تجربة اجتماعية
عمر غازي
في السنوات الأخيرة، وتحت شعار “تجربة اجتماعية” انتشرت ظاهرة تصوير مقاطع فيديو لأشخاص دون علمهم، ثم إخبارهم بذلك في نهاية المقطع بعد توريطهم أحيانًا في تصرفات مشينة من خلال اختبار أمانتهم أو أخلاقهم، وفي نهاية المقلب إخبارهم بحقيقة هذا التلاعب وطلب السماح منهم بالنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي حال رفضهم ذلك أحيانا يلجأ صاحب المقطع للنشر ايضًا مع علامة تمويه، ويرى هذا كافيًا، دون اعتبار لخصوصية الناس وحرمة حياتهم الخاصة ومشاعرهم وأوقاتهم.
هذه المقاطع التي تعتمد على التلاعب بمشاعر الناس وعواطفهم وأحيانا غرائزهم ونقاط ضعفهم لتحقيق شهرة وانتشار سريع على الإنترنت، تثير العديد من التساؤلات حول الحدود الأخلاقية التي يجب على صناع المحتوى احترامها. فهل مشاعر الناس وعواطفها ودموعها ونقاط ضعفها مجرد تجربة لمن يمتلك كاميرا وبعض الفراغ؟ ومن الذي يحدد التجارب الاجتماعية.. ألا يوجد معايير لها؟ أم هي مشاع لكل من هب ودب؟ وألم يحن الوقت لوضع ميثاق مهني وأخلاقي لصناع المحتوى؟
لا شك أن بعض هذه التجارب قد تسلط الضوء على قضايا مهمة وتعمل على نشر التوعية حول موضوعات حساسة. في حين أن آخرين قد يستغلون هذه التجارب لتحقيق شهرة شخصية وجذب المتابعين على حساب مشاعر الآخرين.
لذا يتوجب على صناع القرار العمل على إقرار ميثاق مهني وأخلاقي يرشد صناع المحتوى لإنتاج محتوى ملتزم بمعايير أخلاقية عالية، للحد من انتشار المحتوى المسيء والتلاعب بمشاعر الناس. ويمكن أن يتضمن هذا الميثاق توجيهات حول احترام خصوصية الأفراد وعدم استغلال ضعفهم أو مشاعرهم لأغراض شخصية. كما يجب على المنصات الاجتماعية تبني سياسات صارمة لحذف المحتوى المسيء ومنع انتشاره.
خلاصة القول؛ العمل على ضمان إنتاج محتوى مسؤول وملتزم بالأخلاق والقيم الإنسانية هو مسؤولية مشتركة لضمان الوعي الأخلاقي والاحترام المتبادل بين الناس من أجل تعزيز ثقافة إيجابية ومستدامة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحقيق توازن بين الإبداع والاحترام لمشاعر الناس، للمساهمة في إنشاء مجتمع إلكتروني أكثر تعاونًا وودية، حيث يتم النظر إلى مشاعر الناس على أنها ليست مجرد أداة للترفيه أو تحقيق شهرة سريعة.
تعليق واحد