دور التجربة الحسية في تعزيز الولاء للعلامة التجارية
الترند العربي – متابعات
يعد تحفيز الخيال من أبرز الظواهر التي يسعى إليها الفنان في جميع ممارساته الإبداعية، حيث تعتبر أعلى درجات الاستجابة التي يمكن أن يصل إليها الجمهور. ما يثير الانتباه هو كيفية تحول الأفكار والمعلومات، وحتى المشاعر، إلى خيال خصب. هذا التحول يمثل رابطًا عميقًا بين التجربة الحسية التي تبدو بديهية وأساسية في الحياة اليومية، وبين قدرة الفنان على تحويل تلك التجربة إلى إبداع خيالي.
تتجلى التجربة الحسية كجزء لا يتجزأ من عملية التفاعل الإنساني مع العالم المحيط، ولكن الفن يرتقي بها إلى مستوى أعلى من خلال إنتاج خبرات خيالية تساهم في بناء محتوى جديد للعقل، مما يتيح للفنان اللعب بالتصورات والإبداع بطرق فريدة ومبتكرة.
ماهية التجربة الحسية
الحسُّ هو مصدر المعرفة الذي يتم التوصل إليه عن طريق الحواس، وتبدأ بالملاحظة البسيطة التي يعقبها تفسير مباشر من طرف الإنسان، فالصوت المسموع لتراك أو مقطع صوتي شهير، ورائحة العطور العالمية المشهورة، توحي إلى المستهلك بحالة من الانجذاب، أو تذكيره بشيء يعجيه.
يقول المصمم الياباني “كينيا هارا Hara Kenya”: “البشر هم مجموعة من األجهزة الحساسة للغاية، المولدة للصور، والمزودة بنظام تشغيل قوي للذاكرة والتخيل”، فالمحفزات الحسية المتعددة جنبا إلى جنب مع الذاكرة هي ما تنتج التجربة الحسية”.
وعليه فالتسويق الحسِّي نهج يركز على إنشاء محتوى جذاب يشرك من خلاله أحد الحواس عند العملاء الأمر يحفز الحواس ويولد المشاعر ويرسخ العلامة التجارية في أذهان الجمهور كما يؤثر في سلوكهم الاستهلاكي، ويوفر التسويق الحسي تجربة خاصة ولا تنسي بالنسبة للجمهور المستهدف ومن المعروف ايضا ان هذه الطريقة تحقق أفضل أداء عندما يتم استهداف أكثر من حاسة في حملة واحدة.
التجربة الحسية بين الماضي والحاضر
تاريخيًا، يمكن تتبع جذور التحليل الحسي إلى الحضارات القديمة، حيث كان الإنسان يعتمد في اختياره للطعام على صفاته الحسية مثل الطعم والرائحة. ومع ذلك، لم يتحول التحليل الحسي إلى علم منظم حتى القرن العشرين، حينما أصبحت الصناعات الغذائية تركز على فهم تفضيلات المستهلكين وتطوير منتجات ملائمة لاحتياجاتهم.
حاليًا، أصبح التحليل الحسي جزءًا حيويًا في صناعة الأغذية والمشروبات، حيث يُستخدم كأداة بحثية لتعزيز استراتيجيات العلامات التجارية، خاصة مع تزايد المنافسة في السوق العالمية، مما يعكس أهميته في تحقيق النجاح التجاري.
أشكال التجارب الحسية للسلع والمنتجات
تمثل هذه الاشكال دمج العاطفة مع الحس التسويقي، فالعاطفة تعتبر قوة مؤثرة في التسويق، حيث يسعى المستهلكون لبناء علاقات مع العلامات التجارية التي تتواصل مع قيمهم ومشاعرهم، ومن ثمَّ لتركيز على عواطف معينة يمكن أن يحفز العملاء على اتخاذ إجراءات مثل الشراء أو الاشتراك، كما يلي:
- البصر (التسويق المرئي): التسويق المرئي يعتمد على الصور، مقاطع الفيديو، واللافتات لجذب العملاء. يستخدم على نطاق واسع عبر التلفزيون، الشوارع، ومنصات التواصل الاجتماعي. توفر منصة نينجا سيلرز حلولًا لترتيب المنتجات بشكل يجذب العملاء بصريًا، ويمكن تعلم كيفية تنفيذ هذه الاستراتيجيات عبر أكاديمية نينجا سيلرز للتجارة الإلكترونية.
- السمع (التسويق الصوتي): الأصوات جزء فعال في تعزيز الوعي بالعلامة التجارية. من الإعلانات عبر الراديو في الماضي إلى البودكاست والمؤثرات الصوتية اليوم، يستخدم التسويق الصوتي لإثارة استجابة عاطفية قوية تجاه المنتجات.
- اللمس (التسويق الحسي): اللمس يتيح للعملاء التفاعل المباشر مع المنتجات، مما يعزز الثقة في جودتها. التجربة العملية في المتاجر، مثل لمس الأقمشة أو تجربة الملابس، تساعد في قرار الشراء.
- التذوق (التسويق عن طريق التذوق): العينات المجانية تُستخدم لإغراء المستهلكين بتجربة المنتجات الغذائية. إذا كان المذاق مميزًا، يزداد احتمال شراء المنتج، مما يجعله استراتيجية فعالة لتقليل قلق المستهلكين.
- الشم (التسويق عن طريق الرائحة): الروائح القوية تشجع المستهلكين على زيارة المتاجر والشراء. المطاعم تستخدم الروائح لجذب العملاء، وكذلك محلات العطور التي تقدم عينات من الروائح لجذب العملاء إلى تجربة المنتجات.
أهمية التسويق الحسي وتأثيره:
ينشا لدى المستهلك – في البداية – اتجاه العلامة التجارية والذي يعد تقييم عام يتشكل من معتقدات المستهلك واستجاباته العاطفية، مما يؤثر على مدى إعجابه بها. ثم الاتصال بالعلامة التجارية يمثل رابطة عاطفية قوية، حيث يعتبر المستهلك العلامة جزءًا من هويته “وهنا يبدأ الشعور الحسِّي تجاه السلعة أو المنتج”، مما يعزز شعوره – المستهلك – بالانتماء. من ثمَّ بكون ولاء العلامة التجارية الحسِّي الذي يعبِّر عن التزام عميق بالمداومة على شراء نفس المنتج أو الخدمة، مما يؤدي إلى تكرار الشراء وتعزيز العلاقات طويلة الأمد مع العلامة التجارية. بحسب دراسة “Sensory brand experience and brand loyalty: Mediators and gender differences”، المنشورة في مجلة Acta Psychologica عام 2024، المهتمَّة بالظاهر النفسية والمختلفة، أنَّ تجربة العلامة التجارية الحسية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على ولاء العلامة التجارية، حيث تُظهر أن تجربة العلامة التجارية الحسية، جنبًا إلى جنب مع الموقف تجاه العلامة التجارية والارتباط الذاتي بالعلامة التجارية، لديها قوة تفسيرية تبلغ 92.2%. على مستوى عينة الدراسة.
إنَّ التسويق الحسي يوفر تجربة شخصية ولا تُنسى للعملاء، ويتيح للمسوقين استخدام الحواس للتواصل مع المستهلكين بفعالية أكبر في عالم مشبع بالإعلانات. يساعد ذلك في تعزيز تصور العلامة التجارية وتوسيع انتشارها، حيث تؤثر التجارب الحسية على قرارات الشراء دون وعي. كما يُسهم في تعزيز ولاء العملاء، ويجعل المنتجات أكثر جاذبية عند الاعتماد على الحواس مثل البصر واللمس. يُمكّن التسويق الحسي الشركات من بناء تفاعل أعمق مع المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة ولائهم وتحسين تجربة الشراء. فبحسب الدراسة المُشار إليها، فإنَّ الموقف تجاه العلامة التجارية والارتباط الذاتي بالعلامة التجارية، من أكبر المواقف تأثيرًا في التجارب الحسية.
أهمية أبحاث السوق الحسية للمنتجات المختلفة
- رؤى المستهلك المتعمقة: لا يقتصر اهتمام المستهلكين على الذوق والملمس فقط، بل تتأثر قراراتهم بعناصر مثل الرائحة والمظهر والصوت. أبحاث السوق الحسية تمكّن الشركات من فهم هذه العوامل الدقيقة، مما يساعد في تطوير منتجات تلبي التوقعات الحسية المعقدة للمستهلكين.
- التمايز التنافسي: التحليل الحسي يمكن الشركات من تحديد السمات الفريدة لمنتجاتها، مما يعزز التمايز في سوق مليء بالمنافسة. هذا التمايز يعزز الولاء للعلامة التجارية ويحفز عمليات الشراء المتكررة.
- تعزيز قيمة العلامة التجارية: التجارب الحسية الإيجابية ترفع من قيمة العلامة التجارية. عندما تفي المنتجات بالوعود الحسية باستمرار، يرتبط ذلك بجودة العلامة، مما يزيد من إمكانية تسعير المنتجات بأسعار أعلى.
- تخفيف المخاطر في تطوير المنتجات الجديدة: التحليل الحسي يساهم في تقليل مخاطر فشل المنتجات الجديدة. يساعد في توجيه تطوير المنتجات وتحديد المخاطر المحتملة قبل الإطلاق، مما يقلل من التكاليف والمخاطر.
- حلقة التغذية الراجعة للتحسين المستمر: تتغير تفضيلات المستهلكين بفعل عوامل مثل التحولات الثقافية والابتكارات الغذائية. أبحاث السوق الحسية تتيح للشركات التكيف بسرعة مع هذه التغيرات، مما يضمن التحسين المستمر للمنتجات وفقًا لتفضيلات المستهلكين المتغيرة، وتظهر هذه الاهمية في أبحاث السوق الحسية للمواد الغذائية.
تعزيز ولاء العملاء للعلامة التجارية بشكل حسِّي
يعتمد الولاء لدى العملاء على فكرة تنوع، ينقسم نحو 3 مستويات رئيسة، الولاء المعرفي، الذي يعتمد على عوامل عقلانية مثل جودة المنتج والسعر، حيث يختار العملاء العلامة التجارية بناءً على القيمة المقدمة. الولاء العاطفي يتشكل من الروابط العاطفية الإيجابية، مما يخلق ارتباطًا بين العملاء وقيم العلامة التجارية. أما الولاء السلوكي، فهو يمثل الهدف الأسمى، حيث يصبح العملاء مناصرين للعلامة التجارية، مستمرين في اختيارها والترويج لها للآخرين. وهذا ما توافقت عليه دراسة حديثة لدى مجلة ” Asia Pacific Journal of Marketing and Logistics” العام 2024، بعنوان ” How social media marketing activities affect brand loyalty? Mediating role of brand experience”، أنَّ الجوانب العاطفية والسلوكية والفكرية من تجربة العلامة التجارية مرتبطة بنية الاستمرار في الاستخدام.
كما أنَّ الولاء للعلامة التجارية يمثل اتصالاً أعمق من الولاء للمنتج أو السلعة، حيث يختار العملاء بنشاط العلامة التجارية على المنافسين حتى عندما يواجهون زيادات طفيفة في الأسعار أو الإزعاج. هناك ارتباط عاطفي وتفضيل للعلامة التجارية، كالخروج عن طريقك لزيارة مقهى معين تحبه، أو التوقف حين تشتم رائحة القهوة الساحنة من إحدى العلامات التجارية المشهورة.
وبالتالي يُخلق الولاء الحسِّي للعلامة التجارية، مثل:
- التواصل العاطفي: إن العلامة التجارية التي تتوافق مع قيم العميل أو أسلوب حياته أو تطلعاته تخلق رابطًا أعمق. يمكن أن تساهم الفكاهة أو المسؤولية الاجتماعية أو الإحساس بالمجتمع في ذلك. فكر في التزام باتاغونيا بالنشاط البيئي أو احتفال دوف بالجمال الحقيقي.
- التجارب الإيجابية: كل تفاعل مع العملاء يشكل تصوراتهم. فالتجارب المبسطة عبر الإنترنت، والموظفون المطلعون والمتعاونون، أو المرتجعات الخالية من المتاعب، كلها تساهم في الارتباط الإيجابي بالعلامة التجارية.
- إدراك القيمة: يحتاج العملاء إلى الشعور بأنهم يحصلون على قيمة أموالهم. وهذا لا يشمل السعر فحسب، بل يشمل أيضًا جودة المنتج والخدمة وتجربة العلامة التجارية.
تجارب تسويق حسية عالمية
- العلامة التجارية الحسية من ماكدونالدز
تستخدم ماكدونالدز الصور المرئية لجذب حواس العملاء الخمس، من خلال إعلانات تجارية تعرض تحضير الطعام. تستخدم أيضًا أصوات ASMR وتبرز قوام الطعام، مما يخلق تصورًا عن رائحته وملمسه. هذا العرض يثير الرغبة لدى المستهلكين، وتعزز الأغنية الشهيرة “با-دا-با-با-با-أنا أحبها” الهوية الصوتية للعلامة.
- العلامة التجارية الحسية من Visa
شركة Visa أدركت تأثير الصوت على قرارات الشراء، لذا أضافت صوتًا مميزًا بعد كل معاملة. الهدف هو تعزيز شعور الأمان والثقة، مما يربط هذا الشعور بالعلامة التجارية. هذه الاستراتيجية تضمن الراحة والاتساق لعملاء Visa.
- العلامة التجارية الحسية من شركة Apple
تستغل شركة أبل العديد من الحواس بتصميم متاجرها البسيط والأنظف. كل منتج يمكن لمسه، مما يعزز الشعور بالجودة. الصوت أيضًا يلعب دورًا مهمًا، حيث تصدر الأجهزة صوتًا مميزًا عند قفل الهواتف.
- العلامة التجارية الحسية من ستاربكس
تستخدم ستاربكس الرائحة القوية للقهوة الطازجة كجزء من تجربتها الحسية. كل متجر يطحن حبوبه الخاصة، مما يخلق رائحة مهدئة تتعرف عليها العملاء بمجرد دخولهم. الهدف هو الحفاظ على صورة علامة تجارية متسقة ومريحة في جميع متاجرها.Bottom of Form
ختامًا تظل التجربة التسويقية الحسية أداة لجذب المستهلك وضمان ولاؤه، لكنَّ استرتيجيات ذكية منطقية لم تزل مطلوبة في استخدام هذا النوع من التجارب، التي تمسُّ مباشرةً بالعلامة التجارية، وتحدد مستقبلها مع العمل.