سؤال وجواب مع كريستوفر نولان حول فيلمه الجديد دونكيرك
ترجمة: نور نصرة
يثير فيلم الإثارة الملحمي “Dunkrik” للمخرج كريستوفر نولان عن الحرب العالمية الثانية حول الإجلاء البطولي لما يزيد عن 300000 جندي بريطاني من غزو قوات العدو في مايو عام 1940، ضجةً إعلاميةً. يُعدّ الفيلم الذي افتتح رسميًا يوم الجمعة إنجازًا فنيًا وثقافيًا على المستوى الشعبي. لقد حصل على تصنيف 9.1 على موقع روتن توميتوز “Rotten Tomatoes”، وهناك توقعات بأن يحقق نجاحًا كبيرة لشركة وارنر برذرز “Warner Brothers”.
بالنسبة لعشّاق الأفلام، كان حلمًا رائعًا مشاهدة فيلم دونكيرك الذي صُوّر بتقنية آيماكس 70ملليمترًا على مسرح والتر ريد “Walter Reade” البديع في مركز لينكولن للفنون في عصر يوم الإثنين، والذي أعقبه فقرة سؤال وجواب مع المخرج. نولان الذي استخدم مزيجًا من كاميرا آيماكس وتقنية 65 ملليمترًا في التصوير، لإطلاق ملحمته- والذي قال خلال فقرة سؤال وجواب أن 70 من فيلمه تم تصويره بتنسيق آيماكس- كان بمزاج جيّد كما يجب أن يظهر مخرج قرأ عدة مراجعات ويعرف أنه حقق ما يتطلع إليه.
على الرغم من معرفتنا المسبقة لنتيجة هذا الحدث التاريخي، إلا أن التشويق الذي يخلقه نولان في نسج ثلاث قصص منفصلة في الأرض والبحر والجو، مدهش حقًا حتى في جانبيه المؤثر والملحمي على حدّ سواء. أنتج الفيلم بالاشتراك مع زوجة نولان، إيمّا توماس «Emma Thomas»، وكانت عمليات التصوير في عدة مواقع في فرنسا وهولندا مع مشاهد إضافية في لوس أنجلوس والمملكة المتحدة.
يبدأ الفيلم بلقطة لجندي بريطاني شاب «الممثل الجديد فيون وايتهيد»، أثناء تجوله في قرية مجهولة، يبحث حول نافذة مفتوحة عن أعقاب سجائر، ويبدو أن رفاقه من الجنود البريطانيين يفعلون الشيء ذاته. ثم وفجأة، يلقى الجنود مصرعهم بفعل قناص من خلف السياج، ويبقى هو على قيد الحياة.
يجري الجندي الشاب باتجاه البحر، وهنا نرى مئات الآلاف من قوات الحلفاء، محاصرين على الشاطئ، ووجوههم نحو البحر. مشهد مذهل ورائع حقًا ولا بد أنه سيمنح المصور السينمائي هويت فان هويتما «Hoyte Van Hoytema» جائزة الأوسكار لإبداعه السينمائي في هذا الفيلم.
ما نوع الضغط الذي تشعر به وأنت تخرج فيلمًا مثل هذا الفيلم وبمثل هذا الوقت من العام، وبعدسة كاميرا كبيرة بهذا الحجم؟
كريستوفر نولان: هذا سؤال قاس، فكل فيلم هو مغامرة كبيرة ورهان حقيقي، فهل هذه مغامرة أكبر؟ لا أعلم.. كل ما أعلمه كعاشق للأفلام هو أنني أميل لرؤية الأشياء الجديدة والمختلفة.
ما هي الفكرة التي تجسّد روح دونكيرك؟ وماذا يعني هذا بالنسبة لبريطاني؟
كريستوفر نولان: حادثة دونكيرك هي واقعة من صلب الثقافة والتاريخ البريطاني، إنه يمثّل التكاتف في وجه الشدائد والتغلب على المصاعب معًا.
كشخص نشأ وهو يستمع إلى التاريخ، متى قررتَ اكتشاف هذا الأمر على الشاشة الكبيرة؟
كريستوفر نولان: لقد تطورت فكرة الفيلم على مرحلة زمنية طويلة، فبالنسبة لراوي قصص، بحثت عن ثغرة في التاريخ لأبني عليها. فأنت هنا تبحث عن قصة يجب أن تكون قد سُردت في كثير من الأفلام التي أنتجت. وأظن أن دونكيرك هي واحدة من أعظم القصص في تاريخ البشرية، لذا شعرت أنه ثمة فرصة كبيرة بين يديّ. وفيما يتعلّق بتفاصيل رغبتي القيام بهذا الفيلم وماذا يعني لي، أوّد أن آتي على ذكر رحلة قمتُ بها مع إيمّا «توماس»، منتجة الفيلم وزوجتي. لقد عبرنا دونكيرك، كان ذلك قبل حوالي عشرين عاماً، أردنا أن يكون عبورنا في نفس الوقت من العام تقريبًا الذي حثت فيه الهجرة، ومع اطلاع بسيط قمنا به حول مجريات القصة، حاولنا العبور بمجازفة حقيقية وكانت تجربة صعبة للغاية. استغرق الأمر وقتًا أكثر ممّا يجب، حوالي 19 ساعة، كانت القناة وعرة وشعرت أنها خطيرة. كانت تجربة مخيفة وصعبة، ودون أن يلقي علينا أحد القنابل، لذلك فإن تقديرك وانبهارك بالأشخاص الذين ركبوا تلك القوارب في عام 1940، وأنت تعلم أنهم كانوا متجهين إلى منطقة الحرب، إنه عمل شجاع بلا منازع، وأعتقد من هنا تشكلت نواة فكرة الفيلم بوضع الجمهور في هذه القوارب.
هناك إحساس دائم بدقّات ناقوس الخطر، استغرق الإجلاء من 9-7 أيام، لكن فكرة ناقوس الخط تبدأ من اللحظة الأولى. تظهر الموسيقى التي ألّفها هانز زيمر، وكأنها شخصية أخرى من شخصيات الفيلم وتخلق هذا الإحساس بالتشويق والرهبة.
كريستوفر نولان: كُتب السيناريو وفقًا لمبادئ موسيقية معينة، دُمجت المؤثرات الصوتية والموسيقى والصورة في بنية إيقاعية محددة بدقة.
هل يمكن أن تشرح لنا أكثر عن بنية التشويق في الفيلم؟
كريستوفر نولان: كتبت السيناريو في 76 صفحة فقط، لأنني كنت عازمًا مسبقًا أن الفيلم يجب أن يكون خفيفًا ومجردًا…أردنا أن تكون اللغة البصرية هي الأكثر تشويقًا…اطلعنا على أعمال المخرجين هيتشكوك، وهنري جورج كلوزو “للاستلهام”، وعرضنا فيلم “أجر الخوف” “The Wages of Fear” ليشاهده الممثلون.. فالأمر برمته يتعلق بمدى القرب الفيزيائي من عناصر الفيلم سواء ممثلين أو معدات، ومشاهدة لقطات قريبة لعجلات الشاحنة من أفلام أخرى. يمكنك خلق التعاطف مع الشخصيات فقط من خلال حالتهم الجسدية.
أخبرنا عن فكرة ربط هذه الخطوط الزمنية الثلاثة في ثلاث قصص وعن الخيط الذي يربط ثلاث سيناريوهات مختلفة تتقاطع في النهاية
كريستوفر نولان: لقد خططت لبناء الحبكة باهتمام بالغ قبل أن أكتب السيناريو.. لكن مسار السيناريو خرج بنتيجة مختلفة ليقول لنا أريد أن أكون على هذا النحو، أن أعبّر عن نفسي بطريقة ذاتية، طريقة بشرية. أردت فقط رؤية حقيقة ما تراه الشخصيات وهي تمضي في رحلتها، لكن بالنسبة للأشخاص الذين لا يعرفون القصة أردنا بناء تلك الصورة الأكبر.
فكيف تفعل ذلك دون حذف رأي السياسيين وإسهاب الجنرالات؟ والطريقة التي اخترتُ القيام بها هي تقسيمها إلى وجهات نظر متعددة تتفاعل وتظهر نفس الحدث من وجهات نظر مختلفة
كيف عرضت هذا الفيلم على المدراء التنفيذيين لأستديوهات الإنتاج؟ هل قلت لهم أريد أن أصنع فيلما كبيراً عن حدث تاريخي لم يسمع به معظم الأمريكيين من قبل؟
كريستوفر نولان: لم أعرضه على هذا النحو، «يضحك هنا». المفتاح كان في القصة. إنها واحدة من أعظم قصص التاريخ في البشرية. تمثل عرضي للفيلم في أنه هناك الكثير من أفلام هوليود على مدار الخمسين سنة الماضية ممن اختبروا لحظة دونكيرك نفسها. لحظة غير معترف بها أو كيف تشكلت. إذا نظرتَ إلى أول فيلم «سبايدر مان» للمخرج سام ريمي، أو فيلم Independence Day، كل هذه الأفلام عاشت لحظة دونكيرك. هذه هي اللحظة التي انطلقوا منها، لذلك هذا هو مفتاح الدعاية للفيلم، ومن ثم وعد أستديو التصوير الذي حاولت الوفاء به، هو ما جعله تجربة عميقة ومثيرة ومذهلة قدر الإمكان، وآمل أن تتخطى الحدود الثقافية والمحلية. يجب أن تتوجه جميع الأفلام هذه الأيام لتنافس على الصعيد العالمي، سيكون ثمة تحديات أكثر عندنا لا نتناول الثقافة الأميركية لكنني أظن أن لغة السينما لغة عالمية.
هل يمكن أن تحدثنا عن طاقم الفيلم، لديك ممثلين تقليديين، وآخرين بريطانيين مثل مارك ريلانس، كينيث براناه، توم هاردي وسيلان مورفي. لكن الممثلين الشباب الأقل شهرة يتألقون على وجه الخصوص، بدءاً من وايتهيد، البالغ من العمر عشرين عاماً، ثم هاري ستايلز، أنيورين بارنارد على سبيل المثل لا الحصر
كريستوفر نولان: كان مهماً جداً بالنسبة لي التعامل مع معطيات الواقع، وألا أفعل الشيء المعتاد في هوليود بأن نختار ممثلين بعمر الثلاثين لأدوار تتطلب عمر 19. أظن أنه أمر مهم أن يكون في الفيلم. ما زلنا نخوض الحروب ونرسل أطفالنا لخوضها، أطفال تتراوح أعمارهم بين 18 و19 و20 للقتال، لذلك أردنا الحصول على أشخاص بهذا العمر، لذا كنا نبحث في تجارب الأداء المفتوحة بين تلك الأعمار في مدارس الدراما. واخترنا «فيون وايتهيد» الذي لم يقم بأي عمل سينمائي من قبل. أردنا وجوهاً، عندما يراها الجمهور، لا يتوقع أحد منهم أن هذا الشاب سيواجه الجيش الألماني بأكمله. فأنتَ تنظر فقط إلى هذا الطفل الذي يُفكّر، طفل لا أريده أن يموت، أريد له النجاة.
كيف تفاعل الأشخاص الذين يعيشون في دونكيرك مع فيلمك عندما شاهدوه؟
كريستوفر نولان: التقيت ببعض المحاربين القدامى أثناء كتابتي السيناريو، واستقيتُ من بعض خبراتهم في الفيلم. نحن نعيش في مرحلة زمنية لن يكون هناك بعدها تاريخ حيّ لفترة طويلة. هؤلاء المحاربين القدامى هم في نهاية التسعينات من العمر. عرضنا الفيلم على 12 منهم قبل أسبوعين من عرضه، أردت أن يروا نسختي لما عاشوه. بالتأكيد هذه أصعب تجربة مهنية مررت بها. كان عرضاً عاطفياً جداً، ولا أريد التحدث نيابة عنهم، لكن الأمر كان مريحاً للغاية عندما انتهى العرض وكان ثمة تأييد ساحق منهم. شعرتُ أنهم سعداء جداً لأن قصتهم ستصبح معروفة في جميع أنحاء العالم.
لقد ذكرتَ أنك شاهدت الكثير من الأفلام عندما كنتَ طفلاً، وخاصة أفلام «حرب النجوم» لجورج لوكاس، وأفلام بوند الأولى. هل يمكن أن تغامر وتقوم بأحد أفلام بوند؟
كريستوفر نولان: أظن أنهم يقومون بعمل رائع وليسوا بحاجتي.
المصدر: سوليوود