كُتاب الترند العربي

الوعى الرقمى.. بوابة الأمان

عصام محمد عبدالقادر

يُوَاجِهُ الكثيرُ من مُسْتخْدمي الفضاء الرَّقْميّ العديد من التحدَّيات، والتهديدات، والمشكلات التي قد تضير بهم على المُسْتوى النَّفسيّ، أو الاجتماعيّ، أو الماديّ، أو غير ذلك من صور سلبيّة يجْنيها هؤلاء المستخدمون، وهنا نتوقف عند الضرورة القُصْوى التي تستوجب منا أن نغْرس ماهيّة الوعي الرَّقْمِيّ، ومكونه في أذهان الجميع؛ لنضمن أن ينْخرط المستخدم بشكل آمنٍ، ولا يتعرض إلى أساليب النَّصْبِ التّقَنيّ التي باتت مثل السرطان غير الحميد في جسْم المُجْتمعات قاطبةً.

إن تمسَّكنا بمنظومة النَّسَق القيمي في طيّات تعاملاتنا المُسْتدامة، وتعلّقنا بحبل من الخُلُق الحميد، واعترافُنا بأن سمّو التعامل ينْبري عما لدى الإنسان من بِنَى سليمةٍ، ووجدان راقٍ، وأداءاتٍ، وممارساتٍ سويّةٍ، هذا كلُّه، ويزيد لا ينْفكُّ عن تعاملاتنا عبْر الفضاء الرَّقْميّ المُنْفتِح، ولنا أن ندْركَ بأن من يتخّلى عما أشرْنا من قيم، وخلق محْمود في الواقع المُعَايش يسهل عليه أن يُمَارس صورًا من الأساليب غير المشْروعة عبْر التقْنياتِ الرَّقْمِيّة.

في هذا السياق يتوجب علينا أن نتفهم ضرورة تعزيز الوْعي الرَّقْمِيّ لدى من يتنقل، ويستخدم، ويوظف الموارد، والتطبيقات الرَّقْمِيّة عبْر الشبكات سريعة الانْتشار؛ فالغاية المنْشُودة تتمثل في تجنّب المستخدم من أن يَغْرق في بحور التّيْه، والظّلام؛ حيث قد يكتسب المعارفَ المُشّوهة، ويتقبل مزيدًا من الشائعات التي تُزيّفُ وعيْه، ويقع فريْسَةً لمتنوع طرائق، واستراتيجيات مبتكرة، ومتطورة تستهدف النصب، والاحْتيال بأشكاله المختلفة.

نعْترفُ بأننا في حالة من العَوَز حيال ضرورة استخدام التِقْنيّاتِ الرَّقْمِيّة، لا نقول بشكل يوميّ، بل بصورةٍ لحْظيّةٍ، أو على مدار الساعة، وهذا يستوجب أن نصْنع بواباتِ أمانٍ تقيْنا السلبيّات، وتساعدنا في حصْد الثّمار المنْشُودة؛ فالجميع الآن قد أصبح لديه أنْشِطةٌ متعددةٌ، ومتنوعة على هذا الفضاء الرَّقْميّ، وخاصّةً فلَذَاتِ الأكْبَادِ على مختلف أعْمارهم؛ ومن ثم ينبغي ألا نتْركَ الحبْلَ على الغارب، ونواصل بذْل الجهود حيال تنمية الوْعي الرَّقْميّ بصورة مقْصودةٍ تقوم على التَّخْطيط الرَّصِين.

حِرْصُنا على تنمية المهارات الأساسيّة للاستخدام التِقْنيّ أمرٌ مُهِمٌ، ويتكامل معه اهتمامنا بتنمية الوعْي الرَّقْمِيّ؛ لنتفهّمَ حجْم المخاطر، وندْركَ المسْئوليّة التي تقع على كاهلنا، ونعمل على تبنّي فلسفة التَّحْري، والدقّة حيال ما نُؤديه من أعمالٍ، وأفعالٍ، ومهامٍ عبر التِقْنيّة الرَّقْميّة بأشكالها المختلفة؛ فما نُريدُه هو زيادةٌ من التَّفاعل المحسْوب الذي يُمْكّنُنا من التَّوْظيف الآمن، ويُجْنّبُنَا الآثارَ غير المرْغوب فيها.

أُمْنياتُنا أن يستخدم، ويوظف الجميعُ دون استثناء لفئةٍ عمريّةٍ كافة التِقْنيّاتِ الرَّقْمِيّة بما يحقق الفائدة منها؛ استنادًا على الوعْي الرَّقْمِيّ؛ حيث التَّنْميةُ الفكْريّةُ، وصَقْل المهارات، وتغْذية الوِجْدان بمتلّونِ القيم النبيلة، وتبادل الخبرات التي تساعد في بناء إنسانٍ قادرٍ على العطاء، ويتنامى لديه طموحٌ، وأملٌ، وتطّلعٌ لا يتوقف عند حدٍّ بعينه، ونُنُوّه بأن هذا في مُجْمله لا يعني تلبية كافة الاحتياجات؛ لكن نؤكد على تلبيتها بالصورة الصحيحة التي تتوافق مع ما نُؤْمنُ به من مُعْتقِدٍ، وما نتبناه من نَسَقٍ قِيَميّ يجعلنا في ترابطٍ، وتماسكٍ، ويحفظ على مجتمعنا هُويّتَه الخالصةَ.

إنّ الوعْي الرَّقْمِيّ يُعَدُّ دون مواربة بوّابة الأمان التي تحْمي جيلاً تلْو الآخر؛ فعبر ما نقدّمه للبناء من معارفَ داعمةٍ لتنمية هذا النّمطِ من الوعْي، سوف نرى نتائجَ طيّبةً حيال ممارساتهم الاعْتياديّة؛ لتوظيف تطبيقات الذّكَاء الاصْطناعيّ، وتحقيق الاستفادة القُصْوى من كافة المنَّصَات الرَّقْميّة التَّعْلِيميّة، أو التَّدريبيّة، أو المِهْنيّة، أو الاجْتماعيّة، وهنا نُثَّمنُ صور الجهود المبْذُولةِ التي من شأنها أن تساعد في محْو الأميّة الرقميّة، بل، وتقدم برامج احترافيّة يستطيع من خلالها الفرْدُ أن يمتلك المهارات التِقْنيّة التي تؤهله لخوْضِ غِمارِ سُوْق العمل الذي باتت التِقْنيَة تحتل فيه مكانةً لا يُسْتهانُ بها.

نستطيع أن نتشارك في تنمية الوعْي الرَّقْميّ لدى من يستخدم التِقْنيّاتِ الرَّقْمِيّة من خلال تعزيز آليات نشْر مفردات هذا النّمَط من الوعْي؛ فعبر مناهِجنا التَّعْليميّة يتوجب أن نصُوغَ مزيدًا من الأنْشطة الأسَاسِيّة التي تساعد في تعميق ماهيّة الوعْي الرَّقْميّ، ومن خلال منابِرنا الإعْلاميّة يمكن أن نُقدّمَ ما يُصْقِلُ الخبرات التي تُزيدُ من غرْس قيم الوعْي الرَّقْمِيّ، وتقدم المعارفَ، والمهارات الدَّاعمةَ لذلك أيضًا، ومنابرَ الوعْظ، والتَّوجيهِ التي لها دوْرٌ فاعلٌ تجاه غرْسِ مزيدٍ من القيم، التي تؤثر على ضبْط السّلوك التِقْنيّ؛ ليُصْبحَ في مسَاره القويمِ.

الأمْرُ لا يحمل في طيّاته أيّ تعْقيداتٍ؛ لكن يسْتلزمُ مزيدًا من التَّخْطيط، والجَهْد المُتواصلِ؛ لِنَصِلَ إلى الغاية المنْشُودة، والأُطْرُوُحَاتِ العديدة، والمُتنوّعة؛ ومن ثمّ نستطيع أن نتبنّى منها ما يُحَققُّ المٌسْتهْدَفَ؛ فالوعْيُ الرَّقْميُّ يلْزَمُ تنميته معارفَ صحيحةً، وممارساتٍ، أو أداءاتٍ قويمةٍ، والْتزَامٍ بنَسقٍ قِيميّ عن قناعةٍ تُنِيرُ الطَّريقَ أمام كل من يعْتلي سفِينةَ التِقْنيّة الرَّقْميّة التي تبْحُرُ بشكلٍ مُتسَارعٍ في بُحورِ الفضاء الرَّقْمِيّ المُنْفتِحةِ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى