صحة

“إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة”

الترند العربي – متابعات

في خطوة طبية متقدمة تُضاف إلى سلسلة الإنجازات التي تشهدها المدينة المنورة في المجال الصحي، تمكن فريق طبي متخصص بمركز الأشعة التداخلية في مستشفى الولادة والأطفال بمدينة الملك سلمان الطبية من إجراء قسطرة نادرة ودقيقة لتوسيع الشريان الكلوي لطفل يبلغ من العمر 8 سنوات، كان يعاني من ارتفاع حاد في ضغط الدم نتيجة تضيق شديد في الشريان المغذي للكلية.
ويُعد هذا الإجراء من العمليات النادرة والمعقدة في فئة الأطفال، إذ تتطلب مهارة استثنائية وتقنيات دقيقة للتعامل مع الأوعية الدموية الصغيرة والحساسة في هذه الفئة العمرية.

"إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة"
“إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة”

بداية الحالة.. رحلة معاناة امتدت لأشهر

بدأت قصة الطفل عندما لاحظ والداه معاناته من صداع متكرر، وإرهاق دائم، وتسارع في ضربات القلب، وهي أعراض غير معتادة في هذا العمر.
وعند مراجعة العيادات المتخصصة، كشفت الفحوص الطبية أن الطفل يعاني من ارتفاع ضغط دم شديد وغير مستقر، لا يستجيب للعلاج الدوائي، وهو ما أثار شكوك الأطباء بوجود سبب عضوي داخل الجهاز الكلوي.

تم تحويل الطفل إلى مركز الأشعة التداخلية بمدينة الملك سلمان الطبية لإجراء تقييم شامل باستخدام تصوير الأوعية الدموية المتقدم (Angiography)، الذي أظهر تضيقًا حادًا في الشريان الكلوي الأيسر، ما تسبب في ضعف تدفق الدم إلى الكلية وارتفاع ضغط الدم الثانوي.

"إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة"
“إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة”

القسطرة التداخلية.. علاج دقيق بلا جراحة

قرر الفريق الطبي، برئاسة استشاري الأشعة التداخلية الدكتور عبدالله العوفي، تنفيذ عملية قسطرة علاجية دقيقة لتوسيع الشريان الكلوي باستخدام بالون متناهي الصغر، وذلك بديلاً عن الجراحة التقليدية التي تُعد عالية المخاطر في مثل هذه الحالات.

وأوضح التجمع الصحي بالمدينة المنورة أن العملية استغرقت نحو ساعة ونصف فقط، جرى خلالها إدخال القسطرة عبر أحد أوردة الفخذ، وتوجيهها بالأشعة إلى الشريان الكلوي المصاب، ثم نفخ البالون المتخصص لتوسيع مجرى الدم وإزالة التضيق بالكامل.

وبفضل استخدام أنظمة تصوير رقمية عالية الدقة وتقنيات توجيه ثلاثية الأبعاد، تمكن الفريق من الوصول إلى المنطقة الدقيقة في الشريان دون أي مضاعفات.
وقد تمت العملية تحت تخدير موضعي جزئي، لتجنب التأثيرات الجانبية للتخدير الكلي على الطفل.

"إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة"
“إنجاز طبي نادر في المدينة المنورة.. قسطرة تنقذ طفلاً من ضغط دم مزمن دون جراحة”

نتائج فورية وتحسن واضح في الضغط الدموي

ما ميّز هذا الإجراء هو التحسن السريع الذي ظهر على الطفل خلال الساعات الأولى بعد العملية، إذ عاد ضغط دمه إلى المستويات الطبيعية تدريجيًا، وتوقفت الحاجة إلى الأدوية الخافضة للضغط التي كان يعتمد عليها منذ شهور.
كما أكد الفريق الطبي أن الكلية المصابة استعادت تدفق الدم الطبيعي بنسبة 100% وفقًا لتقارير الموجات الصوتية اللاحقة، ولم تُسجل أي مضاعفات أو نزيف أو ارتجاع في الشريان بعد الإجراء.

وأشار تجمع المدينة المنورة الصحي إلى أن الطفل غادر المستشفى بعد 48 ساعة فقط، وهو في حالة مستقرة تمامًا، ويخضع الآن لمتابعة دورية في العيادات المتخصصة لمراقبة ضغط الدم ووظائف الكلى.


ريادة طبية في مجال الأشعة التداخلية للأطفال

تُعد هذه العملية من العمليات الأولى من نوعها في المدينة المنورة، ما يعكس التطور الكبير الذي شهده مركز الأشعة التداخلية بمستشفى الولادة والأطفال بمدينة الملك سلمان الطبية.
فقد نجح المركز في بناء منظومة متكاملة من الخدمات التخصصية التي تشمل علاج التشوهات الوعائية، وسد الأورام الكبدية، وإغلاق النزيف الدماغي، وتوسيع الشرايين الدقيقة عند الأطفال.

وتُعتبر الأشعة التداخلية (Interventional Radiology) واحدة من أكثر تخصصات الطب تطورًا في المملكة، إذ تُتيح إجراء عمليات دقيقة عبر الجلد دون الحاجة لفتح جراحي، بفضل استخدام أنظمة توجيه شعاعية رقمية وتقنيات تصوير ثلاثية الأبعاد، ما يقلل المضاعفات ويختصر مدة البقاء في المستشفى.


المدينة المنورة.. وجهة للطب التخصصي المتقدم

هذا الإنجاز ليس حالة منفردة، بل يأتي ضمن جهود منظومة تجمع المدينة المنورة الصحي في تعزيز دور المدينة كوجهة إقليمية للرعاية التخصصية.
فقد تم في السنوات الأخيرة تجهيز مدينة الملك سلمان الطبية بأحدث التقنيات الطبية، وتطوير كوادر وطنية مدرّبة على إجراء عمليات القسطرة المعقدة، والجراحة الدقيقة للأطفال، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الحياة والرعاية الصحية.

وأكدت إدارة التجمع الصحي أن هذه العملية تجسد مبدأ الرعاية الدقيقة المتمركزة حول المريض، وتبرهن على أن الكوادر السعودية باتت تمتلك الخبرة الكاملة لتنفيذ إجراءات كانت تُجرى سابقًا خارج المملكة.


من الطب التقليدي إلى الطب الموجّه بالدقة

تعتمد مثل هذه العمليات على ما يُعرف بـ الطب الموجّه بالدقة (Precision Medicine)، الذي يهدف إلى تخصيص العلاج بناءً على الحالة الفردية لكل مريض، بدل الاعتماد على الأساليب العامة.
وفي حالة الطفل، ساعدت الفحوص الدقيقة في تحديد سبب ارتفاع الضغط بدقة، مما جعل القسطرة العلاج الأمثل لتوسيع الشريان دون الحاجة لأي تدخل جراحي إضافي.

ويُبرز هذا التطور قدرة الفرق الطبية في المملكة على دمج التكنولوجيا مع الخبرة الإكلينيكية لتقديم علاج آمن وفعال، خصوصًا في الفئات العمرية الحساسة كالأطفال.


الأشعة التداخلية.. مستقبل الطب الحديث في المملكة

شهد تخصص الأشعة التداخلية في السعودية قفزة نوعية خلال السنوات الخمس الماضية، بفضل الدعم الحكومي المستمر وتوسيع برامج التدريب الوطني.
وقد تم اعتماد أكثر من 15 مركزًا متخصصًا للأشعة التداخلية في المستشفيات الكبرى، فيما يجري العمل على افتتاح مراكز مماثلة في مناطق أخرى لتقريب الخدمة من جميع المواطنين.

وتسهم هذه المراكز في تخفيف الضغط على غرف العمليات التقليدية، وتوفير بدائل علاجية آمنة لكبار السن والأطفال والمرضى الذين لا يتحملون الجراحة.
كما تم إدخال الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الإشعاعية ومراقبة تدفق الدم أثناء القسطرة، مما رفع نسب النجاح إلى أكثر من 98% في معظم الإجراءات.


الإنجاز الإنساني قبل الطبي

بعيدًا عن الأرقام، يمثل هذا النجاح قصة أمل جديدة لعائلةٍ كانت تخشى فقدان طفلها بسبب مضاعفات الضغط المزمن.
وقد عبّر والدا الطفل عن امتنانهما للفريق الطبي الذي تابع الحالة منذ لحظة التشخيص حتى الشفاء التام، مشيرين إلى أن ابنهما استعاد نشاطه وابتسامته بعد شهور من المعاناة.

هذا الإنجاز الإنساني يُبرز أن الطب السعودي لم يعد يقدّم العلاج فحسب، بل يصنع الفارق في حياة الأسر، من خلال الجمع بين المهارة الطبية والعناية النفسية الشاملة.


ما سبب ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال؟
يحدث في حالات قليلة بسبب تضيق الشرايين الكلوية أو العيوب الخلقية، بينما في الغالبية يكون مرتبطًا بعوامل وراثية أو أمراض مزمنة.

هل القسطرة آمنة للأطفال؟
نعم، عند إجرائها بواسطة فرق متخصصة وفي مراكز مجهزة، تكون آمنة جدًا وتقل مضاعفاتها عن العمليات الجراحية.

ما نسبة نجاح قسطرة الشريان الكلوي؟
تتجاوز نسبة النجاح 95% عند الأطفال، خصوصًا في المراحل المبكرة من التشخيص.

هل يمكن أن تعود المشكلة مجددًا؟
نادراً، ويتم متابعتها عبر فحوصات دورية للتأكد من استمرار تدفق الدم بشكل طبيعي وعدم عودة التضيق.


خاتمة

يُثبت هذا الإنجاز أن المدينة المنورة لا تحتضن فقط التاريخ الروحي للحضارة الإسلامية، بل أصبحت أيضًا مركزًا متقدّمًا للطب الحديث والتقنيات العلاجية المتطورة.
ومن خلال قصص كهذه، تؤكد الكفاءات السعودية أن الريادة الطبية لم تعد حكرًا على المراكز العالمية، بل تُصنع اليوم في مستشفيات الوطن بأيدٍ وطنية، تضع حياة الإنسان في المقام الأول وتُجسد شعار “الصحة للجميع.. في كل مكان”.

إنقاذ حياة طفل من خلال قسطرة واحدة ليس مجرد عملية، بل هو برهان حي على أن الابتكار والرحمة وجهان لرسالة الطب السعودي الحديث.

اقرأ أيضًا: “إنجاز طبي سعودي غير مسبوق.. علاج أورام الدماغ بالإشعاع داخل العملية بمدينة الملك عبدالله الطبية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى