنتاج الغذائي، وصحة الثروة الحيوانية، والاقتصاد الزراعي بأكمله. وبحسب ما أفادت به وكالة الأنباء البريطانية “بي.إيه.ميديا”، فإن الاشتباه في حالتين قرب مدينة بانغور كان كفيلًا بإطلاق استجابة عاجلة من السلطات، التي سارعت إلى وضع قيود مشددة ونشر فرق بيطرية في محيط واسع يبلغ قطره 20 كيلومترًا بهدف احتواء إمكانية انتشار المرض. ويأتي ذلك في وقت يتزايد فيه القلق من تأثيرات التغير المناخي، التي مكّنت العديد من الفيروسات المنقولة عبر الحشرات من الانتقال إلى مناطق جديدة لم تكن ضمن نطاق انتشارها التقليدي، فيما يشير الخبراء إلى أن العودة المحتملة لفيروس اللسان الأزرق إلى مناطق في شمال أوروبا تُعد مؤشرًا على ضرورة رفع جاهزية الأنظمة البيطرية والرقابية في القارة بشكل عام.

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى
أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

منطقة سيطرة واسعة ودور جوهري لوزارة الزراعة
أعلنت وزارة الزراعة والبيئة والشؤون الريفية في أيرلندا الشمالية فرض منطقة سيطرة مؤقتة بقطر 20 كيلومترًا حول المزرعة التي ظهرت فيها حالات الاشتباه، وهي خطوة تعكس خطورة الوضع وإصرار السلطات على التعامل الاستباقي مع أي تفشٍّ محتمل. وتتضمن هذه المنطقة قيودًا صارمة تمنع نقل الأبقار أو الأغنام أو الماعز أو أي من الحيوانات الحساسة إلى داخل نطاق السيطرة أو الخروج منه، بهدف تقليل احتمالات انتشار الفيروس إلى مناطق جديدة. وتعد هذه الإجراءات شائعة في بروتوكولات التعامل مع الأمراض الحيوانية ذات الطابع الفيروسي، إذ يسمح نطاق السيطرة للمختصين بمتابعة حركة الحيوانات، وجمع العينات، وفحص المناطق المحيطة بدقة، وتقييم احتمالات انتقال العدوى بين المزارع المجاورة. كما تعمل الوزارة على التواصل مع المربين داخل المنطقة لتوعيتهم بآلية تطبيق القيود والالتزام التام بإجراءات الفحص والتبليغ، وهو ما يشكل ركيزة أساسية لنجاح الاحتواء.

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى
أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

طبيعة فيروس اللسان الأزرق ومخاطر انتشاره على الثروة الحيوانية
فيروس اللسان الأزرق من الفيروسات التي تصيب الحيوانات المجترة، ولا ينتقل إلى البشر، لكنه يمثل تهديدًا حقيقيًا لقطاع الثروة الحيوانية لما يسببه من أعراض شديدة وضعف في الإنتاجية ونفوق محتمل. وتظهر أعراض المرض عادة في صورة ارتفاع شديد في درجة الحرارة، وتورم اللسان وازرقاقه، ونزيف في الأغشية المخاطية، وصعوبة في التنفس، مع انخفاض كبير في إنتاج الحليب لدى الأبقار. وفي بعض المناطق يُعد هذا المرض من أكثر الأمراض ذات التكلفة الاقتصادية المرتفعة، حيث يؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات وانخفاض القيمة السوقية للماشية المصابة. كما أن التعامل مع هذا المرض يفرض قيودًا على حركة التجارة بين المناطق المتأثرة والمناطق الخالية، وهو ما يضع تحديًا إضافيًا على المزارعين والجهات التنظيمية.

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى
أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

انتقال المرض عبر البعوض وعلاقته بالتغيّر المناخي
تؤكد الدراسات العلمية أن فيروس اللسان الأزرق ينتقل حصريًا عبر نوع معين من البعوض يعرف باسم Culicoides، حيث تلتقط الحشرة الفيروس من الحيوان المصاب ثم تنقله إلى حيوان آخر. وهذا النوع من الانتقال يجعل تغيّر المناخ عاملًا أساسيًا في تحديد نطاق انتشار المرض، إذ باتت درجات الحرارة الأعلى ورطوبة الهواء المرتفعة تساعد البعوض على الانتشار في مناطق لم تكن مناسبة لوجوده سابقًا. وتشير تقارير علمية حديثة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت توسعًا جغرافيًا في نطاق هذه الحشرة داخل أوروبا، ما يزيد احتمالات ظهور المرض في مناطق جديدة. لذلك تأتي حالة الاشتباه الحالية في أيرلندا الشمالية ضمن نمط واسع تراقبه الجهات الأوروبية منذ فترة، ما يعزز احتمالات وجود علاقة مباشرة بين المناخ وعودة الفيروس.

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى
أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

تحقيقات واسعة تشمل الفحص المخبري وتتبع حركة الماشية
باشرت الجهات البيطرية رسميًا فحص العينات المأخوذة من الأبقار المشتبه بإصابتها، إضافة إلى عينات أخرى من الحيوانات في المزارع المجاورة. وتتم هذه الفحوص باستخدام تقنيات PCR المتقدمة التي تسمح برصد الفيروس بدقة عالية، إلى جانب فحوص الأجسام المضادة التي تساعد في تحديد ما إذا كانت الحيوانات قد تعرضت للعدوى في وقت سابق. وتشمل التحقيقات كذلك تتبع حركة الماشية خلال الأسابيع الماضية، وفحص السجلات التي توثق عمليات البيع والشراء والتنقل بين المزارع. ويُعد هذا النوع من التتبع ضروريًا لأن الفيروس قد يكون انتقل قبل ظهور الأعراض، إضافة إلى احتمال وجود تواصل بين مزرعة الاشتباه ومزارع أخرى عبر عمليات النقل أو المشاركة في أسواق المواشي.

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى
أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

قلق المزارعين وانتظار نتائج الفحوص
يعيش المزارعون داخل منطقة السيطرة حالة من الترقب والقلق، إذ تمثل القيود المفروضة تحديًا اقتصاديًا لهم، خصوصًا الذين يعتمدون على بيع الماشية أو نقلها بشكل يومي. وقد أكدت وزارة الزراعة أنها تعمل على تقليل تأثير هذه الإجراءات عبر توفير قنوات دعم فني وبيطري وإرشادي للمزارعين، بالإضافة إلى تسريع عمليات الفحص لضمان عدم استمرار القيود لفترة طويلة في حال ثبت عدم وجود الفيروس. ومع ذلك، يبقى الانتظار أحد أصعب المراحل بالنسبة للمزارعين الذين يخشون تأثير الفيروس على الثروة الحيوانية التي يعتمدون عليها.

أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى
أيرلندا الشمالية تواجه أول تفشٍّ مشتبه به لفيروس اللسان الأزرق.. استنفار بيطري واسع وتحقيقات عاجلة لاحتواء العدوى

تصريحات وزير الزراعة ودعوته للالتزام بالإجراءات الوقائية
أكد وزير الزراعة في أيرلندا الشمالية أندرو موير أهمية الالتزام الكامل بالتدابير الوقائية، معتبرًا أن التعامل الاستباقي مع الأمراض الحيوانية أمر ضروري لحماية الثروة الحيوانية والاقتصاد الزراعي. ودعا موير إلى دعم المزارعين المتأثرين وتوفير أدوات مكافحة البعوض، إضافة إلى تطبيق إجراءات النظافة الحيوية في المزارع، وتقليل حركة الحيوانات غير الضرورية، وضمان الإبلاغ الفوري عن أي أعراض جديدة تظهر على القطعان. كما شدد على أهمية وعي المربين بأن المرض لا ينتقل إلى البشر، وأن استقرار الوضع الصحي الحيواني يمثل أولوية وطنية تتطلب تعاونًا شاملاً.

عودة الفيروس إلى الواجهة الأوروبية.. وأهمية التنسيق العابر للحدود
شهدت أوروبا خلال العقدين الماضيين موجات متفرقة من فيروس اللسان الأزرق، وكان بعضها ذا تأثير كبير خصوصًا في المملكة المتحدة وهولندا وألمانيا وفرنسا. ومع التطور الحالي في أيرلندا الشمالية، تتزايد الدعوات لتنسيق أوروبي مشترك لمراقبة حركة الفيروس، خصوصًا أن حركة الماشية بين دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تخضع لبروتوكولات دقيقة لدعم الأمن الحيوي. ويؤكد خبراء الصحة البيطرية أن التنسيق عبر الحدود مسألة حاسمة لأن البعوض الناقل للمرض لا يعرف الحدود السياسية، ما يجعل السيطرة محلية المصدر لكنها ذات تأثير إقليمي.

تأثير الفيروس على الاقتصاد الزراعي في حال تأكد التفشي
يمتد تأثير مرض اللسان الأزرق إلى ما هو أبعد من الجانب الصحي للحيوانات، إذ ينعكس على أسعار الماشية، وتكاليف الرعاية البيطرية، وتراجع إنتاج الحليب، وإمكانية فرض قيود تجارية على المناطق التي تشهد تفشيًا. وتفيد دراسات اقتصادية بأن أي تفشٍّ واسع للمرض يؤدي عادة إلى انخفاض قيمة القطعان المصابة وزيادة التكاليف التشغيلية للمزارع. وفي أيرلندا الشمالية، يُعد قطاع الثروة الحيوانية ركيزة أساسية للاقتصاد الريفي، ما يجعل المخاوف من انتشار الفيروس مبررة وذات أهمية كبيرة للمزارعين والجهات الحكومية.

خطوات مستقبلية لمواجهة احتمالات التفشي
تعمل السلطات في الوقت الراهن على إعداد خطة استجابة متدرجة تشمل مراقبة مستمرة، وحملات للتوعية، وتعزيز البنية البيطرية المحلية. وتشمل الخطط كذلك دعم الأبحاث العلمية حول تأثير تغيّر المناخ على انتشار الأمراض، ودراسة توسيع برامج التطعيم في حال تأكد التفشي. كما تدرس الجهات المختصة إمكانية زيادة الاستثمار في أنظمة الكشف المبكر، التي تعتمد على تقنيات استشعار متقدمة للتحذير من احتمالات انتشار الفيروس قبل ظهوره فعليًا داخل القطعان.

هل يشكل فيروس اللسان الأزرق خطرًا على البشر؟
لا، المرض لا يصيب البشر على الإطلاق ولا يمثل أي تهديد للصحة العامة أو سلامة الغذاء.

ما أهم أعراض إصابة الأبقار بالفيروس؟
تورم اللسان وازرقاقه، ارتفاع الحرارة، صعوبة التنفس، انخفاض إنتاج الحليب، وقد يؤدي لنفوق الحيوان في الحالات الشديدة.

كيف ينتشر المرض بين الحيوانات؟
ينتقل عبر لدغات البعوض من نوع Culicoides، ولا ينتقل عبر اللمس أو الطعام.

هل يمكن السيطرة على المرض؟
نعم، من خلال قيود الحركة، وتحديد مناطق السيطرة، وتطبيق إجراءات الأمن الحيوي، والحد من انتشار البعوض.

هل يُتوقع انتشار المرض إلى مناطق أخرى؟
الأمر يعتمد على نتائج التحقيقات وفحوص العينات، لكن البعوض قد ينقل المرض إذا لم تُتخذ التدابير الوقائية.

اقرأ أيضًا: أسوأ كارثة طبيعية تضرب إندونيسيا منذ عقود.. حصيلة الفيضانات والانهيارات الأرضية تتفاقم إلى 818 قتيلًا و402 مفقود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى