عملية دقيقة في الدمام.. أطباء ينجحون في استخراج 49 مغناطيسًا من بطن طفل باستخدام المنظار
الترند العربي – متابعات
في واقعة طبية نادرة تحمل أبعادًا صحية وتوعوية مهمة، تمكن فريق طبي متخصص في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام – أحد منشآت تجمع الشرقية الصحي – من إنقاذ طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، بعد العثور على 49 مغناطيسًا ابتلعها خلال فترة قصيرة من الزمن، ما شكّل خطرًا بالغًا على حياته. العملية التي أُجريت عبر المنظار دون جراحة مثّلت مثالًا دقيقًا على كفاءة الفرق الطبية في التعامل مع الحالات الحرجة التي تستدعي سرعة التدخل ودقة التنفيذ في وقت واحد.

الحالة تصل إلى الطوارئ.. والاشتباه يتحول إلى اكتشاف خطير
بدأت تفاصيل الواقعة عندما وصل الطفل إلى قسم الطوارئ وهو يعاني من آلام واضحة في البطن مع أعراض مرتبطة بعسر الهضم، وهو ما دفع الأطباء إلى إجراء فحوصات عاجلة للتأكد من عدم وجود انسداد أو ابتلاع أجسام غريبة. الأشعة التي تم إجراؤها أظهرت مفاجأة صادمة؛ سلسلة من المغناطيسات المعدنية موزعة بين المعدة والأمعاء الدقيقة بشكل متشابك.
هذا النوع من الأجسام يُعد من أخطر ما يمكن أن يبتلعه الأطفال، إذ قد يؤدي التصاق المغناطيسات ببعضها داخل الأمعاء إلى حدوث ثقوب أو انسداد حاد، وهو وضع يهدد حياة الطفل ويستدعي تدخلاً عاجلاً قبل تطور المضاعفات.

قرار التدخل عبر المنظار.. بين الدقة والحلول الأقل خطورة
بعد التشخيص، قرر الفريق الطبي اعتماد خيار المنظار العلوي للجهاز الهضمي بدلاً من الجراحة المفتوحة، وهي خطوة تتطلب مهارة عالية نظرًا لحجم وعدد وطبيعة الأجسام المعدنية داخل الجهاز الهضمي. وقد استغرقت العملية حوالي ساعة واحدة، تمكن خلالها الأطباء من إزالة المغناطيسات جميعها دون أي تمزق أو نزيف داخلي ودون الحاجة لفتح البطن.
يشير مختصون إلى أن التعامل مع هذا النوع من الحالات عبر المنظار يمثل تطورًا مهمًا في قدرة المستشفيات على تقليل المخاطر وتعجيل التعافي، خصوصًا للأطفال الذين تكون عمليات البطن المفتوح بالنسبة لهم أكثر حساسية وتستغرق وقتًا أطول في الشفاء.

مخاطر ابتلاع المغناطيس.. لماذا يُعد خطرًا مضاعفًا؟
ابتلاع جسم معدني واحد قد يكون خطرًا، لكن ابتلاع مغناطيسات متعددة هو أمر أكثر تهديدًا للحياة. السبب يكمن في قدرة المغناطيسات على الالتصاق مع بعضها داخل الأمعاء عبر الجدار الحيوي، مما يؤدي إلى:
– التمزق الداخلي
– انسداد الأمعاء
– موت أنسجة معينة بسبب الضغط
– تسرب محتوى الجهاز الهضمي إلى البطن
ويشرح أطباء الأطفال أن المغناطيسات الصغيرة التي تشبه ألعاب الفك والتركيب هي الأكثر تسببًا في هذه الحوادث، لأنها غالبًا ما تمر دون انتباه الأسرة عندما تختفي من بين ألعاب الطفل.

دور الأسرة.. خط الدفاع الأول ضد الحوادث المنزلية
شددت إدارة المستشفى على أن الرقابة الأسرية تمثل محورًا رئيسيًا في الحد من مثل هذه الحوادث، خاصة في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وهي المرحلة التي يختبر فيها الأطفال العالم من حولهم عبر الفم، فيلتقطون القطع الصغيرة ويبتلعونها دون إدراك لخطورتها.
وتؤكد إحصاءات طبية أن نحو 20% من حالات ابتلاع الأجسام الغريبة بين الأطفال ترتبط بالألعاب المعدنية والمغناطيسية، ومعظمها يمكن تجنبه عبر مراقبة دقيقة وإبعاد الأدوات الخطرة عن متناولهم.
كفاءة المستشفى وإمكاناته.. عوامل حسمت نجاح العملية
نجاح العملية دون جراحة لم يكن مصادفة، بل نتيجة لتكامل عدة عوامل تشمل:
– توفر أجهزة مناظير حديثة
– فريق متخصص في طب الأطفال وجراحات الجهاز الهضمي
– سرعة الاستجابة في قسم الطوارئ
– بروتوكولات دقيقة للتعامل مع حالات ابتلاع الأجسام الغريبة
وتشير مصادر طبية داخل المستشفى إلى أن التطبيق المستمر للمعايير الحديثة في التدخل غير الجراحي يعزز قدرة المنشأة على التعامل مع الحالات الحرجة بأقل مضاعفات ممكنة.
دروس مستفادة من الحالة.. البعد الصحي والتعليمي
لا يتوقف تأثير هذه الواقعة عند حدود نجاح العملية، بل يمتد إلى الأبعاد التوعوية، إذ تمثل رسالة واضحة حول ضرورة مراجعة أنواع الألعاب المستخدمة داخل المنازل، خصوصًا تلك التي تحتوي على قطع صغيرة قابلة للانفصال مثل المكعبات المغناطيسية أو الألعاب الهندسية.
من ناحية أخرى، تبرز أهمية إدراك الأسرة للأعراض التي قد تظهر على الطفل، مثل:
– ألم مستمر في البطن
– الغثيان
– القيء
– فقدان الشهية
– تغير السلوك العام للطفل أو زيادة الانزعاج
وفي كثير من الحالات، لا تعترف الأطفال بابتلاع شيء غريب، لذلك تبقى الأشعة والفحوصات التشخيصية هي السبيل الوحيد لكشف الحقيقة وتحديد موقع الجسم داخل الجهاز الهضمي.
تحليل طبي: لماذا تتكرر مثل هذه الحالات؟
يُرجع الأطباء أسباب تكرار هذا النوع من الحوادث إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
أولًا: الألعاب المغناطيسية الحديثة
الكثير من الألعاب التعليمية والتركيبية أصبحت تعتمد على مغناطيسات صغيرة وقوية يسهل تفكيكها وابتلاعها.
ثانيًا: غياب مراقبة مستمرة
انشغال الأسرة بالعمل أو الأجهزة الإلكترونية يقلل من التركيز على تحركات الطفل.
ثالثًا: صعوبة اكتشاف الحالة مبكرًا
لا تظهر الأعراض دائمًا بشكل واضح، وقد يختلط الأمر مع آلام المعدة العادية.
هذه العوامل تجعل من حالات ابتلاع الأجسام الغريبة تحديًا متكررًا يواجه أقسام الطوارئ في المستشفيات.
قبل وبعد العملية.. متابعة دقيقة لسلامة الطفل
بعد استخراج المغناطيسات، خضع الطفل للمراقبة الطبية لعدة ساعات للتأكد من:
– عدم وجود نزيف داخلي
– سلامة جدار المعدة والأمعاء
– استقرار العلامات الحيوية
– استعادة الطفل لقدرته الطبيعية على تناول السوائل والمأكولات الخفيفة
وبحسب الفريق الطبي، خرج الطفل من المستشفى لاحقًا في حالة مستقرة ودون أي مضاعفات، في نتيجة توصف طبيًا بأنها نموذجية بالنظر لحجم الخطر الذي شكّله وجود هذا العدد الكبير من المغناطيسات داخل جهازه الهضمي.
كيف يمكن الوقاية؟
يركز الأطباء على أربع توصيات أساسية لتجنب تكرار هذه الحوادث:
– منع الأطفال من اللعب بقطع مغناطيسية صغيرة أو مجسمات يمكن تفكيكها بسهولة
– فحص الألعاب بشكل دوري للتأكد من سلامتها
– إبعاد القطع المعدنية عن أماكن لعب الأطفال
– مراجعة الطوارئ فورًا عند الاشتباه بابتلاع جسم غريب
المنظار مقابل الجراحة.. قراءة طبية في القرار
يُعد اختيار المنظار بديلًا للجراحة واحدًا من أفضل الخيارات المتاحة عند التعامل مع حالات مشابهة، لما له من فوائد تشمل:
– تقليل وقت العملية
– تقليل المضاعفات
– سرعة التعافي
– تجنّب مخاطر التخدير الطويل
– تجنّب الندوب الجراحية
ومع ذلك، فإن هذا الخيار لا يكون مناسبًا دائمًا، فبعض الحالات المعقدة الناتجة عن ثقوب أو التصاقات داخلية قد تستدعي جراحة مفتوحة. أما في هذه الحالة، فكان المنظار خيارًا مثاليًا بسبب سرعة التشخيص وعدم حدوث أي تمزق في الأمعاء.
سياق أوسع: ارتفاع حالات ابتلاع الأجسام الغريبة عالميًا
يشير مختصون في طب الأطفال إلى أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في حوادث ابتلاع الأجسام المغناطيسية، خصوصًا في الفئة العمرية ما بين عامين وخمسة أعوام. وقد دفعت هذه الزيادة بعض الدول إلى فرض قيود على بيع ألعاب تحتوي على مغناطيسات صغيرة قابلة للابتلاع.
ويرى خبراء أن الوعي الأسري والتشريعات المتعلقة بسلامة الألعاب يلعبان دورًا محوريًا في الحد من هذه الحوادث، خاصةً في مرحلة ما قبل المدرسة.
خلاصة المشهد: حالة طبية نجحت قبل أن تتحول إلى كارثة
تمثل عملية استخراج 49 مغناطيسًا من بطن طفل في الدمام حالة طبية استثنائية لم تنتهِ فقط بنجاح التدخل، بل أعادت تسليط الضوء على أهمية الدور الوقائي للأسرة، وعلى قدرات المنظومة الصحية السعودية في التعامل مع حالات معقدة تتطلب تدخلًا دقيقًا وسريعًا.
هل ابتلاع المغناطيس خطير؟
نعم، ابتلاع مغناطيس واحد خطير، أما ابتلاع عدة مغناطيسات فيُعد حالة طارئة تهدد حياة الطفل.
هل كان التدخل الجراحي ضروريًا؟
لا، نجح الفريق الطبي في استئصال المغناطيسات عبر المنظار دون جراحة.
كم عدد المغناطيسات التي تم استخراجها؟
تم استخراج 49 مغناطيسًا من المعدة والأمعاء الدقيقة.
ما الأعراض التي يجب مراقبتها عند الاشتباه بابتلاع جسم غريب؟
آلام البطن، القيء، بكاء غير معتاد، فقدان الشهية، أو تغيّر سلوك الطفل.
كيف يمكن حماية الأطفال من الحوادث المشابهة؟
من خلال الرقابة المستمرة، وإبعاد القطع الصغيرة، وفحص الألعاب بانتظام.
اقرأ أيضًا: 497 خرقًا لوقف إطلاق النار في غزة خلال أيام قليلة.. المكتب الإعلامي يعرض الحصيلة الكاملة


