تفشٍ صحي يثير القلق في شرق إفريقيا.. ارتفاع وفيات حمى ماربورغ في إثيوبيا وتوسّع فرق الاستجابة الدولية
الترند العربي – متابعات
تعيش إثيوبيا حالة استنفار صحي بعد إعلان منظمة الصحة العالمية ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة بحمى ماربورغ إلى 12 إصابة منذ منتصف نوفمبر، بينها 8 حالات وفاة، في ما وصفته المنظمة بأنه “تفشٍ يجب التعامل معه بأقصى درجات اليقظة والجاهزية”. هذا الإعلان يعيد إلى الواجهة أحد أخطر الفيروسات القاتلة في العالم، والذي ينتمي إلى العائلة نفسها لفيروس إيبولا، ويتميز بمعدل وفيات مرتفع وقدرة على الانتشار السريع داخل المجتمعات التي تعاني من ضعف في البنية الصحية. وفي ظل تحركات عاجلة من الحكومة الإثيوبية والمنظمات الدولية، تتزايد المخاوف من اتساع رقعة التفشي، خصوصًا مع تسجيل حالات جديدة في مدينة أواسا ومنطقة جينكا، حيث تعمل الفرق الطبية على تطويق بؤر الإصابة ومنع انتقال العدوى إلى محافظات أخرى.

تفاصيل الإصابات الأولى.. وكيف بدأت بوادر التفشي؟
بحسب ما أكده المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فقد بدأت أولى الإشارات على ظهور المرض في 13 نوفمبر الجاري، عندما أبلغت السلطات الصحية الإثيوبية عن إصابات غير معلومة السبب في مناطق ريفية جنوب البلاد. وبعد إجراء الفحوص المخبرية، تبيّن أن الحالات تعاني من عدوى فيروس ماربورغ. وسرعان ما ارتفع عدد الإصابات المؤكدة إلى 12 حالة، توفي منها 8 حتى الآن، وهو ما يمثّل معدل وفاة مرتفعًا يعكس خطورة الفيروس على السكان المحليين وعلى الطواقم الطبية كذلك.
ويُعرف فيروس ماربورغ بقدرته على الانتشار من خلال المخالطة المباشرة لسوائل الجسم، وبسرعة تدهور حالة المصاب في غضون أيام قليلة. وقد واجهت إثيوبيا خلال الأسابيع الماضية تحديات كبيرة في تحديد المخالطين للمصابين، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها، مما جعل مهمة احتواء المرض أكثر تعقيدًا.

استجابة دولية عاجلة.. فرق طبية إلى أواسا وجينكا
أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها استجابت لطلب الحكومة الإثيوبية عبر إرسال لوازم اختبار إضافية ومجموعة كبيرة من معدات الوقاية الشخصية، التي تُعد أساسية لحماية الكوادر الصحية من انتقال العدوى أثناء رعاية المرضى. وتشمل هذه المستلزمات أقنعة عالية الكفاءة، وملابس عازلة، وأدوات فحص ميدانية، إضافة إلى تجهيزات متقدمة تساعد الفرق على متابعة انتشار المرض داخل التجمعات السكانية.
كما نشرت المنظمة فريقين من خبرائها في منطقتي أواسا وجينكا، وهما من أكثر المناطق التي تشهد حاليًا تسجيل إصابات جديدة. ويضم الفريقان مختصين في إدارة الحالات المعقدة، وخبراء في تتبع سلاسل العدوى، وأطباء شاركوا سابقًا في الاستجابة لتفشي أمراض خطيرة في إفريقيا مثل إيبولا وتشابك الفيروسات النزفية الأخرى. وتستهدف المهمة الجديدة تعزيز قدرة النظام الصحي الإثيوبي على التعامل السريع مع الحالات، وفحص المخالطين، وتقديم التوعية الميدانية للسكان حول كيفية الوقاية من الفيروس.

مدينة أواسا مركز قلق جديد.. تسجيل إصابة نتيجة المخالطة المباشرة
أبلغت السلطات الإثيوبية هذا الأسبوع عن حالة جديدة في مدينة أواسا، تعود لشخص خالط مريضًا مصابًا بالفيروس، مما يشير إلى أن انتقال العدوى لا يزال نشطًا داخل المجتمع. ويخشى الخبراء من أن يؤدي تأخر اكتشاف الحالات أو عدم الإبلاغ عنها في الوقت المناسب إلى اتساع رقعة المرض. حيث أن العديد من المناطق المصابة تقع في تجمعات ريفية ذات موارد صحية محدودة، ما يصعب مهمة المراقبة الدقيقة لحركة المصابين والمخالطين.
وتعمل وزارة الصحة الإثيوبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية على فرض نظام مراقبة نشط في المستشفيات والمراكز الطبية، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة على كيفية تحديد الحالات المحتملة والتعامل معها بأقصى درجات الحذر. كما أطلقت السلطات حملات توعية عبر الإذاعات المحلية للتعريف بأعراض ماربورغ، بما في ذلك الحمى الشديدة والتقيؤ والإسهال والنزيف الداخلي، وهي أعراض تتشابه في بدايتها مع أمراض أخرى منتشرة، مما يجعل التشخيص المبكر ضرورة قصوى.

ماربورغ.. فيروس قاتل تاريخيًا ومرتبط بأعلى نسب الوفيات
تعود معرفة العالم بفيروس ماربورغ إلى ستينيات القرن الماضي، عندما ظهر لأول مرة في مدينة ماربورغ الألمانية بين موظفي مختبرات أبحاث كانوا يتعاملون مع قرود مستوردة من أوغندا. ومنذ ذلك الحين، شهدت إفريقيا العديد من موجات التفشي، كان بعضها ذا معدلات وفيات تجاوزت 80%. ويُعتبر الفيروس من أشد الأمراض خطورة في العالم، نظرًا لعدم وجود علاج نوعي أو لقاح معتمد ضدّه حتى اللحظة، وإمكانية أن يتسبب في صدمة نزفية تؤدي إلى الوفاة خلال أيام قليلة.
ويُرجح العلماء أن الخفافيش الثمرية هي الخزان الطبيعي للفيروس، حيث تنتقل العدوى إلى البشر عبر الاحتكاك المباشر، قبل أن تنتشر بين أفراد المجتمع عبر سوائل الجسم. وتُعد ظروف السكن المزدحمة والفقر وضعف الأنظمة الصحية عوامل أساسية تزيد خطر انتشار المرض في عدة دول إفريقية.

قلق إقليمي ودولي من امتداد التفشي خارج حدود إثيوبيا
تمثل إثيوبيا نقطة عبور مهمة لملايين البشر سنويًا، ما يجعل تفشي فيروس ماربورغ فيها مصدر قلق للدول المجاورة وكذلك للمجتمع الدولي. ورغم أن الحالات الحالية ما زالت محصورة داخل مناطق معينة، فإن سرعة التحرك الدولي تعكس حجم المخاوف من احتمال انتقال العدوى عبر السفر البري والجوي.
وتوصي منظمة الصحة العالمية الدول المجاورة برفع حالة الاستعداد وتفعيل أنظمة الكشف السريع في مطاراتها وحدودها البرية، إضافة إلى توعية المسافرين حول مخاطر مخالطة الحالات المشتبه بها أو التواجد في مناطق تشهد انتشارًا نشطًا للفيروس.
صعوبات ميدانية في احتواء التفشي.. نقص كوادر وخطر عدوى
يواجه العاملون في القطاع الصحي الإثيوبي تحديات كبيرة في التعامل مع تفشي ماربورغ، حيث يتطلب العلاج إجراءات عزل صارمة وارتداء معدات حماية متقدمة بشكل مستمر. كما يؤدي نقص الموارد الطبية وصعوبة النقل بين المناطق إلى إبطاء عمليات الاستجابة، فيما تشكل المسافة بين المدن والقرى عائقًا إضافيًا أمام متابعة المخالطين.
ومع أن فرق منظمة الصحة العالمية تعمل جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الصحية المحلية، إلا أن استمرار تسجيل إصابات جديدة يعني أن الطريق نحو السيطرة الكاملة على تفشي الفيروس ما يزال طويلًا ومعقدًا.
استمرار التحقيقات حول مصدر العدوى وانتقالها في المجتمع
تشير البيانات الأولية إلى أن مصدر التفشي الحالي قد يكون مرتبطًا باحتكاك مع الحيوانات البرية أو انتقال العدوى من شخص لآخر في مناطق محددة. وتعمل فرق التقصي الوبائي على تحليل سلوك الفيروس داخل المجتمعات المصابة، ودراسة العلاقات بين الحالات لمعرفة ما إذا كان التفشي مرتبطًا ببؤرة واحدة أم بعدة بؤر متفرقة. كما يجري تحليل عينات المرضى داخل مختبرات متقدمة لتحديد سلالة الفيروس وفهم تطورها مقارنة بسلالات سابقة ظهرت في تنزانيا وغينيا وأوغندا.
احتمالات توسع التفشي.. السيناريوهات المستقبلية والتوقعات الصحية
بحسب خبراء الوبائيات، فإن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه التفشي. فإذا تمكنت الفرق الطبية من تحديد جميع المخالطين وعزل الحالات المشتبه بها، فقد ينخفض معدل الانتشار تدريجيًا. أما إذا ظهرت إصابات جديدة في مناطق لم تسجّل حالات في السابق، فقد يؤدي ذلك إلى انتقال المرض إلى مرحلة أكثر خطورة تتطلب دعمًا دوليًا أكبر وإجراءات عزل أوسع نطاقًا.
تجارب سابقة تؤثر على طريقة الاستجابة الحالية
تعتمد منظمة الصحة العالمية في استجابتها الحالية على خبراتها الواسعة المكتسبة من مواجهة تفشي إيبولا وماربورغ في السنوات الماضية. فقد شارك العديد من خبراء المنظمة في تدريبات الاستجابة الطارئة التي أجريت داخل إفريقيا، مما مكنهم من التحرك بسرعة عالية وبأسلوب فعال يركز على التصدي المبكر لانتقال العدوى. بينما تعتمد إثيوبيا على شبكة واسعة من العاملين في الرعاية الصحية المجتمعية، الذين يلعبون دورًا مهمًا في نشر المعلومات وتحديد الحالات في القرى البعيدة.
جهود منع انتشار الشائعات وتضليل السكان
تحذر السلطات الصحية من أن انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة حول المرض قد يعيق الجهود المبذولة لاحتوائه، خاصة في المجتمعات الريفية التي ترتفع فيها نسبة الامتناع عن الإبلاغ خوفًا من العزل أو الوصمة الاجتماعية. ولذلك تعمل الحكومة ومنظمة الصحة العالمية على إطلاق برامج توعية عبر الإذاعات المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز ثقافة الإبلاغ المبكر.
ما هو فيروس ماربورغ؟
هو فيروس نزفي حاد ينتمي لعائلة فيروسات إيبولا، يسبب حمى شديدة ونزيفًا داخليًا وقد يؤدي للوفاة خلال أيام في حال عدم علاجه.
هل هناك علاج محدد لحمى ماربورغ؟
لا يوجد علاج نوعي حتى الآن، ويعتمد التدخل على تعويض السوائل، ودعم وظائف الأعضاء، وعزل المريض للحد من انتشار الفيروس.
كيف ينتشر ماربورغ بين البشر؟
ينتقل عبر سوائل الجسم مثل الدم والعرق واللعاب والقيء، أو عبر ملامسة الأسطح الملوثة بإفرازات المصابين.
هل يمكن أن ينتشر المرض خارج إثيوبيا؟
نعم، نظريًا يمكن ذلك إذا لم تُتخذ إجراءات وقائية، خصوصًا في ظل حركة السفر والتنقل الإقليمي، لكن الجهود الحالية تسعى لمنع هذا السيناريو.
ما خطورة المرض على الطواقم الطبية؟
الطواقم الطبية من أكثر الفئات عرضة للإصابة، لذا تفرض منظمة الصحة العالمية بروتوكولات حماية صارمة وتدريبًا عاليًا للحد من انتقال العدوى.

