المبطي يكتب المجد في ميدان الجنادرية.. ذهبية تضع الفروسية السعودية في صدارة الرياض 2025
الترند بالعربي – متابعات
في ليلة مبهرة من ليالي “الرياض 2025”، وتحديدًا في ميدان الجنادرية الذي ارتدى ثوب البطولة، عاشت الفروسية السعودية واحدة من أجمل لحظاتها وأكثرها رسوخًا في ذاكرة الرياضة العربية، بعدما نجح الفارس خالد المبطي في انتزاع ذهبية قفز الحواجز للفردي في دورة ألعاب التضامن الإسلامي السادسة. لم تكن الذهبية مجرد تتويج فردي، بل كانت إعلانًا جديدًا عن قوة الفرسان السعوديين وهيمنتهم على رياضة الفروسية في المحافل الإقليمية والدولية، واستمرارًا لسلسلة الإنجازات التي تجعل المملكة مركزًا عربيًا وقاريًا للفروسية الراقية.
المشهد كان دراميًا ومثيرًا، فالجماهير التي احتشدت في المدرجات تابعت بشغف كل لحظة، وكل قفزة، وكل جولة، وكأنها تشارك الفارس في ركضه وتوازنه وثباته. كان الزمن يتقلّص، والحواجز ترتفع، والتوتر يشتد، لكن المبطي تجاوزها جميعًا بنفس القدر من الثقة والحرفية التي صنعت منه بطلًا حقيقيًا لا يعرف التردد. ومع عبوره خط النهاية دون أي خطأ، بزمن لامس الدقة المطلقة، انفجرت المدرجات فرحًا بميدالية كان الجميع ينتظرها، وها هي ترتفع عاليًا باسم المملكة.

رحلة المبطي نحو الذهب: من جولة إلى أخرى وتحت ضغط المنافسين
تميّز مسار المنافسة بقوة استثنائية، إذ شارك نخبة من أبرز فرسان المنطقة في هذا السباق الحاسم، ما جعل الفوز بالذهب مهمة ليست سهلة على الإطلاق. ومع ذلك، دخل المبطي المنافسة بثبات كبير، وكأنه يعزف لحنًا محفوظًا في ذاكرته الرياضية. ففي الجولتين الأولى والثانية، أنهى المسارين بلا أخطاء، محققًا زمنين قويين، الأول 67.98 ثانية والثاني 59.77 ثانية، وهما رقمان وضعاه في صدارة المنافسة وعززا شعور المتابعين بأن الذهب قد بدأ يميل بالفعل نحو كفة الفارس السعودي.
ومع انطلاق جولة التمايز التي تُعد المحطة الأكثر حساسية في هذه النوعية من المنافسات، حافظ المبطي على رباطة جأشه، متعاملًا مع كل حاجز وكأنه فرصة جديدة للسيطرة على المشهد. تجاوز الحواجز دون أي تردد، مسجلاً في النهاية زمنًا بالغ الدقة بلغ 36.36 ثانية بلا أخطاء، مؤكدًا أن التمايز لا يصنعه الحصان وحده، بل تصنعه العلاقة العميقة بين الفارس وجواده، تلك العلاقة التي تتحول في مثل هذه اللحظات إلى انسجام كامل يجعل القفز فوق الصعاب جزءًا من معزوفة ذهبية لا تُنسى.

الشربتلي يكمل لوحة التألق.. برونزية بطعم الذهب
لم يكن خالد المبطي وحده الممثل المشرق للفروسية السعودية في هذه المنافسات، إذ نجح الفارس المخضرم عبدالله الشربتلي في انتزاع الميدالية البرونزية بعد أداء قوي في الجولات السابقة. وعلى الرغم من أن جولة التمايز شهدت أربعة أخطاء حالت دون تقدمه إلى الذهب أو الفضة، فإن الشربتلي حافظ على مستوى عالٍ من الحضور الذهني، وأنهى الزمن في 30.86 ثانية، وهو رقم يعكس قدرته المستمرة على المنافسة في أعلى المستويات.
ويُعد الشربتلي واحدًا من أبرز فرسان المملكة عبر تاريخها، فهو صاحب خبرة عالمية تمتد سنوات طويلة، ومن الأسماء التي صنعت أمجاد الفروسية السعودية في مناسبات دولية متعددة. وكان حضوره في منصة التتويج إلى جانب المبطي تأكيدًا على أن الفروسية السعودية لا تراهن على فارس واحد فقط، بل تعتمد على كوكبة من الأبطال الذين يجعلون من ميادين العالم منصات دائمة لرفع علم المملكة.

منافسة خليجية قوية.. والقطري خالد آل ثاني يقتنص الفضة
لم تكن الطريق إلى الذهب مفروشة بالورود، فقد شهدت المسابقة منافسة شرسة من الفارس القطري خالد آل ثاني، الذي قدّم أداءً متوازنًا في الجولات الأولى دون أخطاء، ليصل إلى جولة التمايز في موقع قوي ينافس فيه على الذهب. وبرغم تسجيله أربعة أخطاء في الجولة الأخيرة، إلا أنه حافظ على زمن جيد بلغ 34.62 ثانية، مُحرزًا الميدالية الفضية، في مشهد يعكس تطور الفروسية في المنطقة وتنافسيتها العالية.
كانت المنافسة بين الفرسان السعوديين والقطريين واحدة من أبرز عناصر التشويق في المسابقة، خصوصًا أن فرسان البلدين يمتلكون خبرات دولية واسعة، ويعتمدون على مدارس تدريب متقدمة، ما يضفي على التحديات طابعًا احترافيًا يليق بالحدث الكبير الذي يجمع تحت مظلته أفضل رياضيي العالم الإسلامي.
الجنادرية.. مسرح الإنجازات السعودية في دورة الرياض 2025
اختيار ميدان الجنادرية لاحتضان منافسات قفز الحواجز لم يكن مجرد قرار تنظيمي، بل كان تجسيدًا للعراقة والإرث السعودي في هذه الرياضة. فالجنادرية، بمساحاتها المفتوحة ومرافقها الراقية وتنظيمها المحكم، تحولت خلال أيام الدورة إلى منصة عالمية تستقبل أبطالًا قادمين من عشرات الدول.
وما بين التحكيم الاحترافي، والأجواء التنافسية، وحضور الجماهير الذي أضاف بُعدًا عاطفيًا للمشهد، بدت البطولة وكأنها عرس رياضي كبير، تلتقي فيه الأصالة السعودية بروح الحماسة التي تحملها المنافسات الدولية الكبرى.
ولعل ما زاد المشهد جمالًا هو حضور الأمير فهد بن جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، نائب رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، والأمير عبدالله بن فهد بن عبدالله، اللذين تواجدا في مراسم التتويج، ليعكسا دعم القيادة الرياضية للمنتخب السعودي، وحرص المملكة على تمكين الرياضيين من كتابة قصص إنجازات جديدة.
قفز الحواجز.. رياضة تتحدث لغة الشجاعة والانضباط والانسجام
قد يظن البعض أن قفز الحواجز مجرد سباق قصير يجمع فارسًا وحصانًا في مسار مدته دقائق معدودة، لكنها في حقيقتها رياضة أعقد من ذلك بكثير، تتطلب انسجامًا عميقًا بين الفارس وجواده، وثقة متبادلة، وسرعة بديهة، وقدرة على اتخاذ القرار في جزء من الثانية. فكل حاجز يمثل تحديًا، وكل قفزة هي اختبار للتركيز والدقة والاتزان.
أما جولة التمايز التي حسم فيها المبطي الذهب، فهي مرحلة تحتاج إلى مزيج من الجرأة والهدوء، إذ يتعين على الفارس أن يوازن بين السرعة العالية وعدم ارتكاب أخطاء، وهي معادلة صعبة لا يتقنها إلا أبطال يتمتعون بثقة عقلية وانضباط عضلي ورؤية تكتيكية.
الفروسية السعودية.. إرث يتجدد في كل جيل
ما حققه المبطي والشربتلي ليس حدثًا معزولًا، بل هو امتداد لمسيرة طويلة من النجاحات التي حققتها المملكة في رياضة الفروسية. فقد استطاعت السعودية، بدعم من القيادة وبفضل برامج تدريب احترافية، تأسيس جيل من الفرسان القادرين على المنافسة عالميًا.
وتعكس هذه الإنجازات مكانة المملكة كدولة تحتضن تراث الخيل العربي الأصيل، وتمنح الفروسية موقعًا خاصًا في الوجدان الوطني. فالماضي حاضر في كل قفزة، والمستقبل يُصنع مع كل بطولة.
الذهب يليق بالمملكة.. والرياض 2025 تكمل لوحة التفوق الرياضي
تسعى دورة ألعاب التضامن الإسلامي السادسة “الرياض 2025” إلى تقديم نسخة استثنائية من التنظيم والإنجازات الرياضية، وقد كانت بطولة قفز الحواجز إحدى المحطات التي أكدت التميز السعودي. فالتنظيم الدقيق، ومستوى المشاركين، والأجواء الاحترافية، كلها عناصر أسهمت في نجاح الحدث وإبراز المملكة كوجهة رياضية متقدمة.
أما الذهبية التي حصدها المبطي، فهي ليست مجرد ميدالية تُعلق على صدر بطل، بل رمز لانطلاق جيل جديد من الفرسان الذين يحملون راية المملكة في ميادين العالم بثقة وقوة.
ما سبب تميز خالد المبطي في مسابقة قفز الحواجز؟
تميز بأداء ثابت في الجولات الأولى وجولة تمايز دقيقة بلا أخطاء، مع انسجام كبير مع جواده.
كيف كان أداء عبدالله الشربتلي في المنافسة؟
قدّم مستوى عاليًا وحصل على البرونزية رغم الأخطاء في جولة التمايز، مؤكداً استمرار حضوره القوي.
من حصل على الميدالية الفضية؟
نال الفارس القطري خالد آل ثاني الفضية بعد أداء منافس قوي في الجولات الأولى قبل أن يرتكب أربعة أخطاء في التمايز.
ما أهمية فوز السعودية بالذهب في هذه البطولة؟
يعزز مكانة المملكة في الفروسية الإقليمية والدولية، ويدعم مسيرة الإنجازات في الرياضة السعودية.
اقرأ أيضًا: قصة نور الشام.. بصيرة تصنع المجد وتكتب فصلًا جديدًا للإلهام في جامعة الأمير محمد بن فهد



