آراء

“مولود في غزة”.. فيلم يعود للواجهة

إيمان الخطاف

ليس غريبًا أن يتصدّر فيلم “مولود في غزة – Born in Gaza” قائمة الأفلام الأعلى مشاهدة على منصة “نتفليكس”، مع تصاعد الأحداث في غزة، والتي يبدو أنها دفعت المشاهدين نحو أفلام تتناول ما يحدث هناك. وعلى الرغم من أن فيلم المخرج الأرجنتيني هرنان زين لا يُعد جديدًا، حيث تم إنتاجه عام 2014، أي قبل 9 سنوات، فإنه ينقل المأساة بعيون أطفال غزة الذين يرون فظائع الحرب يوميًا، مع ما تحمله من أثر على حياتهم ومصائرهم.

هذا الفيلم الوثائقي، الذي تمّ تصويره بعد وقت وجيز من حرب غزة عام 2014، يتناول التغيير الذي خلّفه العنف على حياة عشرة أطفال فلسطينيين، حيث انتشرت صور الغارة الجوية التي حدثت على شاطئ غزة وأسفرت عن مقتل شبان كانوا يلعبون كرة القدم؛ مما دفع المخرج زين إلى السفر جوًا وتصوير هذا الفيلم الصادم الذي يُظهر ما تعرّض له هؤلاء الأبرياء الصغار، عبر شهادات مصوّرة تسرد المآسي التي عاشوها جراء الحرب المستعرة.

يبدأ الفيلم بالطفل محمد الذي ترك المدرسة وراح يجمع قناني البلاستيك من بين أكوام النفايات، كي يبيعها ويسد جوع عائلته التي يعولها. ثم ينتقل الفيلم للطفل محمود الذي امتهن أهله الزراعة وتم طردهم من مزرعتهم 11 مرة في الفترة من عام 2001 إلى عام 2014، قائلًا: “نحن مزارعون مسالمون، نزرع الخضراوات وليس القنابل!”.

ثم تأتي القصة المؤلمة للطفل رجاف الذي قُتل والده المُسعف أثناء قصف لسيارة إسعاف. ورغم أن هذه الحرب لا تُفرق بين سيارة الإسعاف والدبابة وتعتبرهما هدفين على السواء، فإن رجاف كان مندهشًا من استهداف والده. والأمر ذاته مع الطفلة ملك التي التجأت مع أسرتها داخل مدرسة رُفع عليها علم الأمم المتحدة، ظنًا منهم أن المكان أصبح آمنًا، إلا أن هذه المدرسة تعرضت هي أيضًا للقصف، وتوفي أخو ملك وابن خالتها في نفس اليوم.

يمر الفيلم سريعًا على العديد من القصص الكارثية التي عايشها هؤلاء الصغار، بمن فيهم الطفلة بيسان ذات الأعوام الستة، التي توفي والداها وذهبت لتسكن مع أقربائها، وظلت تحلم بأن تصبح معلمة للغة الإنجليزية، إلا أنها تفقد أعصابها حين تتذكر ما حدث لوالديها، وهنا يشير الفيلم إلى أن كافة هؤلاء الأطفال مصابون بأزمات نفسية حادة جراء ما عايشوه.

تمر ثلاثة أشهر بعد تسجيل هذه المقابلات، ثم يعود المخرج لتفقد أحوال هؤلاء الأطفال فيجدهم إما على حالهم أو ازدادت أوضاعهم سوءًا، في ظل إصابة بعضهم بأمراض مستعصية وإصابات جسيمة تتطلب السفر للعلاج في الخارج، مع ضعف الإمكانيات في مدينة غزة المحاطة بأكوام النفايات وبقايا الدمار.

الفيلم الذي يبتعد كثيرًا عن السياسة ويقترب من تجريم الحروب، دفع المخرج هرنان زين لأن يكتب في حسابه على إنستغرام – قبل أيام – عن عزمه عمل جزء ثانٍ من هذا الفيلم، بحيث يُصوّر لقاءات مع نفس هؤلاء الأطفال، ولكن بعد مرور 10 سنوات من لقائه بهم، لنعرف ما الذي حدث لهم بعد عقد من الزمان، على أن يبدأ فيلمه الجديد مطلع العام المقبل 2024، قائلًا: “دعونا نُسكت صوت القنابل إلى الأبد”.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى