تشغيل الدماغ
عمر غازي
في السنوات الماضية، كتبت عدة مرات منتقدًا ظاهرة بدأت تنتشر لدى البعض وتتمثل في عدم استخدام العقل، أو تعطيله، أو منحه إجازة واستعارة عقول وأفهام الآخرين. واليوم، يبدو أن الوضع قد تغير إلى حد النقيض بظهور ظاهرة مغايرة، يمكن تسميتها مجازًا بـ”تشغيل الدماغ”.
وقد تتساءل مندهشًا عزيزي القارئ هل هذا يمثل عيبًا لصاحبه؟، خاصة أن العقل هو ما يميز الإنسان عن سائر المخلوقات.
لكن القضية هنا ليست بالعقل نفسه، بل في طريقة التشغيل، التي تأخذ أشكالًا عديدة، وقد تجتمع لدى صاحبها:
1. كثرة السؤال: يتميز الأشخاص الذين يُفرِطون في “تشغيل الدماغ” بطرح الأسئلة بشكل متواصل ومستمر، حتى في المواضيع التي ليس لها أهمية كبيرة. هذا قد يُعيق قدرتهم على اتخاذ قرارات سريعة ويجعلهم يترددون دائمًا.
2. التفكير الزائد في أتفه التفاصيل: يميل هؤلاء الأشخاص إلى التفكير المفرط حتى في أدق التفاصيل وأتفهها، مما يجعلهم يضيعون الكثير من الوقت والطاقة في تفكير لا يُثمِر نتائج جيدة.
3. الثقة الزائدة النابعة من الجهل: قد يؤدي التفكير المفرط إلى إعطاء الشخص ثقة زائدة بنفسه وقدراته، مما يجعله يقع في مشكلات لا يستطيع حلها لأنه يفتقر إلى المعرفة الكافية.
4. إدعاء الذكاء أو التذاكي على الآخرين: في محاولة لإظهار قدراتهم العقلية المفرطة، قد يلجأ بعض الأشخاص إلى إدعاء الذكاء أو التفوق على الآخرين، مما يعكس صورة سلبية عنهم ويجعل الناس يبتعدون عنهم، وقد يظنون أن هذا نوع من الحسد تجاههم نتيجة ذكاءهم الخارق.
في المجمل، يبدو أن ظاهرة “تشغيل الدماغ” أَو التشغيل الخاطئ للعقل، تتسبب في تعقيد حياة الأشخاص الذين يعانون منها، فهي تحجبهم عن فهم محيطهم، وتنفر الآحرين من التعامل معهم. أما عن الحل فلست أملكه ولا غيري، فلا أحد يستطيع معالجة شخص لا يؤمن بوجود مشكلة لديه من الأساس.