آراءكُتاب الترند العربي

“الأم”.. الطبيعة لا يمكن تغييرها!

هالة أبو شامة

يعد فيلم “الأم” أحد أبرز إنتاجات نتفليكس خلال عام 2023، وذلك بفضل الشعبية الواسعة التي حققها عقب طرحه على المنصة؛ إذ بلغت ساعات مشاهدته ما يزيد على 295 مليون ساعة مشاهدة.

الفيلم تقوم ببطولته الفنانة العالمية جينفر لوبيز، ويشاركها كل من: الطفلة لوسي بايز، وعمري هاردويك، وجوزيف فينيس، وجايل جارسيا، وبول راسي، وإيفون سينات جونز، وهو من إخراج نيكي كارو.

لم تحمل “لوبيز” اسمًا للشخصية التي جسدتها بخلاف بقية الشخصيات، وهو ذكاء من صناع العمل الذين فضلوا التركيز على الفكرة الأساسية للقصة بطريقة تجعلك لا تدرك أنها لم تملك اسمًا منذ بداية الفيلم حتى نهايته، وذلك من خلال استخدام الأحاديث المباشرة التي جنبتهم المناداة لها في المشاهد.

اتخذت أحداث الفيلم وتيرة سريعة، وقد بدأت بمشهد تمهيدي في مكتب التحقيقات الفيدرالي بـ”لينتون بإنديانا”، حيث ظهرت “الأم” أثناء الشهور الأخيرة من حملها وهي تدلي بشهادتها بشأن صفقة غير مشروعة بين رجلين كانت على علاقة عاطفية معهما ويعملان بتشكيل عصابي خطير يتاجر بالبشر والسلاح، إلا أن الأحداث تنقلب رأسًا على عقب بعد أن يتم اقتحام مقر الاستجواب.

رغم أن الطفلة التي تحملها الأم هي ابنة أحد الرجلين المشار إليهما، فإن أحدهما ينجح في طعنها أثناء عملية الاقتحام، لكنها تنجو وتضطر أثناء وجودها في المستشفى للتخلي عن حقها الرسمي في رعاية الطفلة بالتوقيع على تنازل يسمح بتبنيها من قِبل أسرة مناسبة، آملة أن تحيا الطفلة حياة مملة ومستقرة.

مشاهد الفيلم تعج بالرمزيات، التي يمكن من خلالها بسهولة أن يتم تقسيم الأحداث لمراحل، فالمرحلة الأولى هي فترة التجمد حينما تخلت الأم عن طفلتها واتجهت إلى ألاسكا، لتواجه قسوة الطبيعة الباردة والوحدة على مدار 12 عامًا حُرمت فيها من التواصل مع ابنتها التي عاشت في بيئة على النقيض تمتلئ بالناس وتفيض بالدفء والحب والاهتمام، والثانية هي تكسير الجليد وما صاحبه من ألم حينما اضطرت إلى البحث عن ابنتها “زوي” وهو اسم يعني “الحياة”» بعد أن تم اختطافها، والثالثة العودة إلى ألاسكا للتخفي ولتعلم أساليب القتال والدفاع عن النفس، والرابعة هي انتهاء الصراع والشعور بالأمان في نفس البيئة الدافئة التي نشأت فيها الطفلة.

رغم أن بعض هذه الرمزيات كانت مباشرة ولا تجد صعوبة في تميزها، فإنها كانت مؤثرة ومعبرة للغاية، ومن أبرز المشاهد هي تلك التي تم تشبيه الأم فيها بأنثى الثعلب التي كانت هي الأخرى أمًا لثلاثة جراء، فكلاهما نفس القسوة، والقوة، وأمومتهما فياضة، ويملكان نفس القدر من الرحمة والحكمة في التصرف؛ فإن جاز التعبير يمكن أن نصف تلك الثعلبة بأنها مرآة لطبيعة تلك الأم، التي لخصت حياة الأخيرة قائلة:”البراءة لا تتغلب على الطبيعة، الطبيعة لا يمكن تغييرها، فإن نفقت فستضطر الجراء للتعلم أو لا.. لا يمكنك تغيير الواقع”.

حصلت الأم على طبيعتها القاسية من كونها عسكرية شاركت في الحرب بأفغانستان وعملت في تجارة السلاح، لكن إنسانيتها منعتها من الاتجار بالبشر، وهو مشهد أيضًا تم توظيفه بدقة للدلالة على معنى الفيلم؛ إذ تم استخدام أطفال بدلاً من أشخاص بالغين، وهو ما حرك غريزة الأمومة بداخلها لحمايتهم من المجهول الذي ينتظرهم.

يُحسب لصناع الفيلم أنهم لم ينكروا دور الأم التي تبنت “زوي”، للتأكيد على أن الأمومة ليست بالمشاعر فقط، وإنما هي تربية وتنشئة لطفل يومًا بعد يوم، وتم توضيح ذلك من خلال صور ظهرا فيها سويًا بفترات مختلفة من عمر الطفلة، وكان من المُنصف أن تظل “لوبيز” هي الأم الحامية لزوي، بينما تظل الأخرى هي الأم المربية.

نهاية الفيلم ارتبطت بمعنى اسم الطفلة الذي ذُكر خلال الأحداث، ففي الرسالة الغامضة التي تركتها الأم لابنتها كُتب فيها: “أنت معجزة.. حاول أحدهم قتلك قبل أن تولدي، لكن نجوت لتصبحي فتاة رائعة، كلما نظرت في المرآة تذكري أنك ناجية”.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى