
من الأزياء التقليدية إلى العالمية.. رحلة القماش المنسوج
الترند العربي – متابعات
منذ آلاف السنين شكّل القماش المنسوج جزءًا لا يتجزأ من حياة البشر، ليس بوصفه مادة للكساء فحسب، بل كوسيلة للتعبير عن الهوية والرموز الثقافية.
رحلة النسيج بدأت بخيوط بسيطة غزلها الإنسان الأول يدويًا، قبل أن تتحول مع مرور الزمن إلى صناعة ضخمة تواكب الموضة العالمية وتتصدر منصات العرض.
جذور تاريخية
تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن أقدم الأقمشة المنسوجة تعود إلى العصر النيوليتي، حيث عُثر على أنسجة كتان في موقع Çatalhöyük بالأناضول تعود إلى نحو 6000 قبل الميلاد.
هذه البدايات البسيطة مهّدت لظهور أدوات النول اليدوي التي سمحت بإنتاج أنماط أكثر تعقيدًا في الصين والهند، وانتقال الحرفة إلى أوروبا في العصور الوسطى.
الثورة الصناعية
القفزة الكبرى جاءت في القرن الثامن عشر مع اختراع “الناشلية الطائرة” التي سهّلت عملية النسيج ورفعت الإنتاجية. ثم ظهر النول الآلي (Power Loom) الذي حوّل الحرفة من ورش منزلية إلى مصانع كبرى.
ومع نول جاكارد في القرن التاسع عشر، دخل النسيج مرحلة جديدة، إذ بات بالإمكان إنتاج زخارف معقدة باستخدام بطاقات مثقبة، وهو الابتكار الذي اعتبره المؤرخون مقدمة لعصر الحوسبة.
أقمشة تقليدية برمزية عالمية
في إفريقيا، ظل قماش الكِنتي الغاني رمزًا للقوة والهوية منذ القرن العاشر، فيما يواصل قماش Akwete النيجيري إبراز مهارة الحرفيات المحليات عبر أنماط دقيقة.
أما في آسيا، فقد اشتهر نسيج Tenun الإندونيسي وIkāt الذي يميز جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى بتقنيات صباغة فريدة، فيما عُرف موسلين البنغال بخفته واعتُبر رفاهية في أوروبا لقرون طويلة.
هذه الأقمشة لم تعد محصورة في محليتها، بل باتت تعرض في المتاحف وتُستعاد في صيحات الأزياء العالمية، من باريس إلى نيويورك، كجزء من إعادة الاعتبار للحرف التقليدية.
الحاضر والمستقبل
في السنوات الأخيرة، دخلت التكنولوجيا على خط تطوير النسيج التقليدي. فقد تمكّن الباحثون من ابتكار أنوال قادرة على إنتاج منسوجات ثلاثية الأبعاد باستخدام خيوط دقيقة، وهو ما قد يفتح الباب أمام استخدامات جديدة في مجالات التصميم والعمارة والأزياء.
هوية لا تذوب
ورغم طغيان الموضة السريعة وتبدّل اتجاهات الأسواق، يظل القماش المنسوج شاهدًا على رحلة الإنسان في الإبداع. إنه ليس مجرد خيط يتشابك مع آخر، بل حكاية هوية تنسجها الأيادي، وتواصل العبور من الأسواق الشعبية في آسيا وإفريقيا إلى عروض الأزياء العالمية.
بهذه الرحلة الممتدة من جلود الحيوانات البدائية إلى أحدث الأقمشة الذكية، يثبت النسيج المنسوج أنه أكثر من مجرد مادة للكساء، بل جسر يربط بين الماضي والحاضر، وبين المحلية والعالمية.
ما هو أصل النسيج المنسوج؟
تعود بدايات النسيج إلى العصر النيوليتي، حيث عُثر على أقمشة من الكتان في موقع Çatalhöyük بالأناضول تعود إلى نحو 6000 قبل الميلاد.
ما أبرز الأقمشة التقليدية التي اشتهرت عالميًا؟
من أبرزها قماش الكِنتي الغاني، قماش Akwete النيجيري، نسيج Tenun الإندونيسي، تقنية Ikāt الآسيوية، وموسلين البنغال.
كيف أثرت الثورة الصناعية على صناعة النسيج؟
أحدثت اختراعات مثل “الناشلية الطائرة” ونول جاكارد نقلة نوعية، إذ حولت النسيج من حرفة يدوية إلى صناعة كبرى، وسهلت إنتاج أنماط وزخارف معقدة.
هل ما زال للنسيج التقليدي مكان في الموضة الحديثة؟
نعم، إذ تعرض الأقمشة التقليدية في عروض الأزياء العالمية والمتاحف، وتلهم المصممين الذين يبحثون عن دمج التراث مع الحداثة.
ما مستقبل النسيج المنسوج؟
التقنيات الحديثة مثل الأنوال الرقمية والنسيج ثلاثي الأبعاد تعد بآفاق جديدة، سواء في الموضة أو العمارة أو التصميم الصناعي.