اقتصاد

أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا

أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا

الترند العربي – متابعات

ارتفاع أسعار الذهب في المعاملات الفورية ليصل إلى 4178.15 دولارًا للأوقية

سجّل الذهب العالمي ارتفاعًا جديدًا في المعاملات الفورية ليصل إلى 4178.15 دولارًا للأوقية صباح الأربعاء، في قفزة وُصفت بأنها الأعلى في تاريخه الحديث، مدفوعة بزيادة التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، وتزايد الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن في ظل اضطرابات الأسواق العالمية وتراجع الثقة في الأصول عالية المخاطر.

ويأتي هذا الارتفاع في وقتٍ تتأهب فيه الأسواق العالمية لتحركات جديدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي ألمح مؤخرًا إلى نهج أكثر مرونة تجاه السياسة النقدية بعد عامين من التشديد المالي المتواصل، الأمر الذي أعاد أسعار الذهب العالمية إلى واجهة المشهد الاقتصادي من جديد.

أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا
أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا

موجة ارتفاع تاريخية في سوق الذهب

تشير البيانات الحديثة إلى أن أسعار الذهب في المعاملات الفورية ارتفعت بنسبة 0.9% لتسجّل 4178.15 دولارًا للأوقية، بينما صعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.8% إلى 4197.50 دولارًا.
ويرى محللون أن هذه الأرقام تمثل انعكاسًا مباشرًا لعودة شهية المستثمرين تجاه المعدن الأصفر، وسط توقعات متصاعدة بخفض الفائدة الأمريكية، ما يجعل الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالسندات الحكومية والدولار الأمريكي.

كما قفزت أسعار الفضة العالمية بنسبة 1.4% لتسجل 52.17 دولارًا للأوقية، وارتفع البلاتين 0.7% إلى 1648.80 دولارًا، بينما صعد البلاديوم 0.2% إلى 1528.68 دولارًا، لتسجّل أسعار المعادن النفيسة كلها ارتفاعًا متزامنًا مع تحركات الذهب.

هذه الموجة التصاعدية، بحسب خبراء الأسواق، لا تقتصر على المضاربة قصيرة الأجل، بل تمثّل اتجاهًا استراتيجيًا متناميًا من قبل المستثمرين الذين يسعون إلى تحصين محافظهم الاستثمارية ضد التضخم والتقلبات المالية، مما يعيد الذهب إلى موقعه التاريخي كأداة حماية من الأزمات.

أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا
أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا

العلاقة بين أسعار الفائدة والذهب

في الأسواق العالمية، تُعد العلاقة بين أسعار الفائدة الأمريكية وسعر الذهب علاقة عكسية بطبيعتها. فعندما يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة، تتراجع عوائد السندات وتضعف جاذبية الدولار، ما يدفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب كبديل آمن.
وبالتالي، فإن مجرد تلميح الفيدرالي إلى خفض الفائدة يؤدي إلى تحفيز الطلب العالمي على الذهب وارتفاع أسعاره الفورية والعقود الآجلة على حد سواء.

ويؤكد المحللون أن إعلان أي خطوة جديدة لخفض الفائدة في الاجتماع المقبل للفيدرالي الأمريكي قد يدفع أسعار الذهب عالميًا إلى تجاوز حاجز 4200 دولار للأوقية، وهو مستوى نفسي وتاريخي يراه البعض ممكنًا جدًا في ضوء التوترات الجيوسياسية الحالية وتراجع النمو العالمي.

أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا
أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا

الملاذ الآمن يعود إلى الواجهة

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن الذهب لا يُقاس فقط كسلعة استهلاكية أو استثمارية، بل كرمز للثقة في الاقتصاد العالمي. ففي كل أزمة مالية أو سياسية، يتجه المستثمرون إلى شراء الذهب لحماية رؤوس أموالهم من الانهيارات المحتملة في الأسواق الأخرى.

ويُلاحظ أن الطلب المتزايد في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا على سبائك الذهب والعملات الذهبية يشير إلى رغبة الأفراد والمؤسسات في التحوّط من المخاطر، خصوصًا في ظل استمرار الحروب التجارية، وارتفاع الديون العالمية إلى مستويات غير مسبوقة.

كما أن البنوك المركزية في عدد من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء تواصل شراء الذهب ضمن احتياطياتها الرسمية. ويعد هذا الاتجاه إشارة قوية إلى أن الذهب لا يزال يمثل الركيزة الأساسية للاستقرار المالي العالمي في مواجهة التغيرات النقدية المفاجئة.

أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا
أسعار الذهب تواصل الصعود القياسي عالميًا

تأثير التضخم والتوترات الجيوسياسية

من العوامل الأخرى التي تغذي أسعار الذهب المرتفعة هو استمرار معدلات التضخم العالمية المرتفعة في عدد من الاقتصادات الكبرى. فعلى الرغم من تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة إلى حدود 3%، إلا أن استمرار الأسعار في الارتفاع في أوروبا واليابان يجعل المستثمرين أكثر حذرًا، ويدفعهم لزيادة مشترياتهم من الذهب.

إضافة إلى ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية أسهمت في زيادة الطلب على الذهب، إذ يُنظر إليه كأداة حماية من المخاطر الجيوسياسية المحتملة وانعكاساتها على أسواق الطاقة والعملات.

وتتوقع مؤسسات تحليلية مثل “بلومبيرغ إكونوميكس” و”رويترز فاينانس” أن يستمر الذهب في تسجيل ارتفاعات متتالية خلال الربع الأخير من عام 2025، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وما يصاحبها من تقلّب سياسي واقتصادي.


الذهب في مواجهة العملات الرقمية

من الملاحظ خلال العامين الأخيرين أن المقارنة بين الذهب والعملات الرقمية أصبحت محور نقاش واسع في الأوساط الاقتصادية. ففي الوقت الذي شهدت فيه العملات الرقمية مثل “بتكوين” تقلبات حادة، ظل الذهب يحتفظ بمكانته كأصل مستقر نسبيًا.
ويرى محللون أن المستثمرين الذين تكبدوا خسائر كبيرة في الأسواق الرقمية بدأوا يعودون إلى الذهب كاستثمار طويل الأمد أكثر أمانًا، خصوصًا في فترات الغموض الاقتصادي.

ويشير تقرير حديث صادر عن مجلس الذهب العالمي إلى أن حصة الذهب في المحافظ الاستثمارية الكبرى ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2012، وهو ما يعكس التحول الاستراتيجي نحو الأصول الحقيقية بعيدًا عن الأصول الافتراضية ذات المخاطر العالية.


توقعات المحللين لمستقبل الأسعار

توقعت مؤسسات اقتصادية كبرى مثل غولدمان ساكس وجي بي مورغان أن يستمر الذهب في تحقيق مكاسب تدريجية خلال النصف الأول من عام 2026، مع إمكانية الوصول إلى مستوى 4300 دولار للأوقية في حال استمرار الاتجاه التيسيري للفيدرالي الأمريكي.

كما أشار تقرير صادر عن وكالة “ستاندرد آند بورز” إلى أن استقرار الطلب الصناعي على الفضة والبلاتين إلى جانب ارتفاع الطلب الاستثماري على arabiatrendقد يؤدي إلى طفرة جديدة في سوق المعادن النفيسة، خصوصًا في ظل تزايد الطلب من الهند والصين، اللتين تمثلان معًا أكثر من 40% من الطلب العالمي على الذهب.

وفي سياق آخر، أوضح الخبير الاقتصادي جيمس باركر أن الذهب استفاد هذا العام من ضعف الدولار الأمريكي الذي انخفض إلى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات، مما جعل الذهب أكثر جذبًا للمستثمرين الدوليين الباحثين عن الأمان وسط تقلبات العملة الأمريكية.


كيف تؤثر الأزمات العالمية على أسعار الذهب؟

كلما اشتدت الأزمات الاقتصادية والسياسية العالمية، زاد الميل نحو اقتناء الذهب. هذه القاعدة التاريخية ما تزال سارية حتى اليوم. فقد ارتفعت الأسعار خلال أزمة كورونا إلى مستويات غير مسبوقة، وها هي تتكرر اليوم في ظل أجواء من عدم اليقين المالي العالمي.

ويشير خبراء “بلومبيرغ” إلى أن التحولات في السياسة النقدية الأمريكية وتزايد العجز المالي في عدد من الدول الكبرى أعاد الذهب إلى دائرة الضوء بوصفه الملاذ الأخير للمستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن الأمان في زمن الاضطراب المالي.

وفي هذا السياق، يلاحظ أن صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs) شهدت زيادة في التدفقات الشرائية بنسبة 14% خلال الشهرين الماضيين، ما يعكس ثقة المستثمرين في استمرار الاتجاه الصعودي.


أسواق الشرق الأوسط والخليج

انعكست هذه الارتفاعات العالمية مباشرة على أسواق الذهب في الشرق الأوسط والخليج العربي، حيث سجّلت محلات الصاغة في الرياض ودبي والكويت والمنامة ارتفاعات مماثلة، مع زيادة في الإقبال على شراء السبائك الصغيرة والذهب الخام.

وفي السعودية، بلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 405 ريالات، فيما وصل عيار 21 إلى 355 ريالًا، وهي مستويات غير مسبوقة منذ بداية العام.
أما في الإمارات، فبلغ سعر الجرام من عيار 24 حوالي 445 درهمًا، مدعومًا بارتفاع الطلب المحلي والموسمي.

ويرى تجار الذهب في المنطقة أن الاتجاه التصاعدي قد يستمر حتى نهاية العام، خصوصًا مع اقتراب موسم الإجازات وزيادة الطلب الاستهلاكي، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالذهب كأداة استثمارية في المحافظ الفردية.


الذهب في الثقافة الاقتصادية العربية

لطالما كان الذهب جزءًا أصيلًا من الثقافة الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، ليس فقط كزينة أو مهر تقليدي، بل كوسيلة ادخار آمنة ومضمونة. ومع تزايد التقلبات الاقتصادية العالمية، عاد المستثمر العربي إلى الذهب كخيار آمن لحفظ القيمة، بعيدًا عن المخاطر المرتبطة بالبورصات والعملات الرقمية.

وفي مصر مثلًا، أدى ارتفاع سعر الدولار إلى زيادة غير مسبوقة في أسعار الذهب المحلية، مما دفع العديد من العائلات إلى الاستثمار في السبائك والجنيهات الذهبية كوسيلة لحماية مدخراتهم.


التحليل الفني: إشارات صعود مستمر

على المستوى الفني، تُظهر الرسوم البيانية في الأسواق العالمية أن الذهب اخترق مستوى المقاومة التاريخي عند 4150 دولارًا للأوقية، وهو ما يعني إمكانية مواصلة الصعود إلى مستويات جديدة تتراوح بين 4250 و4300 دولار خلال الأسابيع المقبلة.

ويرى محللو الأسواق أن اتجاه الذهب الحالي يتماشى مع الموجة الثالثة من الصعود وفق نموذج إليوت، وهو ما يعزز فرضية استمرار الزخم الإيجابي حتى نهاية الربع الرابع من العام الجاري.


ما سبب ارتفاع أسعار الذهب عالميًا؟
السبب الرئيسي هو تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، وتنامي الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط التقلبات الاقتصادية العالمية.

هل يمكن أن تتجاوز أسعار الذهب حاجز 4200 دولار للأوقية؟
نعم، يرى المحللون أن استمرار السياسات النقدية التيسيرية قد يدفع الذهب إلى تجاوز هذا المستوى خلال الأسابيع القادمة.

هل يؤثر ضعف الدولار الأمريكي على أسعار الذهب؟
بالتأكيد، إذ يؤدي انخفاض الدولار إلى جعل الذهب أرخص لحاملي العملات الأخرى، مما يزيد الطلب العالمي عليه.

كيف انعكس الارتفاع على أسواق الخليج؟
شهدت الأسواق في السعودية والإمارات والكويت ارتفاعًا ملموسًا في أسعار الجرامات والسبائك مع زيادة الإقبال الشرائي.

هل الاستثمار في الذهب آمن في الوقت الحالي؟
نعم، يعتبر الذهب من أكثر الأصول استقرارًا في ظل التوترات الاقتصادية الحالية، ووسيلة مثالية للتحوّط ضد التضخم.

اقرأ أيضًا: أسعار الذهب في السعودية اليوم.. انخفاض طفيف بالأسواق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى