منوعاتاقتصاد

انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة

الترند العربي – متابعات

يشهد القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية مرحلة غير مسبوقة من النمو والتحول، حيث لم يعد مجرد مساحة مساندة للدولة أو الفعل الخيري التقليدي، بل أصبح ركيزة اقتصادية وإدارية مؤثرة، وجزءًا أصيلًا من تنفيذ مستهدفات رؤية السعودية 2030. ومع صدور أحدث البيانات الرسمية واستضافة المملكة لمنتدى القطاع غير الربحي الدولي 2025، بات واضحًا أن المملكة تنتقل بهذا القطاع إلى عصر جديد من المهنية، والحوكمة، والابتكار، والاستدامة. ويعكس تضاعف عدد المنظمات، وتزايد أعداد المتطوعين، وارتفاع حجم المساهمة الاقتصادية، تحولًا حقيقيًا في الثقافة الاجتماعية والاقتصادية، مؤذنًا بمرحلة تضع القطاع غير الربحي في قلب مسار التنمية الوطنية.

انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة
انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة

توسع غير مسبوق في حجم المنظمات

يشهد القطاع نموًا متسارعًا في عدد المنظمات العاملة فيه خلال السنوات الأخيرة. فقد تضاعف عدد الكيانات غير الربحية تقريبًا أربع مرات منذ عام 2018، ليصل العدد إلى أكثر من 7 آلاف منظمة متنوعة تشمل جمعيات أهلية، مؤسسات وقفية، صناديق عائلية، ومبادرات مجتمعية منظمة. ويعتبر هذا التوسع علامة على تحسن البيئة التنظيمية والتشريعية، حيث حكمت الدولة إصلاحات جوهرية في الأنظمة، وسهلت إجراءات الترخيص، وربطت المنظمات بجهات تمويل، ومراكز تدريب، ومؤسسات رقابية تضمن جودة الأداء. وتشير البيانات إلى أن عدد الجمعيات الأهلية وحدها تجاوز 5,300 جمعية، إلى جانب 500 مؤسسة أهلية تعمل في قطاعات متنوعة، و850 صندوقًا عائليًا تلعب دورًا مهمًا في التنمية المجتمعية والوقفية. هذا التنوع يعكس نموًا في مستوى الوعي، وارتفاع مؤشرات المشاركة المدنية، وزيادة في توجه الأفراد والقطاعات الخاصة للمساهمة المنظمة في مسار التنمية.

انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة
انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة

مساهمة اقتصادية تتجاوز 40 مليار ريال

دخل القطاع غير الربحي مرحلة جديدة من التأثير الاقتصادي المباشر، حيث حقق في العامين الماضيين مساهمة تجاوزت 40 مليار ريال سعودي في الاقتصاد الوطني، وفق تصريحات رسمية وتقارير صادرة عن الجهات المختصة. هذه القفزة في حجم المساهمة ليست مجرد أرقام مالية، بل هي انعكاس لدور هذا القطاع في خلق الوظائف، وتحسين جودة الخدمات في المجتمع، ورفع كفاءة العمل التطوعي، وتوسيع دائرة التكامل بين القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي. ويسهم القطاع أيضًا في تحفيز الشركات على تخصيص ميزانيات للمسؤولية الاجتماعية، واستحداث مبادرات اقتصادية ذات أثر يقاس بمؤشرات واضحة. كما دخلت منظمات غير ربحية كبرى على خط الاستثمار الاجتماعي من خلال برامج مستدامة ومشاريع إنتاجية ترتبط بالتعليم، والصحة، والإسكان، والبيئة، والتقنية، مما جعل القطاع شريكًا حقيقيًا في النمو الاقتصادي للمملكة.

انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة
انفجار في العمل الخيري السعودي.. أرقام غير مسبوقة تكشف صعود قطاعٍ يبني مستقبل المملكة

طفرة غير مسبوقة في العمل التطوعي

أحد أهم المؤشرات التي تُظهر حجم التحول في المجتمع السعودي هو النمو المتسارع في عدد المتطوعين، والذي تجاوز لأول مرة 1.2 مليون متطوع في عام 2024، ليتخطى بذلك المستهدف الوطني لرؤية 2030 الذي كان يطمح للوصول إلى مليون متطوع فقط. وتمثل هذه القفزة التاريخية دلالة واضحة على ارتفاع وعي المجتمع بأهمية العمل المجتمعي، وتنظيم الجهود التطوعية بصورة احترافية. وساهمت المنصات الرقمية الرسمية في تسجيل المتطوعين وتوثيق ساعات عملهم، إلى جانب البرامج الحكومية والخاصة التي اتجهت إلى تحويل التطوع إلى جزء من الثقافة اليومية. وامتد التطوع إلى مجالات غير تقليدية مثل التطوع الصحي، البيئي، التقني، الترفيهي، الرياضي، والإغاثي، ما أسهم في توسيع مظلة العمل التطوعي وتأهيل آلاف الشباب عبر برامج تدريبية متخصصة.

دور المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي

يقود هذا التطور المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، الذي يعد الجهة المسؤولة عن وضع المعايير، وتطوير الأطر التنظيمية، وتسهيل تسجيل المنظمات، وضمان التزامها بالحوكمة والشفافية. ويقوم المركز ببناء قدرات المنظمات غير الربحية عبر برامج متخصصة في التخطيط المالي، والتدريب القيادي، وإدارة المشاريع، وقياس الأثر، وهي أدوات أساسية لتطوير أي مؤسسة غير ربحية. ومن خلال هذا الدور المركزي، أصبح القطاع يعمل وفق هياكل واضحة، ومسارات تنظيمية تحميه من المخاطر مثل ضعف الإدارة، أو استخدام الأموال دون رقابة، أو غياب الخطط الاستراتيجية. كما عمل المركز على إطلاق مبادرات تهدف لربط المنظمات بجهات تمويلية، وتطوير شراكات أكثر قوة بين القطاع غير الربحي والقطاع الخاص، ضمن إطار يضمن استدامة التمويل وجودة الأداء.

مجالات التعليم والصحة تتصدر الإيرادات

تشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2023 إلى أن مجالات التعليم والأبحاث تأتي في مقدمة القطاعات الأكثر إيرادًا بنسبة 35% من إجمالي الإيرادات غير الربحية، تليها الصحة بنسبة 26%. وهذا يعكس توجهًا واضحًا لدى القطاع نحو خدمة المجالات التي تشكل العمود الفقري للتنمية البشرية. كما يبرز دور المؤسسات التعليمية غير الربحية في دعم برامج الابتكار، ورعاية الطلاب، وتحسين جودة التعليم في المدن والقرى على حد سواء. أما في القطاع الصحي، فقد توسعت المنظمات غير الربحية في دعم المستشفيات، وتمويل العلاج، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء مراكز متخصصة لعلاج الأمراض المستعصية، إلى جانب دعم برامج التوعية الصحية. هذا التوسع يجعل القطاع شريكًا مهمًا في دعم منظومة الصحة والتعليم في المملكة.

منتدى القطاع غير الربحي الدولي 2025: منصة عالمية

استضافة المملكة لمنتدى القطاع غير الربحي الدولي خلال الفترة من 3 إلى 5 ديسمبر 2025 تمثل محطة مهمة في مسار تعزيز الدور العالمي للقطاع غير الربحي السعودي. فالمنتدى ليس مجرد تجمع محلي، بل حدث دولي يستقطب خبراء من عشرات الدول لبحث أفضل ممارسات الحوكمة، الابتكار الاجتماعي، التمويل المستدام، وتأثير المنظمات غير الربحية في المجتمعات. ويهدف المنتدى إلى توفير خارطة طريق واضحة للقطاع، ودفعه ليكون جزءًا من المشهد الدولي عبر شراكات بين المنظمات السعودية والدولية، وتعزيز قدرات المنظمات المحلية لتنافس عالميًا.

أثر اجتماعي واسع يتجاوز التوقعات

إلى جانب دوره الاقتصادي، أدى القطاع غير الربحي إلى تحسين جودة الحياة في العديد من الجوانب الاجتماعية. فقد توسعت البرامج المعنية برعاية الأسر ذات الدخل المحدود، وارتفعت المبادرات الخاصة برعاية كبار السن، وذوي الإعاقة، والأيتام، إلى جانب برامج التمكين الاقتصادي للمرأة، والمبادرات الخاصة بالحفاظ على التراث والهوية الوطنية. كما ساهم القطاع في تعزيز الاستقرار الاجتماعي عبر صناعة شبكات دعم مجتمعية تعمل على ربط الأفراد والجهات ذات العلاقة ضمن نظم فعالة لتبادل الخدمات. وارتفعت مؤشرات رضا المستفيدين من خدمات القطاع غير الربحي بنسبة كبيرة، بفضل التحول نحو العمل المؤسسي القائم على قياس الأثر وتحليل البيانات.

القطاع غير الربحي والاقتصاد السعودي الجديد

تضع رؤية السعودية 2030 القطاع غير الربحي ضمن منظومة الاقتصاد الجديد التي تُبنى على الابتكار، والكفاءة، والاستدامة الاجتماعية. وقد بدأ القطاع يسهم بشكل واضح في تقليل الأعباء المالية على الدولة عبر دعمه قطاعات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. كما بدأ يظهر تأثير القطاع في دعم الكفاءات الوطنية عبر برامج تدريبية وتطوعية ساهمت في تحسين مهارات الشباب وتهيئتهم لسوق العمل. ومن المتوقع أن يستمر النمو في السنوات المقبلة، مع دخول مجالات جديدة مثل التقنية، الريادة الاجتماعية، ومراكز الابتكار التي تعمل على تقديم حلول للمشكلات المجتمعية بطريقة مبتكرة.

المستقبل: شراكات، وابتكار، واستدامة

يتجه القطاع نحو نموذج أكثر تطورًا يعتمد على الشراكات بين الحكومة، القطاع الخاص، والمنظمات غير الربحية. ومن المتوقع أن تتوسع الاستثمارات الاجتماعية عبر أدوات تمويلية جديدة مثل الصناديق الوقفية الذكية، السندات الاجتماعية، وتمويل المشاريع القابلة للقياس. كما يتوقع أن يرتفع الاعتماد على التكنولوجيا في إدارة العمل غير الربحي، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، وإدارة المتطوعين، وقياس النتائج. ويعزز هذا التوجه قدرة القطاع على استدامة أثره، وضمان استمرار مساهمته في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر يدعم مستقبل المملكة.

ما هو سبب النمو المتسارع للقطاع غير الربحي السعودي؟
يعود إلى البيئة التشريعية الحديثة، ودعم القيادة، وإصلاحات الحوكمة، وتوسع المجتمع في العمل التطوعي.

هل يساهم القطاع غير الربحي فعليًا في الاقتصاد الوطني؟
نعم، بأكثر من 40 مليار ريال خلال عامين فقط، من خلال خلق وظائف وتحسين جودة الخدمات المجتمعية.

ما هي مجالات القطاع الأكثر تأثيرًا؟
التعليم، الصحة، الرعاية الاجتماعية، والابتكار المجتمعي.

هل تجاوزت المملكة مستهدف رؤية 2030 للتطوع؟
نعم، حيث وصل عدد المتطوعين إلى 1.2 مليون متطوع، متجاوزًا مستهدف المليون.

اقرأ أيضًا: قفزة صحية تُغيّر وجه السعودية.. متوسط العمر يقترب من 80 عامًا وتحولات غير مسبوقة في مؤشرات الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى