منوعات

النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد

النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد

الترند العربي – متابعات

في خطوة تؤكد التقدم المتسارع الذي تشهده المملكة في منظومة النقل الحديثة، أظهر تقرير حديث صادر عن الهيئة العامة للإحصاء أن عدد ركاب القطارات في السعودية تجاوز 42 مليون راكب خلال عام 2024، محققًا نموًا قياسيًا بلغت نسبته 41% مقارنة بالعام السابق، في إنجاز يعكس النقلة النوعية في قطاع النقل الحديدي والمكانة المتنامية للسكك الحديدية كوسيلة نقل عصرية، آمنة، ومستدامة.

النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد
النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد

بنية تحتية تدعم التحول النوعي

خلال السنوات الأخيرة، أصبح النقل الحديدي أحد ركائز البنية التحتية في المملكة، ضمن منظومة التطوير الشاملة التي تقودها رؤية السعودية 2030. هذا القطاع لم يعد مجرد وسيلة لنقل الركاب بين المدن، بل أصبح مكوّنًا رئيسيًا في استراتيجية الربط اللوجستي والاقتصادي، التي تهدف إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا للنقل المتكامل.

وتعد السكك الحديدية السعودية من أكثر القطاعات التي شهدت توسعًا في السنوات الأخيرة، بفضل المشاريع العملاقة مثل قطار الحرمين السريع الذي يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورًا بجدة، ومشروع الخط الشمالي لشركة سار الذي يصل الرياض بالقصيم وحائل والجوف، إلى جانب خطوط الشحن الصناعي التي تخدم مناطق التعدين في الشمال الشرقي للمملكة.

هذا التوسع المستمر في الشبكة ساهم في رفع كفاءة التنقل بين المدن وتقليص زمن الرحلات، مع تعزيز الأمان والراحة للركاب، مما جعل القطار خيارًا مفضلاً للمواطنين والمقيمين والمسافرين من مختلف الشرائح.

النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد
النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد

الارتفاع بنسبة 41%.. مؤشرات الثقة والنمو

تشير البيانات إلى أن الزيادة البالغة 41% في أعداد الركاب لا تمثل فقط نموًا عدديًا، بل تعبّر عن تحول سلوكي لدى المجتمع السعودي نحو الاعتماد على النقل الجماعي. فقد أصبح القطار أكثر من وسيلة انتقال، بل تجربة نقل متكاملة تواكب المعايير الدولية في الدقة والرفاهية والأمان.

ويرى خبراء النقل أن هذه الزيادة تُعد مؤشرًا على نجاح السياسات الحكومية التي سعت إلى تحسين تجربة المستخدم في محطات القطار وتطوير الخدمات الرقمية، مثل حجز التذاكر عبر التطبيقات الذكية والدفع الإلكتروني، إلى جانب التوسع في فترات التشغيل وربط المدن الصغيرة بالمراكز الكبرى.

كما أن الانضباط في المواعيد، وتراجع معدلات الحوادث مقارنة بالنقل البري، زاد من ثقة الجمهور بالقطار، خاصة بعد نجاح تجربة قطار الحرمين السريع في نقل ملايين الحجاج والمعتمرين خلال المواسم، دون أي تأخير يُذكر.

النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد
النقل الحديدي السعودي يسجّل قفزة تاريخية.. 42 مليون راكب في عام واحد

استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية

يتكامل هذا الإنجاز مع أهداف استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية الوطنية، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتهدف إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا في حركة الربط بين القارات الثلاث.

تعمل الاستراتيجية على رفع كفاءة النقل الداخلي والدولي، وتوسيع استخدام القطارات عالية السرعة، وتحقيق التكامل بين النقل البري والجوي والبحري والحديدي، بما يعزز الاقتصاد الوطني ويدعم المستهدفات البيئية عبر تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 25% بحلول عام 2030.

وتسعى وزارة النقل والخدمات اللوجستية إلى زيادة طول خطوط السكك الحديدية من نحو 5,000 كيلومتر حاليًا إلى أكثر من 8,000 كيلومتر خلال السنوات المقبلة، عبر مشاريع كبرى تربط المدن الصناعية بالموانئ والمطارات الرئيسية، في إطار تطوير الممرات اللوجستية السعودية.


النقل المستدام والبعد البيئي

لا يقتصر نجاح منظومة القطارات على الأرقام الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليشمل الجوانب البيئية.
تُعد القطارات من أكثر وسائل النقل كفاءة في استهلاك الطاقة وأقلها تلويثًا للبيئة، إذ تسهم في خفض الانبعاثات الناتجة عن السيارات والطائرات.

ومن هذا المنطلق، حرصت المملكة على تعزيز مفهوم النقل الأخضر في كل مراحل التطوير، فتم اعتماد أنظمة حديثة للتحكم في استهلاك الوقود وتقنيات الكبح المتجددة التي تعيد استخدام الطاقة في القطارات، إضافة إلى إنشاء محطات تعتمد على الطاقة الشمسية في بعض المواقع النائية.

وبحسب دراسات بيئية صادرة عن المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، فإن كل مليون راكب يستخدم القطار بدلاً من السيارة الخاصة يسهم في خفض أكثر من 7 آلاف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، مما يجعل النقل الحديدي جزءًا أساسيًا من التحول نحو الحياد الصفري للكربون في المملكة.


تجربة راكب مختلفة

تسعى الشركات المشغلة لخطوط القطارات السعودية إلى الارتقاء بتجربة المسافر من لحظة الحجز وحتى الوصول، عبر منظومة خدمات متكاملة.
فالمحطات الجديدة في الرياض ومكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة والدمام صُممت وفق معايير عالمية تجمع بين التصميم العصري والهوية المحلية.

وتقدم القطارات درجات متنوعة من الخدمة تشمل المقاعد الاقتصادية والمقاعد المميزة، مع توفير خدمة الإنترنت المجاني، ومناطق للجلوس العائلي، وخدمات خاصة لأصحاب الهمم.
كما تم تطوير برامج ولاء الركاب لتحفيز الاستخدام المتكرر، وتخصيص عروض للمجموعات والعائلات والطلاب.

كل هذه الجهود جعلت من النقل الحديدي تجربة ترفيهية بقدر ما هي وسيلة نقل عملية، خاصة في ظل التحول الرقمي الكامل الذي أتاح للمستخدم متابعة رحلته وإدارة حجوزاته عبر تطبيقات موحدة تربط بين الخطوط الداخلية ووسائل النقل العام الأخرى.


استثمارات ضخمة ومشاريع مستقبلية

الاهتمام الحكومي بالسكك الحديدية انعكس في حجم الاستثمارات الضخم المخصص لهذا القطاع.
فقد تم اعتماد ميزانيات إضافية لتوسيع الخطوط القائمة وإنشاء محاور جديدة، مثل مشروع القطار الخليجي الذي يربط المملكة بدول مجلس التعاون الخليجي، ومشروع الخط الشرقي الجديد الذي سيعزز حركة الركاب والبضائع بين الرياض والمنطقة الشرقية.

كما يجري العمل على دراسات لإطلاق قطارات خفيفة داخل المدن الكبرى، بهدف دعم شبكات المترو والحافلات، ضمن مبادرة “مدن ذكية بنقل مستدام”.
وتشير التقديرات إلى أن حجم استثمارات قطاع النقل الحديدي في السعودية سيتجاوز 150 مليار ريال خلال العقد المقبل، ما يجعله من أسرع القطاعات نموًا في الاقتصاد الوطني.


الأثر الاقتصادي والاجتماعي

الزيادة الكبيرة في عدد ركاب القطارات تعني أكثر من مجرد رقم إحصائي؛ فهي تترجم إلى حركة اقتصادية نشطة على طول المسارات، حيث تنشأ مراكز تجارية جديدة، وتزداد فرص العمل في الخدمات اللوجستية والفندقية، وتُفتح آفاق جديدة للسياحة الداخلية.

كما أن تقليل الاعتماد على النقل البري يقلل من الحوادث المرورية بنسبة ملحوظة، وهو ما ينعكس إيجابًا على تكاليف الرعاية الصحية وسلامة الأرواح والممتلكات.
ووفقًا لتقديرات اقتصادية أولية، فإن كل 10 ملايين راكب إضافي في منظومة القطارات يمكن أن يولد ما يزيد عن 2 مليار ريال في الناتج المحلي سنويًا، من خلال التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد المحلي.


التحديات والتطلعات المستقبلية

رغم هذا النجاح الكبير، لا تزال هناك تحديات قائمة في مجال الصيانة والتشغيل والتوسع الجغرافي.
فالمناخ الصحراوي القاسي ودرجات الحرارة العالية تتطلب حلولًا هندسية مبتكرة تضمن استدامة المسارات وكفاءة القطارات. كما تتواصل الجهود لتوطين الصناعات الداعمة للسكك الحديدية من تصنيع العربات إلى أنظمة الإشارات الذكية.

وتعمل الجهات المعنية اليوم على إطلاق برامج تدريب وطنية لتأهيل الكوادر السعودية في مجالات الهندسة الميكانيكية والنقل والتخطيط الحضري، لتصبح المملكة مصدرًا للخبرة في هذا القطاع الحيوي على مستوى المنطقة.


كم بلغ عدد ركاب القطارات في المملكة عام 2024؟
بلغ العدد أكثر من 42 مليون راكب، بزيادة نسبتها 41% مقارنة بعام 2023، وفقًا لتقرير الهيئة العامة للإحصاء.

ما العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع الكبير؟
يشمل ذلك توسع الشبكة الحديدية، وتحسين جودة الخدمات، ودقة المواعيد، والتحول الرقمي في نظام الحجز، والدعم الحكومي القوي لقطاع النقل المستدام.

كيف يرتبط النقل الحديدي برؤية السعودية 2030؟
يُعد من ركائز استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للنقل والربط القاري، مع خفض الانبعاثات وتعزيز جودة الحياة.

ما أبرز المشاريع المستقبلية للسكك الحديدية؟
من أبرزها مشروع القطار الخليجي، والخط الشرقي الجديد، إلى جانب خطط إنشاء قطارات خفيفة داخل المدن الكبرى وربطها بالمترو ضمن منظومة النقل الذكي.

كيف يساهم النقل الحديدي في حماية البيئة؟
القطارات تقلل استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية بنسبة كبيرة، وتسهم في تحسين جودة الهواء وتحقيق مستهدفات الحياد الصفري للكربون بحلول 2060.


بهذا الإنجاز، ترسّخ المملكة مكانتها كواحدة من الدول الرائدة في تطوير النقل الحديث والمستدام، لتسير بثقة على سكة المستقبل التي تجمع بين الكفاءة الاقتصادية، والاستدامة البيئية، والرفاهية الإنسانية.

اقرأ أيضًا: تفوق لقاحي “موديرنا” و”فايزر”.. دراسة سعودية تثبت نجاح برامج التطعيم الوطنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى