حول صناعة السينما في المملكة
طلحة خالد بن عبدالرحمن
في أحد الأيام المشمسة، وبالتحديد في عام 2017 كنت في أحد المقاهي المنتشرة في مدينة لوس أنجلوس وفي حديث ماتع مع أحد المنتجين المخضرمين في هوليوود واسمه تيد فيلد، وهو منتج فيلم “جومانجي” من بطولة الممثل الراحل روبن وليامز. وأتذكر بأنني كنت أيامها طالبًا في أكاديمية نيويورك للأفلام في هوليوود، وقد توصلت يومها إلى الاستنتاج الآتي، وذلك بعد التحدث معه والاستفادة من خبرته الطويلة في عالم الإنتاج، كنت وما زلت موقنًا بأن للسينما سحرًا مميزًا لا مثيل له، فيمكنك أن توجه لي أي رسالة بشكل يمتعني في ساعتين أو أقل، وهذا ما يجعلها قوة ناعمة بحد ذاتها يتنافس عليها القاصي والداني، وصانع الأفلام الشاطر هو من يجذب انتباه المشاهدين طول هذا الوقت.
كلامي القادم قد يكون قاسيًا بعض الشيء على صناع الأفلام المحليين وأنا منهم بحكم التخصص، نحن نجذب العديد من المنتجين إلى مواقع التصوير المحلية، وهذا مجهود رائع جدًا ولا يمكن إنكاره أبدًا، ولكن السينما ليست مواقع تصوير ولوكيشنات مميزة كما هو معلن في بعض المبادرات، ولكن السينما – في رأيي – هي القصة التي ترويها والطريقة التي ترويها فيها، ومواقع التصوير ليست إلا عنصرًا واحدًا من عناصر الفيلم الجيد. حاول أن تتذكر معي أي فيلم يخطر على بالك: هل تتذكر أين تم تصويره، أم أنك ستتذكر القصة والأحداث؟
هذا هو عتبي بصراحة على بعض الأفلام التي صنعت هنا ولا أريدها أن تكون مثالًا غير ناجح في الصناعة في العالم ككل، وهذا ما لاحظته في بعض الأفلام السعودية، أو حتى الأجنبية التي تم تصويرها هنا مع الأسف الشديد دون ذكر أية أسماء منها. فأرجو من إخواني وأخواتي الصناع «وأنا أولهم كما قلت سابقًا» أن يهتموا بالقصة والسيناريو أولاً وبمواقع التصوير ثانيًا. وعندي توصية أخرى لصانع الأفلام المحلي: لا تكتب واللوكيشن في بالك؛ لأن هذا الأمر سيحدك على أن تدور قصتك في هذا المكان فقط وليس غيره.
وعلى سبيل المثال، سأذكر لكم قصة تصوير فيلم «ذا ماشينست» من بطولة الممثل الأوسكاري كريستيان بيل، فقد تم تصويره بشكل كامل في إسبانيا مع أن الأحداث كلها من المفترض أن تكون داخل أميركا، ولم يلاحظ هذا الشيء أحد من المشاهدين ما عدا بعض الإسبان دقيقي الملاحظة الذين ميزوا شوارع برشلونة، وهناك أمثلة كثيرة مشابهة لهذا الفيلم.
مما لا شك فيه أن صناعة السينما في بلادي في تطور مستمر، وهذا الشيء يثلج الصدر، ولكن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت. في النهاية هذا رأيي وهو بالطبع يحتمل الصواب والخطأ.