النفط يرتفع بأكثر من دولار للبرميل وسط توقعات بانتعاش الطلب العالمي

النفط يرتفع بأكثر من دولار للبرميل وسط توقعات بانتعاش الطلب العالمي
الترند العربي – متابعات
انتعاش الأسعار في الأسواق العالمية
شهدت أسعار النفط العالمية اليوم ارتفاعًا ملحوظًا بأكثر من دولار للبرميل، مواصلة مكاسبها للجلسة الثانية على التوالي، في ظل تفاؤل الأسواق بزيادة الطلب العالمي على الطاقة وتحسّن المؤشرات الاقتصادية في عدد من الدول الكبرى.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.76 دولار أو بنسبة 2.81% لتسجل 64.35 دولارًا للبرميل، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 1.68 دولار أو بنسبة 2.87% لتصل إلى 60.18 دولارًا للبرميل.
ويأتي هذا الارتفاع بعد تراجعات سابقة شهدتها الأسواق في بداية الأسبوع نتيجة المخاوف من تباطؤ الطلب وضعف النمو الاقتصادي في بعض المناطق الصناعية، قبل أن تعود الثقة تدريجيًا بدعم من مؤشرات الإنتاج والتخزين الأمريكية.

العوامل المحفّزة للارتفاع
يرى محللون أن الانتعاش الأخير في الأسعار يعود إلى مجموعة من العوامل الجوهرية التي دعمت السوق، أبرزها:
- تراجع مخزونات النفط الأمريكية وفقًا لتقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، الذي أظهر انخفاضًا بأكثر من 3 ملايين برميل خلال الأسبوع الماضي، ما يعكس تحسن مستويات الاستهلاك المحلي.
- تزايد الطلب الآسيوي خصوصًا من الصين والهند، مع عودة النشاط الصناعي والتجاري إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا في عدد من المدن الكبرى.
- التزامات “أوبك+” بخفض الإنتاج بشكل مستمر لضبط التوازن في الأسواق، وهو ما ساهم في دعم الأسعار ومنع أي انهيار مفاجئ في المعروض.
- تحسن حركة الطيران العالمية مع توسع شبكات الرحلات الدولية وارتفاع الطلب على وقود الطائرات بنحو 8% في الأسابيع الأخيرة، حسب بيانات “بلومبيرغ”.
سياسة أوبك+ وموقف السعودية
تلعب المملكة العربية السعودية، أكبر منتج في منظمة أوبك، دورًا محوريًا في ضبط توازن السوق من خلال التزامها الدقيق بخطط الخفض الإنتاجي.
وقد أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات سابقة أن المملكة مستمرة في اتباع سياسة “الاستقرار أولًا”، لضمان سوق نفطية متوازنة ومستدامة تعود بالنفع على المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
وأشار إلى أن التحولات في الأسعار الحالية “تعكس تفاعل الأسواق الطبيعي مع معطيات العرض والطلب، ولا تشكّل مصدر قلق بقدر ما تمثل فرصة لزيادة كفاءة الإنتاج العالمي”.

التوقعات المستقبلية للأسعار
تتباين توقعات المؤسسات المالية العالمية بشأن اتجاه أسعار النفط خلال الربع الأخير من عام 2025.
ففي حين تتوقع وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن تستقر الأسعار بين 63 و68 دولارًا للبرميل، ترجح “غولدمان ساكس” إمكانية صعود خام برنت إلى 70 دولارًا بنهاية العام إذا استمر الطلب الصناعي بالارتفاع بنفس الوتيرة الحالية.
من جهة أخرى، تحذر منظمة أوبك من احتمالية حدوث “تقلبات حادة” نتيجة التوترات الجيوسياسية في بعض مناطق الإنتاج، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا الغربية، إلى جانب التغيرات المناخية التي أثّرت على عمليات الشحن والإمداد في الممرات البحرية.
تأثير الأسعار على الاقتصادات العالمية
يشكل ارتفاع أسعار النفط سلاحًا ذا حدّين للاقتصاد العالمي. فمن ناحية، يمثل خبرًا إيجابيًا للدول المنتجة التي تعتمد على العائدات النفطية في دعم ميزانياتها العامة، ومن ناحية أخرى، قد يزيد الضغط على الاقتصادات المستوردة للطاقة ويرفع معدلات التضخم.
في الولايات المتحدة، يرى خبراء أن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى زيادة أسعار البنزين للمستهلكين، بينما تحاول الحكومة موازنة الوضع عبر دعم إنتاج النفط الصخري.
أما في منطقة اليورو، فتواجه البنوك المركزية تحديًا مزدوجًا بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم المتأثر بأسعار الطاقة، خصوصًا في ظل استمرار الحرب التجارية بين بعض الدول الكبرى.

دور الطاقة المتجددة والتحول الأخضر
في خضم الارتفاعات الأخيرة، يسلّط الخبراء الضوء على ضرورة الإسراع في التحول نحو الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على النفط.
فقد شهد العام الحالي زيادة في الاستثمارات الموجهة لمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر بنسبة 18% عالميًا، ما يشير إلى توجه استراتيجي نحو مزيج طاقي متوازن ومستدام.
ورغم ذلك، يؤكد الاقتصاديون أن النفط سيبقى جزءًا رئيسيًا من منظومة الطاقة العالمية على الأقل خلال العقدين القادمين، مع تزايد الطلب على البتروكيماويات والوقود الصناعي في الأسواق الناشئة.
انعكاسات السوق على السعودية ودول الخليج
بالنسبة للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، فإن ارتفاع أسعار النفط يمثل دعمًا مباشرًا للميزانيات العامة ومشروعات التنمية الكبرى.
ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار الأسعار فوق مستوى 60 دولارًا للبرميل يعزز قدرة الحكومات الخليجية على تمويل المشروعات الوطنية وتنويع الاقتصاد، خاصة في قطاعات مثل الطاقة النظيفة، السياحة، والتكنولوجيا.
كما يدعم هذا الاستقرار جهود المملكة في تنفيذ خططها ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى تحقيق اقتصاد متنوع ومزدهر يقلل الاعتماد على العائدات النفطية المباشرة.
تحديات أمام السوق النفطية
رغم الأجواء الإيجابية، تواجه سوق النفط العالمية مجموعة من التحديات، أبرزها:
- التباطؤ المحتمل في الاقتصاد الصيني الذي قد يقلل الطلب على الخام.
- الضغوط السياسية على روسيا بعد العقوبات الاقتصادية، وتأثيرها على صادرات النفط العالمية.
- التغيرات المناخية التي قد تعطل عمليات النقل البحري في الممرات الحيوية مثل قناة السويس ومضيق ملقا.
- التطورات التقنية في السيارات الكهربائية التي بدأت تقتطع جزءًا من حصة الطلب على الوقود التقليدي.
ويرى المحللون أن قدرة الأسواق على التعامل مع هذه المتغيرات تعتمد على مدى تعاون الدول المنتجة في ضبط الإنتاج وتقديم رؤية مشتركة لضمان استقرار السوق.
قراءة تحليلية: بين التوازن والقلق
يشير المراقبون إلى أن الارتفاع الحالي في الأسعار لا يمثل مجرد تقلب عابر، بل يعكس توجهًا نحو مرحلة جديدة من التوازن السعري بين العرض والطلب بعد فترة من الاضطراب.
ومع عودة الطلب التدريجي إلى مستويات ما قبل الجائحة، واستمرار سياسات خفض الإنتاج، يبدو أن أسعار النفط مرشحة للاستقرار في نطاق متوسط يتراوح بين 60 و70 دولارًا للبرميل حتى نهاية العام، ما لم تحدث تطورات سياسية أو اقتصادية مفاجئة.
س: ما أبرز أسباب ارتفاع أسعار النفط الأخيرة؟
ج: تراجع المخزونات الأمريكية، ارتفاع الطلب الآسيوي، والتزام أوبك+ بخفض الإنتاج من أبرز العوامل التي دعمت الأسعار.
س: كيف تؤثر هذه الزيادة على الاقتصاد العالمي؟
ج: ترفع عائدات الدول المنتجة لكنها قد تزيد التضخم في الاقتصادات المستوردة للطاقة وتؤثر على تكاليف النقل والصناعة.
س: ما التوقعات المستقبلية لأسعار النفط؟
ج: يتوقع الخبراء أن تبقى الأسعار مستقرة بين 63 و70 دولارًا للبرميل حتى نهاية 2025 إذا استمر النمو الصناعي بنفس الوتيرة.
س: هل يمكن أن تهدد الطاقة المتجددة مستقبل النفط؟
ج: رغم التوسع في الطاقة النظيفة، سيظل النفط عنصرًا أساسيًا في مزيج الطاقة العالمي خلال العقدين المقبلين بسبب الطلب الصناعي والبتروكيماوي.
س: كيف تستفيد السعودية من هذا الارتفاع؟
ج: يعزز قدرتها على تمويل مشاريع رؤية 2030 وتنويع الاقتصاد ودعم القطاعات غير النفطية مثل السياحة والتقنية والطاقة المتجددة.
ختام
يعكس ارتفاع أسعار النفط بأكثر من دولار للبرميل تحولًا إيجابيًا في مسار الأسواق العالمية بعد أشهر من التقلبات، مدفوعًا بعوامل اقتصادية وجيوسياسية متشابكة.
وبينما تتطلع الدول المنتجة إلى استقرار طويل الأمد يضمن عوائد مستدامة، تستمر الجهود العالمية نحو تحقيق توازنٍ ذكي بين الطاقة التقليدية والتحول الأخضر.
وفي ظل هذه المعادلة الدقيقة، يبقى النفط حاضرًا في قلب الاقتصاد العالمي — موردًا استراتيجيًا تتقاطع حوله المصالح، وتشكل أسعاره مؤشرًا على اتجاه الاقتصاد الكوني في السنوات المقبلة.
اقرأ أيضًا: أسعار النفط تواصل الصعود العالمي.. وبرنت عند 62.47 دولارًا للبرميل