حينما تصل متأخرًا..
هلا خباز
بجولة صباحية على صفحات الفيس بوك، لفتت نظري قصة قصيرة فتحت عيناي على ثقافة لطالما آمنت بها “ثقافة الوقت”
والقصة كانت عن بنت ارتبطت لعامين وقررت فجأة أن تنهي القصة قبل عشر أيام من الزواج ولما سألوها عن السبب قالت:”عمره ما أعطاني شي بوقته ” بيتطمن على صحتي لما أطيب، هدية عيد ميلادي توصل بعد أسبوع، عمري ما حسيت بلهفته كل شيء منه بارد وماله طعم.
وعلى قد ما كثير ناس ممكن تشوف إنها أسباب سطحية وغير مبررة لإنهاء عقد لم يبدأ إلا إني أراها سبب كافي جداً لننهي علاقة حتى وإن بدأت.
فكرة حصولنا على الشيء متأخرًا يشبه لقمة حساء باردة جدًا في بطن جوعان تؤلمه أكثر من أن تدفئه.
عند الوقت يبتدأ وينتهي كل شيء.
كم من حديث لم يثمر لأن توقيته خطاً؟ كم من قصة حب لم تكتمل لأن القلب دق بالوقت الخطأ؟
هناك عبارة جميلة في رواية الطنطورية لرضوى عاشور تقول فيها:”كلنا يعرف الانتظار، أن تنتظر ساعة، يومًا أو يومين، شهرًا أو سنة وربما سنوات.. تقول طالت ولكنك تنتظر.
لطالما رددوا على مسامعنا أن تصل متأخًرا خير من أن لاتصل، من قال إن للأشياء طعم بعد أن يفوت أوانها.
هناك نصيحة أجزم أن غالب البنات اللواتي فوتن الرحلة واقتربن من الأربعين سمعنها.. تزوجي أي شخص المهم أن تنجبي طفلًا.. بغض النظر عن المبدأ وتعاملهم مع الحياة الزوجية كمفرخة.. ماذا عن التوقيت، عن طاقتي، عن استمتاعي بنعمة الأمومة، عن حقوق الطفل الذي سيولد لأبوين كبيرين في العمر؟
لكل شيء في الحياة توقيت ولو تعداه سيفقد قيمته وبهجته حتى لو حصلنا عليه، كأحلام طفولتنا التي كافحنا طويلًا لأن نحققها، لأن نحصل عليها، وتحققت بعد أن نسيناها أو بعد أن أصبحت لا تناسبنا ولا تتناسب مع ما أصبحنا عليه، يقول شوبنهاور: “هي الأشياء تأتينا دائمًا بعد فوات الأوان، أو بالأحرى لا نصل إليها إلا بعد فوات الأوان”.
ويؤمن كثيرون بأن الاعتذار المتأخر خير من ألا نعتذر، وأجده اعتذارًا باردًا لاطعم له هو اعتذار يشبه القفز من مركب يغرق.
ولأحلام مستغانمي قول صادق جدًا يلخص كل الفكرة “أشياء ستصل في الوقت الخطأ، وأخرى كأنها لم تأتِ، وثالثة تجيء على عجل لتمضي من قبل ان تعي أن للأشياء أجلًا”.
حينما تصل متأخرًا.. لاتطرق الباب.. لاتدخل