كُتاب الترند العربي

التزامات الناقل البحري في اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا وجزئيًا “روتردام 2008”

د. مساعد سعود الرشيدي

أوردت الأمم المتحدة في ديباجة اتفاقية روتردام 2008 المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا وجزئيًا، أن هذه الاتفاقية جاءت لتعزيز توحيد القانون التجاري الدولي، خاصةً وأن النظام القانوني القائم الذي يحكم النقل الدولي للبضائع بحرًا لا يأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ ممارسات النقل الحديثة، بما في ذلك النقل بالحاويات وعقود النقل من الباب إلى الباب، واستخدام وثائق النقل الإلكترونية .

واقتناعًا منها بأن التنسيق والتوحيد التدريجي للقانون التجاري الدولي، بتقليل أو إزالة العوائق القانونية أمام تدفق التجارة الدولية، يسهمان إسهامًا كبيرًا في قيام تعاون اقتصادي عالمي بين جميع الدول على أساس من المساواة والإنصاف والمصلحة المشتركة، وفي خير جميع الشعوب.

فقد جاءت اتفاقية روتردام 2008 بأحكام جديدة متطورة، نذكر منها على سبيل المثال تنظيم سند الشحن الإلكتروني، وكذلك التعاقد الإلكتروني. فهي ليست مجرد تعديلات على المعاهدات السابقة الحاكمة لموضوع النقل البحري، ولكنها أتت – في رأي البعض – بأحكام توازن بين حقوق وواجبات كل من الناقل البحري والشاحنين والمرسل إليهم.

ولبيان التزامات الناقل البحري في اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا وجزئيًا (روتردام 2008)، فإننا بداءةً نعرض للتعريفات الخاصة ببعض مصطلحات الاتفاقية، والتساؤل عما هي التزامات الناقل بشأن السفينة؟ ونتساءل أيضًا عما هي التزامات الناقل فيما يتعلق بإصدار سند الشحن؟ وما هي التزامات الناقل بشأن البضاعة؟

أولًا: التعاريف الخاصة ببعض مصطلحات الاتفاقية:

أتت الاتفاقية بعددٍ من المصطلحات الجديدة، منها: الطرف المنفذ، الطرف المسيطر، حق السيطرة، الشاحن المستندي، الخطاب الإلكتروني، سجل النقل الإلكتروني، العقد الكمي.

تناولت المادة الأولى من الاتفاقية التعريف ببعض المصطلحات الرئيسية المستخدمة فيها، ويهمنا في هذه الدراسة تعريف “عقد النقل” بأنه: “هو عقد يتعهد فيه الناقل بنقل بضائع من مكان إلى آخر مقابل أجرة نقل، ويجب أن ينص العقد على أن يكون النقل بحرًا، ويجوز أن ينص على أن يكون النقل بوسائط نقل أخرى إضافة إلى النقل البحري”.

أما تعريف “الناقل” وفقًا للاتفاقية، فهو: “الشخص الذي يبرم عقد النقل مع الشاحن”.

بينما عرّفت الاتفاقية “البضائع” بأنها: “ما يتعهد الناقل بنقله بمقتضى عقد النقل من سلع وبضائع وأشياء أيا كان نوعها، وهي تشمل مواد الرزم وأي معدات وحاويات لا يوفرها الناقل أو لا تُوفر نيابة عنه”.

كما عرّفت “السفينة” بأنها: “أي مركب يُستعمل في نقل البضائع بحرًا”.

وأيضًا عرّفت “مستند النقل” بأنه: “المستند الذي يصدره الناقل بمقتضى عقد النقل، والذي:

 أ- يُثبت فيه تسلم الناقل أو الطرف المنفذ البضائع بمقتضى عقد النقل.
ب- ويُثبت وجود عقد للنقل أو يحتوي عليه”.

كما عرّفت ذات الاتفاقية “مستند النقل القابل للتداول” بأنه:
(مستند النقل الذي يدل، بعبارة مثل ’لأمر‘ أو قابل للتداول‘ أو بعبارة ملائمة أخرى يعترف القانون المنطبق على ذلك المستند بأن لها المفعول ذاته، على أن البضائع قد أُرسلت لأمر الشاحن أو لأمر المرسل إليه أو إلى الحامل، ولا يُذكر فيه صراحة أنه “غير قابل للتداول” أو “ليس قابلًا للتداول”).

كما عرّفت أيضًا “الطرف المنفذ” بأنه: “أي شخص غير الناقل يؤدي أو يتعهد بأن يؤدي أيًا من واجبات الناقل بمقتضى عقد النقل فيما يتعلق بتسلم البضائع أو تحميلها أو مناولتها أو تستيفها أو نقلها أو حفظها أو الاعتناء بها أو تفريغها أو تسليمها، متى كان ذلك الشخص يتصرف بصورة مباشرة أو غير مباشرة بناءً على طلب الناقل أو تحت إشرافه أو سيطرته”.

ثانيًا: التزامات الناقل بشأن السفينة

على الرغم من أن التزامات الناقل بجعل السفينة صالحة للإبحار من الالتزامات التي تقع على عاتق الناقل قبل الرحلة البحرية، إلا أن اتفاقية روتردام قد نصت على إلزام الناقل قبل الرحلة وفي بدايتها وأثناءها ببذل العناية الواجبة من أجل:

أ- جعل السفينة صالحة للإبحار والإبقاء عليها كذلك.
ب- تطقيم السفينة وتزويدها بالمعدات والإمدادات على النحو الملائم، وإبقاؤها مطقّمة ومزوّدة بالمعدات والإمدادات على هذا النحو طوال الرحلة.

ج- جعل عنابر السفينة وسائر أجزائها التي تُنقل فيها البضائع، وما يوفره الناقل من حاويات تُنقل البضائع فيها أو عليها، مهيأة وآمنة لتلقي البضائع ونقلها والحفاظ عليها والإبقاء عليها كذلك.

ولعل جعل التزام الناقل طوال الرحلة البحرية بتهيئة السفينة وجعلها صالحة للملاحة البحرية، ومطقّمة ومزوّدة بالمعدات والإمدادات، وجعل عنابرها وحاوياتها مهيأة وآمنة للحفاظ على البضائع، هو لضمان أن تظل السفينة قادرة على تحمل ظروف البحر وتجنب المخاطر التي تتعرض لها، ولضمان المحافظة على البضائع.

ثالثًا: التزامات الناقل بشأن إصدار مستند النقل

بدايةً، لم تستخدم الاتفاقية مصطلح “سند شحن”، واستخدمت عوضًا عنه مصطلح “سجل النقل” أو “مستند النقل”. فيلتزم الناقل بإصدار مستند النقل متضمنًا البيانات بقدر ما يوفرها الشاحن، وهي:

أ- وصف للبضائع يكون مناسبًا للنقل.
ب- العلامات الدالة اللازمة للتعرف على البضائع.
ج- عدد الرزم أو القطع أو كمية البضائع.
د- وزن البضائع إذا ما أورده الشاحن.

ويُدرج أيضًا في تفاصيل العقد الواردة في مستند النقل الآتي:

  • بيان بترتيب البضائع وحالتها الظاهرين عندما يتسلمها الناقل أو الطرف المنفذ بغية نقلها.
  • اسم الناقل وعنوانه.

ج – التاريخ الذي تسلم فيه الناقل أو الطرف المنفذ البضائع، أو الذي حُمّلت فيه البضائع على متن السفينة، أو الذي أُصدر فيه مستند النقل أو سجل النقل الإلكتروني.

د- إذا كان مستند النقل قابلًا للتداول، عدد النسخ الأصلية لمستند النقل القابل للتداول في حال إصدار أكثر من نسخة أصلية واحدة.

كما يُدرج أيضًا في مستند النقل الآتي:

أ- اسم المرسل إليه وعنوانه، إذا حددهما الشاحن.
ب- اسم السفينة، إذا كان محددًا في عقد النقل.
ج- مكان التسلم وكذلك مكان التسليم إذا كان معلومًا لدى الناقل.
د- ميناء التحميل وميناء التفريغ إذا كانا محددين في عقد النقل (6).

ووفقًا للمادة 41 من اتفاقية روتردام 2008، فإنه حال خلو سند الشحن من تحفظٍ يُعتبر سند الشحن دليلًا ظاهرًا على تسلم الناقل البضائع حسبما هو مبين في العقد، ولا يُقبل أي دليلٍ من الناقل لإثبات العكس تجاه الشاحن أو المرسل إليه.

رابعًا: التزامات الناقل بشأن البضاعة:

يلتزم الناقل، تنفيذًا لهذه الاتفاقية ووفقًا لأحكام عقد نقل البضائع، بتسليمها إلى المرسل إليه.

فيقوم الناقل أثناء مدة مسؤوليته بتسلم البضائع وتحميلها ومناولتها وتستيفها ونقلها وحفظها والاعتناء بها وتفريغها وتسليمها على نحو ملائم وبعناية.

ويجوز للناقل والشاحن أن يتفقا على أن يتولى الشاحن أو الشاحن المستندي أو المرسل إليه تحميل البضائع أو مناولتها أو تستيفها أو تفريغها، ويشار إلى ذلك الاتفاق في تفاصيل العقد.

على أنه يجوز للناقل أو الطرف المنفذ أن يرفض تسلم البضائع أو تحميلها، ويجوز أن يتخذ ما يراه معقولًا من تدابير أخرى، بما في ذلك تفريغ البضائع أو إتلافها أو إبطال أذاها، إذا كانت البضائع تشكل خطرًا فعليًا على الأشخاص أو الممتلكات أو البيئة، أو يبدو من المعقول أنها قد تصبح كذلك أثناء مدة مسؤولية الناقل .

كما يجوز للناقل أو الطرف المنفذ أن يضحي ببضائع في عرض البحر عندما يكون القيام بتلك التضحية معقولًا للحفاظ على السلامة العامة أو لدرء الخطر عن أرواح البشر أو الممتلكات الأخرى المعرضة للخطر المشترك (10).

ولا يجوز للناقل التأخر عن تسليم البضائع، ويحدث التأخير في التسليم عندما لا تُسلَّم البضائع في مكان التسليم المنصوص عليه في عقد النقل في غضون الفترة المتفق عليها.

المصدر: مساعد سعود الرشيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى