أسوأ كارثة طبيعية تضرب إندونيسيا منذ عقود.. حصيلة الفيضانات والانهيارات الأرضية تتفاقم إلى 818 قتيلًا و402 مفقود
الترند العربي – متابعات
تعيش إندونيسيا أيامًا عصيبة بعدما ضربت موجة فيضانات وانهيارات أرضية غير مسبوقة مناطق واسعة من البلاد، مخلّفة واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث. فقد أعلنت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 818 قتيلًا، بينما لا يزال 402 شخص في عداد المفقودين، وسط تأكيدات رسمية أن الأرقام مرشحة للارتفاع خلال الساعات المقبلة نظرًا لصعوبة الوصول إلى كثير من القرى المتضررة. وتأتي هذه الفيضانات في سياق سلسلة من الأحداث المناخية العنيفة التي تشهدها المنطقة، في ظل تفاقم تأثيرات تغيّر المناخ التي تضاعف من شدة الأمطار ومن احتمالية وقوع الانهيارات الأرضية في المناطق الجبلية المكتظة بالسكان.

انهيار البنية التحتية وصعوبات التنقل تزيد مستوى الكارثة
تسببت الفيضانات في قطع الطرق الرئيسية والجسور الحيوية التي تربط المدن بالقرى الجبلية، مما جعل مهمة فرق الإنقاذ أكثر تعقيدًا. وقد أفادت الهيئة الوطنية بأن كثيرًا من القرى ما زالت معزولة بالكامل بعد أن طمرتها الأوحال أو جرفتها السيول. وتعمل القوات الحكومية والمتطوعون على مدار الساعة لفتح ممرات آمنة للوصول إلى المناطق المحاصرة، لكن كميات المياه الهائلة والانزلاقات المتكررة تحول دون تحقيق تقدم سريع. وتسببت هذه الانقطاعات في نقص شديد في الغذاء والمياه والمواد الطبية الأساسية، فيما تحذر المنظمات الإنسانية من أن الوضع قد يتحول إلى أزمة إنسانية واسعة إذا لم يتم تأمين الإمدادات خلال الساعات القادمة.

سومطرة في قلب الأزمة.. آلاف العائلات بلا مأوى
جزيرة سومطرة، التي تُعد من أكبر الجزر الإندونيسية وأكثرها كثافة سكانية، كانت الأكثر تضررًا من الكارثة. فقد جرفت الفيضانات عشرات القرى وأغرقت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ودفعت الآلاف إلى النزوح نحو مناطق مرتفعة. وتنتشر الآن مراكز إيواء مؤقتة في 14 منطقة داخل الجزيرة، بينما تعمل الحكومة على إنشاء ممرات إجلاء إضافية لاستقبال المزيد من العائلات التي تزال محاصرة في مناطق inaccessible بسبب انهيار الطرق الترابية وانجراف التربة. وتشير التقارير إلى أن بعض القرى اختفت بالكامل تحت طبقات من الطين الصخور، ما يجعل عمليات البحث أصعب بكثير من التوقعات الأولية.

ارتفاع أعداد الجرحى وتحديات الرعاية الطبية
وصل عدد الجرحى إلى 646 شخصًا وفقًا للبيانات الرسمية، بينهم العشرات في حالات حرجة يحتاجون إلى تدخل طبي عاجل. ولكن الإمدادات الطبية تواجه تأخيرًا كبيرًا بسبب تعطل الطرق وغياب البنية التحتية المناسبة. وتعمل المستشفيات في المناطق المتضررة بطاقتها القصوى وسط نقص حاد في القوى العاملة الطبية، مما دفع السلطات إلى إرسال فرق طبية متنقلة إلى المناطق النائية. كما طلبت الحكومة الإندونيسية دعمًا دوليًا لتوفير مستلزمات الطوارئ، خاصة معدات الإنقاذ والأدوية المضادة للعدوى، في ظل المخاوف من انتشار الأمراض نتيجة تلوث المياه وتعطل شبكات الصرف.

الأمطار الموسمية تتسبب في كارثة واسعة
تُعد الفيضانات والانزلاقات الأرضية ظاهرة معتادة في إندونيسيا خلال موسم الأمطار، لكن شدة الهطولات هذا العام فاقت كل التوقعات. فقد شهدت البلاد في الأيام الأخيرة ما يُعد الأعلى في معدل الأمطار منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث تسببت السحب الركامية المتحركة والسحب الممطرة في إغراق مناطق كاملة خلال ساعات. ويشير خبراء الأرصاد إلى أن هذه الظواهر مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة العالمية وزيادة وتيرة الاضطرابات المناخية التي تؤدي إلى تكوّن غيوم كثيفة تتسبب في هطول مطري عنيف ومفاجئ.

تحذيرات من استمرار تدهور الوضع في الأيام القادمة
أصدرت هيئة الأرصاد الإندونيسية تحذيرات من احتمال استمرار الأمطار الغزيرة على مدى الأيام المقبلة، مما قد يؤدي إلى فيضانات جديدة أو انهيارات إضافية في المناطق التي باتت تربتها هشّة جدًا. وتعمل السلطات على إخلاء القرى المهددة وإقامة حواجز مؤقتة لمنع انزلاق التربة، بينما تستعد القوات الحكومية لنشر المزيد من المعدات الثقيلة لفتح الطرق الجبلية وإزالة الأنقاض. ويؤكد الخبراء أن موجة جديدة من الأمطار قد تجعل جهود الإنقاذ شبه مستحيلة، ما يرفع من معدلات الخطر على السكان العالقين.
الجيش والشرطة في حالة استنفار كامل لدعم عمليات الإنقاذ
أعلنت الحكومة الإندونيسية تعبئة مئات الجنود ورجال الشرطة لدعم عمليات الإغاثة وفتح الطرق وتوفير الحماية لمراكز الإيواء. وتعمل القوات الجوية على نقل المساعدات جويًا إلى المناطق المحاصرة، كما تستخدم طائرات الهليكوبتر لانتشال العالقين في القرى الجبلية. وقد أظهرت المشاهد التي بثتها وسائل الإعلام حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمنازل والبنى التحتية، وتركت آلاف الأسر دون مصدر للمأوى أو الغذاء.
تفاقم الأزمة الإنسانية ونداء استغاثة دولي
في ظل هذه الظروف، أعلنت الحكومة الإندونيسية حاجتها العاجلة للدعم الدولي، لا سيما في توفير معدات البحث والإنقاذ المتقدمة، مثل أجهزة الاستشعار الحرارية وكاميرات تحديد المواقع، التي تساعد في تحديد مواقع المفقودين تحت الأنقاض. كما ناشدت المنظمات الإنسانية بتقديم خيام ومولدات كهرباء وحصص غذائية جاهزة، إضافة إلى توفير أطباء متخصصين في إدارة الكوارث. وتخشى السلطات من حدوث موجة نزوح واسعة إذا لم تتم السيطرة على الوضع خلال الأيام المقبلة، خصوصًا أن بعض المناطق تعتمد كليًا على المساعدات الجوية.
ظروف صعبة تجعل الوصول للمفقودين معركة مع الزمن
تشير فرق الإنقاذ إلى أن احتمالات العثور على ناجين تقل مع مرور الوقت، بينما لا تزال بعض المناطق inaccessible تمامًا. وفي كثير من القرى، تقوم فرق محلية بالحفر بأدوات بدائية بحثًا عن جثث أو ناجين محتملين. ويؤكد المسؤولون أن تضاريس سومطرة الجبلية والتربة الرخوة تجعل عمليات الحفر خطرة للغاية. وتعمل الفرق الدولية التي بدأت بالوصول على تقييم الأضرار وتحديد أكثر المناطق حاجة للتدخل السريع.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد
من المتوقع أن تترك الفيضانات آثارًا اقتصادية ضخمة، خاصة في قطاع الزراعة الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي لآلاف العائلات في سومطرة. إذ جرفت السيول آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، وألحقت ضررًا كبيرًا بالمحاصيل. كما يتوقع الخبراء أن تستغرق عملية إعادة إعمار البنية التحتية عدة أشهر وربما أكثر، نظرًا لحجم الأضرار التي طالت شبكات الطرق والمياه والكهرباء. وتتخوف الحكومة من أن يتسبب النزوح المؤقت في خلق أزمة اقتصادية للسكان الذين فقدوا مصدر رزقهم.
دور المنظمات الإنسانية المحلية في مواجهة الكارثة
تشارك عشرات المنظمات المحلية في تقديم الدعم للسكان المتضررين، من خلال توزيع الطعام والمياه وفتح مراكز إيواء مؤقتة. وقد لعبت مجموعات المتطوعين دورًا مهمًا في إنقاذ العديد من العالقين قبل وصول فرق الإنقاذ الحكومية. ورغم الجهود المبذولة، إلا أن نقص المعدات المتخصصة يجعل من الضروري التدخل الدولي لدعم عمليات البحث.
قلق دولي ومخاوف من تكرار الكارثة
أعربت عدة دول عن تضامنها مع إندونيسيا وأبدت استعدادها لدعم جهود الإغاثة، فيما دعا خبراء البيئة إلى ضرورة وضع خطط طويلة الأمد للتعامل مع تغيّر المناخ الذي يتسبب في تفاقم الظواهر الطبيعية العنيفة. وتعمل الحكومة على تقييم الوضع بهدف وضع إجراءات مستقبلية لحماية المدن والقرى المهددة بانهيارات أرضية جديدة.
ما سبب ارتفاع حصيلة الضحايا إلى هذا الحد؟
الفيضانات جاءت بشكل مفاجئ وبمستويات هائلة، كما ترافقت مع انهيارات أرضية طمرت مناطق بأكملها، إضافة إلى صعوبة وصول فرق الإنقاذ.
لماذا تُعد جزيرة سومطرة الأكثر تضررًا؟
بسبب تضاريسها الجبلية، وهشاشة تربتها، وكثافة السكان في المناطق المعرضة للانزلاق، ما جعل الأضرار أكبر مقارنة ببقية المناطق.
هل من المتوقع أن ترتفع الأعداد أكثر؟
نعم، مع وجود 402 مفقود وعدم القدرة على الوصول إلى العديد من القرى المنعزلة، يرجح الخبراء ارتفاع عدد الضحايا.
ما هي جهود الحكومة الحالية؟
إرسال قوات إضافية، تشغيل طائرات الإنقاذ، فتح مراكز إيواء، طلب دعم دولي، وإعادة فتح الطرق المغلقة.
هل للأمطار القادمة تأثير على الوضع؟
تشير التوقعات إلى استمرار الأمطار، مما يزيد احتمالية انهيارات جديدة ويعقّد عمليات الإنقاذ.
اقرأ أيضًا: ابتكارات طبية تغير مستقبل العلاج.. السعودية تدخل مرحلة جديدة في مواجهة السرطان


