لا تحاول فهم الأنثى
عمر غازي
في إحدى محاضراته الشهيرة في القرن التاسع عشر، تحدث الكاتب والفيلسوف الفرنسي ألفونس كار عن تعقيد فهم المرأة، حيث قال عبارته الشهيرة: “النساء مثل الزهور، جمالهن في تنوعهن وغموضهن”، هذه العبارة التي أصبحت مرجعًا أدبيًا، كانت محاولة للإقرار بأن المرأة ليست لغزًا يُحل، بل هي عالم متكامل يحتاج إلى الاحترام والاحتفاء بتعقيداته.
الأنثى ليست كيانًا يمكن تفسيره بالمنطق وحده، بل هي مزيج من العقل والعاطفة، من القوة والضعف، من الوضوح والغموض، وهي بهذا التعقيد تمنح الحياة ألوانها ومعانيها، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كامبريدج عام 2019، فإن النساء يمتلكن قدرة أعلى بنسبة 30% من الرجال على التعبير عن مشاعرهن بطرق غير مباشرة، هذه القدرة ليست نقطة ضعف، بل سلاح خفي يجعلهن أكثر قدرة على التواصل العاطفي وإدارة العلاقات الاجتماعية.
التاريخ مليء بالقصص التي تؤكد هذه الحقيقة، حيث فشلت محاولات عظماء التاريخ من فلاسفة وشعراء في تقديم تفسير كامل للأنثى، فكانت دائمًا أكبر من أن تُختزل في كلمات أو مفاهيم، أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2021 أن النساء يمتلكن مهارات فريدة في قراءة العواطف والتعامل مع الضغوط النفسية، مما يجعلهن قادرات على التكيف مع التغيرات بطريقة تتفوق على الرجال في كثير من الأحيان.
لكن لماذا يحاول البعض فهم الأنثى وكأنها لغز يجب حله؟ ربما لأننا كبشر نخاف من المجهول ونحاول تبسيطه ليسهل علينا التعامل معه، لكن الحقيقة أن الأنثى ليست لغزًا، بل قصة، وكل قصة تحتاج إلى أن تُعاش، لا أن تُفك رموزها، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا عام 2020 أن العلاقات التي تقوم على الاحترام والتقدير المتبادل بدلاً من محاولة الفهم الكامل تحقق معدلات أعلى من الاستقرار والسعادة.
الأنثى ليست لتُفهم، بل لتُحترم، لتُحب، لتُمنح المساحة التي تتيح لها أن تكون على طبيعتها بكل تناقضاتها وتعقيداتها، ربما يكون سر الأنثى في قدرتها على الجمع بين المتناقضات، بين الرقة والقسوة، بين الصمت والوضوح، وبين الحب والتحدي، وهي بهذا تمنح الحياة توازنها الذي لا غنى عنه.
وهنا قد تتساءل عزيزي القارئ: هل أنا حقًا مؤمن بما ورد أعلاه، الإجابة باختصار لا يهم المهم أن ينال إعجاب (الولية مراتي).
