تراجع الذهب يهز الأسواق العالمية.. هل تنتهي الملاذات الآمنة؟

الترند العربي – متابعات
شهد الذهب منذ مطلع عام 2025 أداءً مذهلًا تجاوز كل التوقعات، بعدما اخترق حاجز 4,380 دولارًا للأوقية لأول مرة في تاريخه، محققًا مكاسب تجاوزت 60% خلال أقل من عشرة أشهر، ليصبح المعدن الأصفر حديث المستثمرين حول العالم. إلا أنّ هذا البريق خفت فجأة خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر، حين سجّل الذهب أكبر هبوط يومي له منذ أكثر من 12 عامًا، ليتراجع بأكثر من 6% في جلسة واحدة، تلتها خسائر إضافية جعلت سعره يستقر اليوم عند حدود 4,100 دولار للأوقية.
هذا التراجع السريع فتح الباب أمام تساؤلات حول الأسباب الحقيقية للانخفاض، وما إذا كانت “حمّى الذهب” قد انتهت، وكيف ينبغي للمتداولين أن يتعاملوا مع هذا المنعطف الحاد في الأسواق.

الأسباب وراء تراجع الذهب
يرى محلّلون أن الهبوط الأخير يمكن تفسيره بثلاثة عوامل رئيسية:
أولًا – جني الأرباح بعد صعود قياسي
بعد مكاسب قوية دامت أشهرًا، بدأ العديد من المستثمرين ببيع الذهب لجني الأرباح، خاصة أولئك الذين اشتروا عند مستويات أقل من 3,000 دولار للأوقية، وهو ما شكّل ضغطًا كبيرًا على الأسعار.
ثانيًا – صعود الدولار الأمريكي
ارتفاع قيمة الدولار جعل الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة، مما أدى إلى تراجع الطلب عليه، في وقتٍ تزايد فيه الإقبال على الأصول المقومة بالدولار مثل السندات والأسهم الأمريكية.
ثالثًا – انحسار التوترات الجيوسياسية
الذهب عادةً ما يزدهر في أوقات عدم اليقين، لكن انحسار المخاوف الجيوسياسية مؤخرًا، لا سيّما في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين، أسهم في تراجع الطلب عليه كملاذ آمن. كما أن تفاؤل الأسواق بانتعاش اقتصادي معتدل دفع المستثمرين إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى.

بين القلق والفرص.. كيف يتصرف المتداولون؟
رغم التراجع المفاجئ، لا يرى الخبراء أنّ الذهب يمرّ بأزمة، بل يعتبرونه “استراحة فنية” بعد موجة صعود طويلة. لذلك فإن المتعاملين بحاجة إلى إستراتيجية متوازنة تقوم على خمسة محاور أساسية:
- إعادة التوازن لا الانسحاب:
من الأفضل تعديل حجم الاستثمار في الذهب بدلًا من بيعه كليًا، لأن الذهب ما زال يمثل أداة تحوّط فعالة ضد التضخم وضعف العملات. - تنويع الأصول:
ينصح المحللون بعدم الاعتماد الكامل على الذهب، بل دمجه ضمن محفظة متنوعة تشمل أسهم التعدين، والصناديق المتداولة، والمجوهرات أو السبائك. - المرونة والانتقائية:
تختلف أدوات الاستثمار في الذهب من حيث المخاطر والعائد، لذلك من الضروري اختيار الوسائل المناسبة ومتابعة العوامل المحركة مثل أسعار الفائدة وتوقعات النمو. - مراقبة المؤشرات الاقتصادية:
تبقى بيانات التضخم، وسياسات البنوك المركزية، واتجاهات الدولار، هي المحددات الرئيسية لمسار الذهب في المرحلة المقبلة. فإذا ارتفع التضخم مجددًا، أو تصاعدت التوترات العالمية، فإن الذهب مرشح للعودة إلى الصعود بسرعة. - التحكم في المخاطر:
بالنسبة للمستثمرين القلقين من مزيد من الهبوط، يمكن تقليص حجم المراكز تدريجيًا دون التخلي الكامل عن المعدن، خاصة لمن يستثمرون فيه على المدى الطويل.

ما بين الهدوء المؤقت وإعادة التقييم
يعتقد بعض الخبراء أن السوق يشهد “تصحيحًا صحيًا” بعد صعود مبالغ فيه، بينما يرى آخرون أن الأسعار قد تعود لتتخطى 4,500 دولار في حال تزايد الضغوط التضخمية أو تدهورت الثقة في العملات الورقية. وفي المقابل، إذا استمرت شهية المخاطرة قوية، فقد تستمر الأسعار في نطاق 3,900 إلى 4,200 دولار خلال الأسابيع القادمة.
نصيحة ختامية
الذهب يظل أصلًا فريدًا لا يتبع القواعد التقليدية للأسواق، فبينما يخسره البعض في فترات الهدوء، يراه آخرون فرصة لا تُعوّض عند الانخفاض. ويبقى الخيار الذكي هو الاستثمار الواعي القائم على الموازنة بين المخاطر والعوائد، مع مراقبة الإشارات الاقتصادية بعين دقيقة، لأن “الحمّى” قد تخفت مؤقتًا، لكنها لا تنتهي أبدًا.
ما الأسباب الحقيقية وراء هبوط أسعار الذهب مؤخرًا؟
يعود التراجع الأخير إلى ثلاثة عوامل رئيسية: جني الأرباح بعد صعود قياسي، ارتفاع الدولار الأمريكي، وانحسار التوترات الجيوسياسية التي كانت تدعم الطلب على الذهب كملاذ آمن.
هل يعني الانخفاض الحالي أن “حمّى الذهب” انتهت؟
ليس بالضرورة، فغالبًا ما يشهد الذهب تصحيحات مؤقتة بعد موجات صعود قوية. يبقى المعدن النفيس أصلًا استراتيجيًا للتحوّط ضد التضخم وتقلبات الأسواق، وقد يعود إلى الارتفاع إذا ظهرت توترات أو صدمات اقتصادية جديدة.
كيف يمكن للمستثمرين التعامل مع هذا التراجع؟
ينبغي للمستثمرين عدم التخلي عن الذهب كليًا، بل إعادة توازن محافظهم وتنويع الأصول. كما يُفضل مراقبة بيانات التضخم والسياسات النقدية لتحديد الوقت الأنسب للشراء أو البيع.
هل يمكن أن يعود الذهب إلى قمته السابقة عند 4,380 دولار؟
العودة ممكنة في حال ارتفعت معدلات التضخم أو زادت المخاطر السياسية والاقتصادية، لكن استمرار استقرار الدولار وتحسن شهية المخاطرة قد يُبقي الأسعار في نطاق 3,900 إلى 4,200 دولار مؤقتًا.
هل ما زال الذهب يُعدّ استثمارًا آمنًا في 2025؟
نعم، فالذهب يظل أحد أهم الأصول الآمنة على المدى الطويل، خصوصًا في فترات الغموض الاقتصادي. ومع ذلك، يُنصح بالاستثمار المتوازن ومتابعة التطورات العالمية بدقة قبل اتخاذ أي قرار.
اقرأ أيضًا: “كاوست” و”أرامكو” تطلقان المركبة الجوية الهجينة (HUCT) بتقنية سعودية تحدث تحولًا في الفحص الصناعي



