أسعار النفط تواصل الصعود العالمي.. وبرنت عند 62.47 دولارًا للبرميل

أسعار النفط تواصل الصعود العالمي.. وبرنت عند 62.47 دولارًا للبرميل
الترند العربي – متابعات
شهدت أسواق الطاقة العالمية ارتفاعًا جديدًا في أسعار النفط خلال تعاملات الخميس، حيث صعد خام برنت القياسي بنسبة تقارب 1% ليبلغ 62.47 دولارًا للبرميل، في حين ارتفع خام نايمكس الأمريكي إلى 58.87 دولارًا، وسط حالة من الترقب في الأسواق العالمية بعد تصريحات الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بشأن التزام الهند بالتوقف عن شراء الخام الروسي، الأمر الذي أضاف دفعة قوية للمضاربين والمستثمرين.
تقلبات السوق النفطي
تأتي هذه الارتفاعات في وقت يشهد فيه السوق النفطي حالة من التذبذب الحاد بين الضغوط الناجمة عن المخاوف الاقتصادية العالمية، وبين العوامل الجيوسياسية التي تدعم الأسعار من حين إلى آخر.
ففي الأسابيع الأخيرة، تأثرت الأسعار سلبًا بضعف الطلب في الأسواق الآسيوية وتزايد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي في أوروبا، إلا أن عودة الحديث عن قيود محتملة على الإمدادات الروسية ساهم في عكس الاتجاه مؤقتًا.
ويرى محللون أن تصريحات ترامب حول الملف الروسي كانت بمثابة شرارة قصيرة الأمد رفعت الأسعار بشكل فوري، لكن استمرار هذا الاتجاه سيظل مرهونًا بمدى قدرة السوق على امتصاص بيانات المخزون الأمريكي المنتظرة، ومدى التزام الدول الكبرى بخطط خفض الإنتاج المتفق عليها في تحالف أوبك+.

خلفية سياسية واقتصادية
تاريخيًا، كانت أسعار النفط دائمًا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتحولات السياسية الكبرى.
وفي هذه المرحلة، يبدو أن مواقف واشنطن تجاه موسكو والهند تمثل أحد مفاتيح التأثير على منحنيات الأسعار.
فالهند تُعد من أكبر المستوردين للخام الروسي بعد الصين، وتعهدها بالتوقف عن الشراء يشير إلى تقلص حجم الطلب على النفط الروسي، مما يؤدي إلى تقليص المعروض العالمي مؤقتًا، وهو ما يدفع الأسعار للارتفاع.
ومع ذلك، فإن هذا القرار يحمل أبعادًا اقتصادية أخرى، حيث تبحث نيودلهي عن بدائل إمداد جديدة، قد يكون في مقدمتها النفط الأمريكي أو السعودي، ما يعزز موقع المملكة في الأسواق الآسيوية كمورد موثوق ومستقر.
المخزونات الأمريكية.. العامل الحاسم
ترقب الأسواق لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) يعد من أبرز المؤشرات التي تحدد المسار قصير المدى للأسعار.
فزيادة المخزونات عادة ما تُفسّر على أنها دليل على ضعف الطلب المحلي في الولايات المتحدة، بينما تراجعها يعزز التفاؤل بانتعاش الطلب.
وتشير التوقعات الأولية إلى احتمال انخفاض المخزون الأمريكي بمقدار مليون برميل للأسبوع الجاري، وهو ما قد يمنح الأسعار دعمًا إضافيًا إذا تأكد رسميًا.
كما أن التوقعات المتعلقة بخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال الربع الأخير من العام ساهمت في رفع معنويات المستثمرين، إذ من شأن السياسات النقدية التيسيرية أن تحفّز النشاط الصناعي وتزيد من استهلاك الوقود.

أوبك+ واستراتيجيات ضبط الإمدادات
يواصل تحالف أوبك+ سياسته القائمة على ضبط الإمدادات للحفاظ على توازن السوق، بعد أن شهدت الأسعار تراجعًا حادًا في فترات سابقة نتيجة فائض الإنتاج.
وتشير مصادر داخل المنظمة إلى أن دول التحالف ملتزمة بخفض الإنتاج بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا حتى نهاية الربع الأخير من العام، وهي الخطوة التي أسهمت في تعزيز ثقة السوق واستقرار الأسعار ضمن نطاق 60 إلى 70 دولارًا للبرميل.
ويرى مراقبون أن السعودية تلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على هذا التوازن من خلال الضبط المرن للإنتاج وفقًا لمتغيرات السوق، مع الاستمرار في دعم جهود التحول نحو الطاقة المتجددة دون الإضرار بعائدات النفط الأساسية للاقتصاد العالمي.
تأثير العوامل الجيوسياسية
العوامل الجيوسياسية تبقى دائمًا المحرك الخفي لأسعار النفط.
ففي الوقت الذي تعيش فيه الأسواق حالة من الاستقرار النسبي، تظل الأوضاع المتوترة في بعض المناطق المنتجة – مثل الشرق الأوسط أو فنزويلا – قابلة لإشعال موجات جديدة من الارتفاع في الأسعار.
كما أن أي اضطراب في حركة الملاحة عبر الممرات البحرية الرئيسية مثل مضيق هرمز أو قناة السويس ينعكس فورًا على حركة الأسعار، نظرًا لأن أكثر من 20% من تجارة النفط العالمية تمر عبر هذه المسارات الحيوية.
ويؤكد الخبراء أن تقلبات السوق ستبقى مرتبطة أيضًا بتطورات المشهد الأمني والسياسي، خصوصًا في ظل حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الصراع في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا.

النظرة المستقبلية للأسعار
تشير التقديرات الحالية إلى أن أسعار خام برنت قد تواصل التحرك ضمن نطاق 60 إلى 65 دولارًا للبرميل خلال الربع الأخير من العام، مع احتمالات ارتفاعها إلى 70 دولارًا إذا ما تراجعت المخزونات الأمريكية واستمر الزخم الجيوسياسي الداعم.
ومع ذلك، فإن محللين في “بلومبيرغ إنرجي” و“رويترز” يرون أن استمرار ضعف النمو الاقتصادي في أوروبا والصين سيحد من أي ارتفاعات حادة، إذ لا تزال مؤشرات الطلب الصناعي دون مستويات ما قبل الجائحة.
وفي المقابل، فإن الطلب المتزايد في الأسواق الناشئة، خاصة في آسيا وأفريقيا، يمكن أن يوفر دعمًا تدريجيًا للأسعار خلال النصف الأول من العام المقبل، خصوصًا مع استقرار السياسات النقدية وارتفاع حركة السفر والنقل الجوي عالميًا.
النفط في سياق التحول العالمي للطاقة
رغم الحديث المتزايد عن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، يبقى النفط عصب الاقتصاد العالمي، إذ يمثل أكثر من 30% من مزيج الطاقة العالمي حتى عام 2040 وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وتشير الدراسات إلى أن التحول الكامل نحو الطاقة المتجددة سيظل تدريجيًا على مدى العقود القادمة، ما يعني أن النفط سيستمر في لعب دور محوري في تمويل التنمية الصناعية والبنى التحتية.
كما أن مشاريع الدول المنتجة الكبرى مثل السعودية والإمارات تهدف إلى تنويع الاقتصاد وليس التخلي عن النفط، عبر تحويل العائدات إلى استثمارات مستدامة في التكنولوجيا والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
ارتفاع أسعار النفط له انعكاسات مباشرة على الاقتصادات العالمية، إذ يؤدي إلى زيادة إيرادات الدول المنتجة، وفي المقابل ارتفاع تكاليف الطاقة على المستهلكين في الدول المستوردة.
وفي حالة المملكة، يمثل النفط ركيزة رئيسية في الإيرادات العامة، إلا أن الرؤية الوطنية 2030 تهدف إلى تقليل الاعتماد عليه من خلال تطوير قطاعات جديدة مثل الصناعة والسياحة والطاقة المتجددة.
أما بالنسبة للدول الصناعية الكبرى، فإن استمرار ارتفاع الأسعار يشكل عبئًا على معدلات التضخم، ويدفع البنوك المركزية إلى إعادة النظر في سياسات أسعار الفائدة، بما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
الأسواق تترقب بيانات جديدة
تنتظر الأسواق خلال الأيام المقبلة صدور بيانات من منظمة أوبك حول مستويات الإنتاج لشهر أكتوبر، إلى جانب تقرير وكالة الطاقة الدولية بشأن الطلب العالمي.
ومن المتوقع أن تُظهر الأرقام ارتفاع الطلب في آسيا بنحو 300 ألف برميل يوميًا، مقابل انخفاض طفيف في أوروبا.
هذه المؤشرات ستحدد ما إذا كان الارتفاع الحالي في الأسعار سيستمر أم سيواجه ضغوطًا تصحيحية جديدة.
ما السبب وراء ارتفاع أسعار النفط اليوم؟
الارتفاع يعود إلى تصريحات سياسية من واشنطن حول التوقف عن شراء الخام الروسي، إضافة إلى ترقب بيانات المخزونات الأمريكية التي تشير إلى احتمال تراجع الإمدادات.
كم بلغ سعر خام برنت؟
بلغ سعر خام برنت تسليم ديسمبر نحو 62.47 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بنسبة 0.9% خلال تعاملات الخميس.
هل ما زال الطلب العالمي على النفط في تراجع؟
رغم التباطؤ في بعض الأسواق، إلا أن الطلب الإجمالي لا يزال قويًا في آسيا والشرق الأوسط، مع توقعات بزيادة تدريجية خلال 2026.
هل يتأثر النفط بسياسات التحول إلى الطاقة النظيفة؟
نعم، لكن على المدى الطويل فقط. فالعالم لا يزال يعتمد على النفط كمصدر أساسي للطاقة والنقل والصناعة، رغم توسع مشاريع الطاقة المتجددة.
ما توقعات الأسعار خلال الفترة المقبلة؟
يتوقع المحللون بقاء الأسعار بين 60 و70 دولارًا للبرميل في المدى القصير، مع احتمالات الصعود في حال استمرار خفض الإنتاج وتراجع المخزونات الأمريكية.
بهذا المشهد، تبقى أسواق النفط في مرحلة توازن هش بين السياسة والاقتصاد، فيما يواصل “الذهب الأسود” تأكيد حضوره كأهم سلعة استراتيجية تحكم الإيقاع المالي للعالم حتى إشعار آخر.
اقرأ أيضًا: المنصات التعليمية في السعودية.. ركيزة التحول الرقمي في التعليم