تقنيةصحة

“طب المستقبل”.. المستشفيات السعودية تدخل عصر الجراحة بالذكاء الاصطناعي

الترند العربي – متابعات

في تحولٍ غير مسبوق يشهده القطاع الصحي السعودي، تدخل المستشفيات مرحلة جديدة من التطور الطبي مع اعتماد الذكاء الاصطناعي في التشخيص والجراحة عن بُعد، في خطوة تُترجم أهداف رؤية السعودية 2030 نحو بناء منظومة رعاية صحية رقمية متكاملة تعتمد على الابتكار والتقنية المتقدمة.

تحول رقمي يعيد رسم المشهد الطبي

لم تعد غرف العمليات كما كانت، فاليوم تُدار الجراحات الكبرى في بعض المستشفيات السعودية عبر أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تُمكّن الأطباء من إجراء عمليات دقيقة عن بُعد، وتحليل الصور الطبية في ثوانٍ بدل ساعات.

وزارة الصحة السعودية وهيئة الذكاء الاصطناعي “سدايا” تقودان هذا التحول من خلال دمج أدوات التعلم العميق وتحليل البيانات في بنية المستشفيات الحديثة، لتتحول التقنيات من أداة مساعدة إلى شريك فعلي في القرار الطبي.

الجراحة الذكية.. أيدٍ بشرية بعقل آلي

في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، على سبيل المثال، تم إجراء عدد من العمليات الروبوتية عالية الدقة، باستخدام أذرع جراحية متصلة بأنظمة رؤية ثلاثية الأبعاد مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

هذه التقنية لا تكتفي بتوجيه الأدوات الجراحية فحسب، بل تحلل حركة اليد البشرية وتصححها آليًا في اللحظة نفسها لتفادي الأخطاء الدقيقة التي قد لا يلاحظها الطبيب.

وتُمكّن المنصات المتطورة مثل Da Vinci Surgical System من إجراء جراحات القلب والأعصاب والمسالك البولية عبر تحكم آمن عن بُعد، ما يفتح المجال لتوسيع نطاق الخدمات الطبية في المدن والمناطق الطرفية.

التشخيص الآلي.. سرعة تفوق الخبرة البشرية

خوارزميات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على تحليل صور الأشعة والرنين المغناطيسي واكتشاف الأورام بدقة تتجاوز 95% في بعض الحالات، وفق تقارير هيئة الغذاء والدواء السعودية.

في مستشفى الملك عبدالله الجامعي، ساهم النظام الذكي الجديد في خفض وقت التشخيص بنسبة 60% وتحسين كفاءة الأطباء في اتخاذ القرار العلاجي، خصوصًا في الأمراض المزمنة كالقلب والسرطان والسكري.

ويُستخدم الذكاء الاصطناعي أيضًا في التنبؤ بالمضاعفات الخطيرة من خلال قراءة السجلات الطبية الإلكترونية وتحليل أنماطها، ما يمكّن من التدخل المبكر وإنقاذ الأرواح.

الطبيب الرقمي والمريض الذكي

مع هذا التطور، لم يعد الطبيب وحده محور المنظومة، بل أصبح المريض جزءًا من التجربة الذكية.
تطبيقات وزارة الصحة مثل “صحتي” و**“موعد”** أصبحت تجمع بيانات المرضى وتربطها بخدمات تحليل فوري مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يتيح مراقبة المؤشرات الحيوية بشكل مستمر.

وتعمل الفرق الطبية الآن على تطوير ما يُعرف بـ “المساعد الطبي الافتراضي” القادر على الرد الفوري على استفسارات المرضى، وتحديد المواعيد، بل وتقديم استشارات أولية بناءً على تاريخ المريض الصحي.

جراحة بلا حدود.. المستقبل عن بُعد

بفضل شبكات الاتصال فائقة السرعة وتقنيات الجيل الخامس، أصبح بإمكان الأطباء في الرياض أو جدة إجراء عمليات جراحية لمرضى في مناطق نائية دون الحاجة إلى تنقل المرضى أو الأطباء.

التجارب الأولية في الجراحة عن بُعد التي أجريت بين مستشفيات في المدينة المنورة وتبوك أظهرت نتائج مبهرة من حيث الدقة وسلامة المرضى، وهو ما يشكل نقلة نوعية في مفهوم العدالة الصحية والوصول المتكافئ للخدمة الطبية.


الابتكار السعودي في قلب الثورة الطبية

إلى جانب استيراد التكنولوجيا، بدأت الجامعات ومراكز الأبحاث السعودية بتطوير حلولها الخاصة.

فقد أعلن مركز الأبحاث بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) عن تصميم نموذج ذكاء اصطناعي طبي يعتمد على تحليل الصور النسيجية للكشف المبكر عن السرطان بنسبة دقة تجاوزت 90%.

كما يجري العمل على مشروع سعودي لابتكار روبوت جراحي محلي الصنع يتم التحكم به عن طريق واجهة عصبية ذكية.

التحديات الأخلاقية والتنظيمية

رغم هذا التقدم، يظل السؤال مطروحًا حول حدود تدخل الذكاء الاصطناعي في القرار الطبي.

هيئة الذكاء الاصطناعي ووزارة الصحة وضعتا إطارًا تشريعيًا يضمن أن تكون الأنظمة الذكية أدوات داعمة لا بدائل للبشر، مع إلزام المستشفيات بحماية خصوصية بيانات المرضى وضمان عدم استخدامها خارج النطاق الطبي المصرّح به.

الآفاق المستقبلية

يتوقع خبراء الصحة أن يشهد العقد المقبل انتشارًا واسعًا للجراحة الآلية والتشخيص المعزز بالذكاء الاصطناعي في المملكة، بما يجعل الطب السعودي من بين الأكثر تقدمًا في الشرق الأوسط.

فمن الجراحة عن بُعد إلى التحليل الوقائي، يبدو أن المستقبل الطبي في السعودية يُكتب اليوم بخوارزميات وبيانات لا تقل دقة عن يد الجراح.

هل تُستخدم الجراحة الروبوتية في السعودية فعلاً؟
نعم، تُجرى عمليات دقيقة باستخدام أنظمة روبوتية مثل Da Vinci في مستشفيات متقدمة بالمملكة.

هل الذكاء الاصطناعي يُشخّص الأمراض؟
يُستخدم لتحليل صور الأشعة والرنين المغناطيسي، ويصل في بعض الحالات إلى دقة تتجاوز الأطباء البشريين.

هل الجراحة عن بُعد متاحة لجميع المناطق؟
تُجرى تجارب في مناطق محددة، ومن المتوقع توسيعها تدريجيًا مع انتشار شبكات الجيل الخامس.

هل تحل الأنظمة الذكية محل الأطباء؟
لا، بل تعمل كمساعد ذكي يُحسّن القرار الطبي دون المساس بدور الطبيب الإنساني.

اقرأ أيضًا: بسعة 10 آلاف مستفيد في الساعة.. إطلاق أول “عيادة توحد افتراضية” في المملكة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى