قفزة تاريخية في التجارة السعودية.. الصادرات غير البترولية تسجل نموًا قياسيًا بأكثر من 32% في أكتوبر 2025
الترند العربي – متابعات
شهدت التجارة الخارجية للمملكة العربية السعودية خلال أكتوبر 2025 واحدة من أقوى محطاتها التاريخية، بعدما حققت الصادرات غير البترولية (شاملة إعادة التصدير) قفزة لافتة تجاوزت 32% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، في مؤشر اقتصادي يعكس تحولات عميقة في بنية الاقتصاد الوطني، وتقدمًا ملموسًا في مسار تنويع مصادر الدخل، وفق بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء.
هذا الأداء اللافت لا يُقرأ بمعزل عن التحولات الاقتصادية الكبرى التي تقودها المملكة ضمن رؤية 2030، حيث باتت الصادرات غير النفطية أحد أعمدة السياسة الاقتصادية، وأداة رئيسية لتعزيز الحضور السعودي في سلاسل الإمداد العالمية، وتقليص الاعتماد التاريخي على النفط كمصدر وحيد للإيرادات.
نمو غير مسبوق يعكس تحولات هيكلية في الاقتصاد
سجلت الصادرات السعودية غير البترولية، بما في ذلك إعادة التصدير، ارتفاعًا بنسبة 32.3% خلال أكتوبر 2025 مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، في حين ارتفعت الصادرات الوطنية غير البترولية – باستثناء إعادة التصدير – بنسبة 2.4% على أساس سنوي، ما يعكس اتساع القاعدة الإنتاجية المحلية وتحسن قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.
ويبرز هذا النمو كدليل واضح على نجاح السياسات الصناعية والتجارية التي ركزت خلال السنوات الأخيرة على تحفيز الصناعات التحويلية، وتوطين سلاسل القيمة، وتعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة، لا سيما في قطاعات النقل، والصناعات الكهربائية، والكيماويات، والمواد المصنعة.

إعادة التصدير تقود المشهد بقفزة استثنائية
اللافت في أرقام أكتوبر 2025 هو الارتفاع الحاد في قيمة السلع المعاد تصديرها، والتي قفزت بنسبة 130.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتتحول إعادة التصدير إلى أحد المحركات الأساسية لنمو التجارة الخارجية.
وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بشكل رئيسي بزيادة صادرات معدات النقل وأجزائها بنسبة مذهلة بلغت 387.5%، حيث استحوذت هذه الفئة وحدها على 37.4% من إجمالي إعادة التصدير خلال الشهر، ما يعكس الدور المتنامي للمملكة كمركز لوجستي إقليمي يربط بين أسواق آسيا وأفريقيا وأوروبا.
هذا التحول يعكس أيضًا نجاح الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية اللوجستية، والموانئ، والمناطق الاقتصادية الخاصة، والتي عززت موقع المملكة كمحور تجاري قادر على إعادة تصدير السلع بكفاءة وسرعة عالية.

الصادرات السلعية الإجمالية تسجل نموًا مزدوجًا
لم يقتصر الأداء الإيجابي على الصادرات غير البترولية فحسب، بل سجلت الصادرات السلعية الإجمالية للمملكة ارتفاعًا بنسبة 11.8% في أكتوبر 2025 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، مدعومة بنمو الصادرات البترولية بنسبة 4.0%.
ورغم هذا النمو، تراجعت حصة الصادرات البترولية من إجمالي الصادرات إلى 67.4%، مقارنة بـ72.5% في أكتوبر 2024، وهو تراجع إيجابي يعكس تزايد وزن الصادرات غير النفطية في الهيكل التجاري للمملكة، ويؤكد أن النفط لم يعد المهيمن الوحيد على خارطة الصادرات السعودية.

الفائض التجاري يقفز بنسبة 47.4%
على صعيد الميزان التجاري، شهدت الواردات السعودية في أكتوبر 2025 زيادة بنسبة 4.3% على أساس سنوي، وهي وتيرة أقل بكثير من نمو الصادرات، ما أسهم في تحقيق قفزة قوية في الفائض التجاري السلعي بنسبة 47.4% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024.
كما ارتفعت نسبة الصادرات غير البترولية (شاملة إعادة التصدير) إلى الواردات لتصل إلى 42.3%، مقارنة بـ33.4% في أكتوبر 2024، في مؤشر يعكس تحسنًا واضحًا في كفاءة الميزان التجاري، وقدرة الاقتصاد السعودي على توليد عملات أجنبية من مصادر غير نفطية.
سلع تقود النمو.. الآلات والمعدات في الصدارة
تصدرت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها قائمة أهم السلع غير البترولية المصدرة خلال أكتوبر 2025، حيث شكّلت 23.6% من إجمالي الصادرات غير البترولية، محققة نموًا قويًا بنسبة 82.5% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
ويعكس هذا الأداء تطور الصناعات التقنية والهندسية داخل المملكة، وقدرتها على المنافسة في أسواق إقليمية وعالمية، مدعومة ببرامج التوطين الصناعي، ونقل المعرفة، والشراكات مع كبرى الشركات العالمية.
في المقابل، جاءت منتجات الصناعات الكيماوية في المرتبة الثانية، بحصة بلغت 19.4% من إجمالي الصادرات غير البترولية، رغم تسجيلها انخفاضًا طفيفًا بنسبة 5.0% على أساس سنوي، ما يشير إلى تباين الأداء داخل القطاعات الصناعية المختلفة.
الواردات.. ارتفاع مضبوط يعكس نشاطًا اقتصاديًا متوازنًا
على مستوى الواردات، تصدرت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها قائمة السلع المستوردة، بحصة بلغت 30.2% من إجمالي الواردات، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 26.3% مقارنة بأكتوبر 2024، وهو ما يعكس استمرار الطلب المحلي على المعدات الرأسمالية والتقنية لدعم المشاريع الصناعية والبنية التحتية.
تلتها معدات النقل وأجزاؤها بحصة 12.1%، لكنها سجلت انخفاضًا بنسبة 22.9%، في إشارة إلى تراجع بعض الطلبات المؤقتة أو اكتمال مراحل استيراد رئيسية لمشاريع سابقة.
الشركاء التجاريون.. الصين في الصدارة
واصلت الصين تصدرها قائمة الشركاء التجاريين للمملكة، حيث استحوذت على 14.1% من إجمالي الصادرات السعودية خلال أكتوبر 2025، تلتها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 10.9%، ثم الهند بنسبة 9.9%.
وعلى صعيد الواردات، جاءت الصين أيضًا في المرتبة الأولى بنسبة 24.8% من إجمالي الواردات، تلتها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 8.7%، ثم الإمارات بنسبة 5.4%.
كما شملت قائمة أبرز الموردين للمملكة دولًا مثل سويسرا، والهند، وألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وفرنسا، ومصر، حيث شكّلت هذه الدول مجتمعة نحو 67.7% من إجمالي واردات المملكة خلال الشهر.
تنويع اقتصادي يتجاوز الشعارات
تعكس هذه الأرقام أن تنويع الاقتصاد السعودي لم يعد مجرد هدف استراتيجي نظري، بل أصبح واقعًا ملموسًا تُترجمه بيانات التجارة الخارجية، حيث تتسع قاعدة الصادرات غير النفطية، وتتعمق مساهمة القطاعات الصناعية والخدمية في الناتج المحلي.
كما تؤكد المؤشرات أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد مرن قادر على التكيف مع تقلبات أسواق الطاقة العالمية، وتعزيز تنافسيته في الأسواق الدولية.
دور السياسات الحكومية في دعم الصادرات
يعود هذا الأداء القوي إلى حزمة من السياسات الحكومية، شملت تطوير البنية التحتية اللوجستية، وتسهيل إجراءات التصدير، وتقديم حوافز للقطاع الصناعي، إضافة إلى تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من دخول الأسواق العالمية.
كما لعبت برامج مثل “صنع في السعودية” دورًا محوريًا في تعزيز الهوية التصديرية للمنتجات الوطنية، ورفع ثقة المستوردين الدوليين في الجودة السعودية.
نظرة مستقبلية: ماذا بعد أكتوبر 2025؟
يتوقع محللون اقتصاديون أن يستمر هذا الزخم خلال الأشهر المقبلة، مع توسع المشاريع الصناعية الكبرى، وزيادة الاستثمارات في قطاعات التقنية المتقدمة، والطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية، والبتروكيماويات المتخصصة.
كما يُرجح أن تسهم الاتفاقيات التجارية والشراكات الدولية الجديدة في فتح أسواق إضافية أمام الصادرات السعودية، وتعزيز حضورها في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
ما سبب الارتفاع الكبير في الصادرات السعودية غير البترولية خلال أكتوبر 2025؟
يعود الارتفاع بشكل رئيسي إلى القفزة الكبيرة في إعادة التصدير، خاصة في معدات النقل وأجزائها، إضافة إلى نمو صادرات الآلات والمعدات الكهربائية، مدعومة بتطور البنية اللوجستية والصناعية.
هل يعني تراجع حصة الصادرات البترولية انخفاض الاعتماد على النفط؟
نعم، تراجع حصة الصادرات البترولية إلى 67.4% يعكس تنامي دور الصادرات غير النفطية، ويؤكد نجاح جهود تنويع مصادر الدخل دون التخلي عن أهمية النفط.
ما دور إعادة التصدير في هذا النمو؟
إعادة التصدير لعبت دورًا محوريًا، حيث ارتفعت بنسبة 130.7%، ما يعكس تحول المملكة إلى مركز لوجستي إقليمي فاعل.
ما أبرز السلع التي قادت نمو الصادرات غير البترولية؟
الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها، ومعدات النقل، إضافة إلى بعض المنتجات الصناعية التحويلية.
كيف يؤثر هذا الأداء على الاقتصاد السعودي؟
يسهم في تعزيز الفائض التجاري، وتحسين الميزان الخارجي، وزيادة مرونة الاقتصاد، ودعم استدامة النمو بعيدًا عن تقلبات أسعار النفط.
هل من المتوقع استمرار هذا النمو في 2026؟
تشير المؤشرات الحالية إلى استمرار الزخم، خاصة مع توسع المشاريع الصناعية وزيادة الاستثمارات في القطاعات غير النفطية.
بهذا الأداء القياسي، تؤكد الصادرات السعودية غير البترولية أنها أصبحت ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، ومحركًا فعليًا لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وترسيخ مكانة السعودية كلاعب اقتصادي عالمي متنوع وقادر على المنافسة.
اقرأ أيضًا: تعرف على قائمة أثرياء العالم في نهاية 2025.. صدارة مطلقة لقطاع التكنولوجيا



