كُتاب الترند العربي

دولة التلاوة.. إشراقة روحانية على الشاشة

رامي محيي الدين

شهدت مصر والعالم العربي انطلاقة مميزة لمسابقة “دولة التلاوة”، التي أطلّت علينا بحلقتها الأولى مساء أمس، لتعيد إلى الأذهان مكانة فن التلاوة ودوره الروحي والثقافي في حياة المسلمين،  ليس مجرد برنامج تلفزيوني عابر، بل تجربة متكاملة تُمجد الأصوات القرآنية وتكرمها، وتفتح نافذة جديدة لإظهار المواهب الصاعدة من شتى أنحاء الوطن العربي، بعد أن ظل هذا الفن الخالد محصورًا في الأوساط الدينية والجامعات القرآنية لفترة طويلة.

نجاح الحلقة الأولى للبرنامج كان ملموسًا، حيث تصدرت قائمة الترند على منصة “إكس” فور عرضها، وانتشرت نقاشات واسعة على فيسبوك ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، هذا التفاعل الكبير يعكس شغف الجمهور بمتابعة فن التلاوة وإعادة الاعتزاز به، كما أنه يوضح أن هناك حاجة حقيقية لبرامج ترسخ القيم الدينية والثقافية بشكل مبتكر وعصري، بعيدًا عن الجمود التقليدي أو الشكلية البحتة.

المثير للإعجاب هو أن “دولة التلاوة” لا يكتفي بعرض المتسابقين فحسب، بل يمنحهم منصة لتطوير قدراتهم من خلال لجنة تحكيم متميزة تضم نخبة من أبرز العلماء والخبراء في مجال الأصوات والقراءات، مثل الشيخ حسن عبد النبي وطارق عبد الوهاب، بالإضافة إلى شخصيات بارزة على صعيد العالم الإسلامي مثل مصطفى حسني والدكتور علي جمعة. هذه الموازنة بين الخبرة الدينية والفنية تجعل البرنامج متميزًا عن أي مبادرة مشابهة، حيث يدمج بين التوجيه العلمي والتقييم المهني.

كما يعكس البرنامج اهتمام الدولة المصرية والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بترسيخ الإرث القرآني وإبراز الأصوات الجديدة التي يمكن أن تكون قدوة للمجتمع الإسلامي. الجوائز المقدمة، بما فيها تسجيل المصحف الشريف بصوت الفائزين وإمامة المصلين في صلاة التراويح بمسجد الإمام الحسين، تعطي البرنامج بعدًا روحانيًا وعمليًا يربط بين الأداء الفني والرسالة الدينية الأصيلة.

في النهاية، يمكن القول إن مسابقة “دولة التلاوة” أعادت التألق إلى مدرسة التلاوة المصرية، وفتحت الباب أمام جيل جديد من القراء الشباب لإبراز قدراتهم على المستويين المحلي والعالمي، البرنامج ليس مجرد ترفيه، بل هو مشروع ثقافي وروحي متكامل يذكرنا بأن جمال التلاوة وعظمة القرآن الكريم لا تزال حاضرة في حياة الأمة، وأن الإبداع الديني يمكن أن يلتقي بالتقنيات الحديثة ليصنع تجربة فريدة تجمع بين الإعجاب الروحي والمتعة الفنية.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى