فريق طبي في جازان ينجح في استئصال تكيس رئوي ضخم من رضيع حديث الولادة… إنقاذ حياة يبدأ من غرفة العمليات ويعكس قفزات القطاع الصحي

الترند العربي – متابعات

في إنجاز طبي جديد يعكس تطور القدرات الجراحية والعلاجية في المنطقة الجنوبية، نجح فريق طبي في مستشفى جازان العام – أحد مكونات تجمع جازان الصحي – في إجراء عملية دقيقة لإنقاذ رضيع حديث الولادة يعاني من تشوّه خلقي كبير في الرئة اليمنى، أدى إلى اضطرابات تنفسية حادة فور الولادة. العملية التي تم تنفيذها داخل المستشفى دون الحاجة إلى تحويل الطفل خارج المنطقة تُعد خطوة نوعية تعكس جاهزية المنظومة الصحية في جازان، وقدرتها على تقديم رعاية تخصصية متقدمة في طب حديثي الولادة والجراحة الصدرية.

ولادة حرجة وتشخيص سريع للحالة
بدأت تفاصيل الحالة مع ولادة طفل بوزن 2100 غرام، ظهرت عليه علامات ضيق تنفسي شديد منذ اللحظات الأولى. أظهرت الفحوصات الطبية وجود تكيس ضخم في الفص الأوسط من الرئة اليمنى يبلغ حجمه نحو 15 سم، ما تسبب في ضغط كبير على الفصين العلوي والسفلي للرئة، وتسبب في أزمة تنفسية حادة مع تدهور غازات الدم وارتفاع الحاجة للأكسجين. هذه المؤشرات دفعت الفريق الطبي للتعامل مع الحالة كحالة طارئة تستوجب تدخلاً عاجلاً لتثبيت الحالة واستعادة الوظائف الحيوية.

إنقاذ تنفسي عاجل داخل وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة
تم نقل الرضيع مباشرة إلى وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، حيث تلقى دعمًا تنفسيًا باستخدام جهاز التنفس الصناعي، تزامنًا مع تحاليل مخبرية موسعة، ومتابعة العلامات الحيوية على مدار الساعة. كما خضع الطفل لتصوير مقطعي للصدر لتحديد موقع التكيس بدقة، وإجراء أشعة إيكو للقلب لاستبعاد وجود تشوهات مصاحبة. كان هذا التدرج التشخيصي ضروريًا للتأكد من جاهزية الطفل للتدخل الجراحي وتقليل المخاطر، خاصة أن مثل هذه الحالات قد تتطلب تأجيل الجراحة للتثبيت الطبي أولًا، إلا أن تطور الحالة التنفسية جعل القرار الجراحي هو الخيار الوحيد لإنقاذ الرئة.

تنسيق متكامل قبل الجراحة
أوضح الفريق الطبي المشرف أن إعداد الطفل للجراحة خضع لتنسيق معقد بين أقسام التخدير، وطب حديثي الولادة، والأشعة، والجراحة الصدرية، لضمان أعلى درجات الأمان خلال العملية. ركز الفريق على اختيار بروتوكول تخدير مناسب للأطفال حديثي الولادة، مع توفير أجهزة تنفس متقدمة مصممة للتعامل مع الرئة الهشة، إضافة إلى خطة تهوية خاصة بالفصوص المتبقية بعد استئصال الفص المصاب.

التدخل الجراحي الحاسم واستئصال الفص المصاب
أُجريت العملية عبر شق أيمن للوصول إلى الرئة، حيث تم استئصال الفص الأوسط بالكامل، وهو الجزء الذي يحتوي على التكيس. وبعد الاستئصال، تم تقييم تمدد الفصين العلوي والسفلي لضمان عودتهما إلى وضعهما الطبيعي دون ضغط، مع التأكد من عدم وجود نزيف أو تسرب هوائي قد يؤدي إلى مضاعفات لاحقة. وأكد الفريق الجراحي أن العملية تكللت بالنجاح، حيث عاد الطفل تدريجيًا إلى التنفس الطبيعي، وتم فصله عن جهاز التنفس الصناعي خلال أسبوعين قبل خروجه من المستشفى بصحة مستقرة.

تحسن تدريجي وخروج آمن من المستشفى
بعد الجراحة، خضع الطفل لمراقبة دقيقة في العناية المركزة لضمان استقرار الدورة الدموية والتنفس، وتحسين الوظائف الرئوية. تم تخفيض حاجته للأكسجين تدريجيًا، إلى جانب برامج تغذية مخصصة لحديثي الولادة ذوي الحالات الجراحية، حتى وصل إلى مرحلة الإرضاع الطبيعي وخرج من المستشفى بصحة جيدة.

أسماء الفريق الطبي المشرف على العملية
شارك في العمل فريق طبي متعدد التخصصات يضم:
د. محمد حكمي – استشاري طب حديثي الولادة
د. عيسى مغفوري – استشاري طب حديثي الولادة
د. سلافة محمود – استشارية طب حديثي الولادة
د. فيصل القاسمي – استشاري تخدير الأطفال
د. سلمان الغزواني – استشاري جراحة الأطفال وحديثي الولادة
د. تشارلوس سو – استشاري جراحة الأطفال
د. محمد عبد الهادي – أخصائي أول جراحة الأطفال
د. سعاد سعيد جبارة – استشارية الأشعة التشخيصية
د. عبدالرحيم محمد سر الختم – استشاري الأشعة التشخيصية

إنجاز يعكس تطور القطاع الصحي في جازان
يمثل إجراء هذا النوع من العمليات داخل مستشفى جازان العام تحولًا مهمًا في منظومة الرعاية الصحية في المنطقة الجنوبية، حيث كانت مثل هذه الحالات تُحوّل سابقًا إلى مراكز تخصصية في مدن أخرى. هذا التطور يعكس:

• تأهيل بنى جراحية متقدمة داخل المستشفى
• رفع كفاءة الكوادر المحلية في طب حديثي الولادة والجراحة الصدرية
• توافر أجهزة تشخيصية وتهوية خاصة للمواليد
• توسع الخدمات التخصصية ضمن نموذج الرعاية الصحية الوطني

رعاية متكاملة ضمن “نظام الولادة الآمنة”
تأتي هذه الحالة ضمن نظام الولادة الآمنة كجزء من نموذج الرعاية الصحية الشاملة في المملكة، الذي يوفر مسارًا علاجيًا يبدأ من مرحلة ما قبل الحمل وحتى ما بعد الولادة، بما يضمن سلامة الأم والمولود ويقلل نسب المراضة والمضاعفات المرتبطة بالتشوهات الخلقية.

تصاعد الثقة في القدرات الطبية المحلية
تُعد هذه العمليات مؤشرًا على قدرة مستشفيات المناطق على إدارة حالات دقيقة دون الحاجة لتحويل المرضى، الأمر الذي:

• يقلل مخاطر النقل الجوي والبري
• يُسرّع التدخل العلاجي
• ويتيح للأسر البقاء قريبًا من مناطق سكنهم أثناء العلاج

أهمية التشخيص المبكر للتشوهات الرئوية الولادية
توضح هذه الحالة أهمية برامج الفحص المبكر للمواليد، وتفعيل التشخيص المعتمد على الأشعة المقطعية، إضافة إلى دور:

• المتابعة خلال الحمل
• وطب الأجنة
  في اكتشاف بعض التشوهات قبل الولادة، مما يساعد في التخطيط المسبق للجراحة.

رسالة إنسانية
يمثل نجاح العملية نموذجًا لالتقاء الجهد الطبي والدعم الأسري في توفير بيئة علاجية تنقذ حياة طفل بدأ أول لحظات حياته بمعركة تنفس حقيقية، وتجاوز أزمتها بفضل تدخل متخصص سريع.

تؤكد هذه العملية أن منظومة الصحة في جازان تمضي في تطوير قدراتها بخطوات متقدمة، وأن توفير خدمات جراحية معقدة لحديثي الولادة داخل المنطقة يعكس رؤية شاملة لرفع جودة الحياة وتعزيز الوصول إلى الرعاية التخصصية، دون الحاجة للإحالة إلى خارج المنطقة.

اقرأ أيضًا: مركز الملك سلمان يوزّع 1200 سلة غذائية للنازحين في “السوكي” السودانية ضمن المرحلة الثالثة لدعم الأمن الغذائي