كُتاب الترند العربي

ماذا ينتظر الشرق الأوسط في العام 2025؟

علي الخشيبان

أكبر التحديات في منطقة الشرق الأوسط هو إمكانية القدرة الإسرائيلية واستعدادها فتح مسار مختلف ورؤية جيدة للشرق الأوسط عبر قبولها فكرة السلام، فإسرائيل بعدم قبولها فكرة السلام كما تراها دول الشرق الأوسط تصبح هي المسؤول الأول عن تدهور البيئة السياسية ومستقبلها بكل المكونات..

طبيعة الشرق الأوسط أثبتت تاريخياً أنها غير خاضعة للكثير من قواعد السياسة النظرية والتطبيقية، ويتضاعف التحدي أمام هذه المنطقة بسبب طبيعتها التي تتميز بالتقلبات العالية والتحولات الدراماتيكية، وهذه الطبيعة السياسية تضاعف الشكوك حول الكيفية التي يمكن من خلالها التعرف على الصيغة التي يمكن أن يبدو عليها الشرق الأوسط ذو الطبيعة الدرامية التي تشبه فوهة البركان الذي لم يخضع يوماً لمعايير التوقع حول متى وكيف سيثور مرة أخرى، فالشرق الأوسط يفاجئ سكانه بكل نتائجه وتحولاته، ولكن حتى هذه الميزة يمكن استيعابها، فالمشكلات الخاصة بالشرق الأوسط هي بحاجة دائماً إلى فهم عميق.

مكونات هذه المنطقة دائماً ما خضعت لمعادلة متقلبة في موقعها من المعادلة، فما هو في منطقة البسط اليوم يصبح في موقع المقام في الغد، وهنا محور التحدي حيث يستحيل فهم المعطيات التي تتكون منها مشكلات الشرق الأوسط ليس من حيث وصفها وتسميتها ولكن من حيث موقعها في معادلة المنطقة، بمعنى ومثال أقرب لا يحدث إلا في منطقة الشرق الأوسط فقد تكون السياسة في قضية من القضايا فاعلة في حلها لفترة معينة ثم تنقلب المعايير ويصبح الحل العسكري أو الاقتصادي هو مفتاح الحل، ومن أقرب الأمثلة التي تعيشها المنطقة في هذا الجانب ما حدث في سورية التي كان فيها العمل العسكري هو الخيار الوحيد ضد الشعب، وفجأة وبلا مقدمات وبعد أكثر من عقد من الزمان تتغير معطيات المعادلة خلال أيام ليبدأ البحث عن الحل السياسي ليدخل مرحلة التفكيك للمشكلة السورية من جديد ولكن حتى هذا الخيار قابل للتحول في أي لحظة ليغير المعادلة.

لذلك دائماً يتخذ الحذر في التصورات الممكن طرحها حول مستقبل الشرق الأوسط والسبب في هذا الحذر هو هشاشة القواعد التي تبنى عليها التصورات التي تحكم مسار هذه المنطقة واتجاهاتها المستقبلية، ففي الشرق الأوسط توجد الثروات وتوجد الشعوب الغنية في مقابل شعوب أقل دخلاً وتوجد أهم الدول في إنتاج النفط والثروات الطبيعية وتوجد أهم الصناديق السيادية في العالم وفي المقابل تسجل منطقة الشرق الأوسط أكبر المجازر ضد البشر وآخر الأدلة ما حدث في فلسطين وقضية غزة التي تستمر بلا توقف.

الشرق الأوسط يعاني أيضاً من كثافة سكانية معرضة للتضاعف ليس في المستقبل البعيد ولكنها قريبة تلتصق بهذا العام ومن المتوقع أن تكون أعمار الشباب أكثر عدداً في دول تعاني من أزمات مثل سورية والعراق واليمن، وهنا تجدر الإشارة إلى أن العالم يمر بمرحلة انعطاف مهمة فيما يخص الهجرة وهذا يعني أن سكان الشرق الأوسط الراغبين في الهجرة ستواجههم الكثير من الصعوبات فالشعوبية الرائجة في أوروبا والانعزال الذي تظهر مؤشراته في أمريكا سيساهمان في لعب دور استراتيجي فيما ينتظر الشرق الأوسط خلال 2025.

الصورة السياسية للشرق الأوسط تبدو شابة أكثر مع وجود جيل جديد من السياسيين الذين تشكلت مفاهيمهم السياسية وفقاً لأزمات المنطقة ورغبتها بالخروج من مرحلة الثبات القاتل إلى مرحلة الحركة والتغيير، وتقف الرؤية السعودية 2030 كنموذج استراتيجي سيتمكن من تحقيق الإنجازات لسبب واحد يتمثل في الرغبة الجامحة التي أصبحت تتمتع بها منطقة الشرق الأوسط للخروج من محنتها عبر مسار تنموي يمكن تثبيته كمقام رئيس في معادلة الشرق الأوسط والحرص على ثباته دون تغيير.

أكبر التحديات في منطقة الشرق الأوسط هو إمكانية القدرة الإسرائيلية واستعدادها فتح مسار مختلف ورؤية جيدة للشرق الأوسط عبر قبولها فكرة السلام، فإسرائيل بعدم قبولها فكرة السلام كما تراها دول الشرق الأوسط تصبح هي المسؤول الأول عن تدهور البيئة السياسية ومستقبلها بكل المكونات، وهي المسؤول الأول عن فتح المساحات والفرص للاختلال، فالاستقرار في الشرق الأوسط هو المفقود وإليه تعود كل الأسباب المؤدية إلى شرق أوسط مختلف، والعالم كله يدرك تلك النقطة التي ينطلق منها ويعود إليها عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، فمستقبل الشرق الأوسط في هذه المرحلة الدولية الحاسمة مؤهل للدخول في سباق تسلح نووي يمكنه أن يعيد خلط الأوراق من جديد حيث لا أحد سوف يتم استثناؤه من الاستقرار بما في ذلك القوى الدولية الكبرى.

الحقيقة التي يحملها العام 2025 لمنطقتنا تتوقع لنا أن الأفكار السياسية والاقتصادية والتنموية التي تنطلق في أجزاء مهمة من الشرق الأوسط وخاصة منطقة الخليج ستعمل على تغيير السيناريوهات المتشائمة ذات التوقعات الفوضوية، وخاصة أن اللاعبين الرئيسين عالمياً عليهم أن يصبحوا أكثر استعداداً للتوافق في تقييم خطورة منطقة الشرق الأوسط على السلام الدولي والضغط على المتمردين على السلام، وإلا فإن البدائل المتاحة كما ترويها 2025م لن تكون متوقعة.

المصدر: الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى