منوعات

اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية

اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية

الترند العربي – متابعات

في إنجاز طبي غير مسبوق، نجح فريق من الباحثين البريطانيين في تطوير شريحة إلكترونية ذكية تُزرع تحت شبكية العين، تمكّن المكفوفين من استعادة جزء من قدرتهم على الرؤية، خاصة لدى المصابين بمرض الضمور الجغرافي المرتبط بتقدم العمر، والذي يُعد أحد أكثر أسباب العمى انتشارًا عالميًا.
هذه الشريحة، التي تحمل اسم “بريما” (PRIMA)، تمثل نقطة تحول في مجال طب العيون، وتفتح الأفق أمام الملايين ممن فقدوا البصر نتيجة أمراض الشبكية التنكسية.

اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية
اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية

“بريما”.. أمل جديد في علاج العمى

أظهرت النتائج الأولية للدراسة السريرية العالمية أن 84% من المرضى المشاركين تمكّنوا من استعادة قدرتهم على قراءة الحروف والأرقام والكلمات باستخدام العين التي فقدت بصرها سابقًا.
ووفقًا لتقرير نشرته شبكة “سكاي نيوز”، فإن المرضى استطاعوا، في المتوسط، قراءة خمس خطوط كاملة من لوحة اختبار النظر بعد الزرع، في حين لم يتمكنوا سابقًا من رؤية أي تفاصيل على الإطلاق.

وتُعد هذه النتائج اختراقًا حقيقيًا في طب العيون العصبي، إذ تثبت أن الدماغ يمكنه إعادة تفسير الإشارات البصرية بعد انقطاعها لسنوات، بفضل التواصل الكهربائي الذي تُحدثه الشريحة بين العين والمخ.

اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية
اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية

ضمور الشبكية.. تحدٍ عالمي متزايد

يُعد الضمور الجغرافي (Geographic Atrophy) أحد مضاعفات التنكس البقعي المرتبط بالسن (AMD)، ويصيب أكثر من خمسة ملايين شخص حول العالم، ما يجعله من أبرز أسباب العمى الدائم بين كبار السن.
ويؤدي المرض تدريجيًا إلى تلف الخلايا الحساسة للضوء في مركز الشبكية، مما يفقد المريض القدرة على الرؤية المركزية اللازمة للقراءة أو القيادة أو التعرف على الوجوه.
حتى وقت قريب، لم تكن هناك علاجات فعالة تعيد البصر أو توقف تدهور الحالة، ما يجعل هذا الاكتشاف ثورة طبية تُعيد الأمل للملايين.


كيف تعمل الشريحة الذكية؟

تتميز شريحة “بريما” بتقنية متناهية الدقة، إذ لا يتجاوز حجمها 2 ملم فقط، وتُزرع مباشرة تحت شبكية العين التالفة.
وتتصل الشريحة بنظام متكامل من نظارات الواقع المعزز المزوّدة بكاميرا دقيقة، مرتبطة بجهاز كمبيوتر صغير يُرتدى على الخصر.
عندما تلتقط الكاميرا الصورة أمام المريض، تُرسلها فورًا إلى وحدة الذكاء الاصطناعي داخل الكمبيوتر، التي تقوم بمعالجة المشهد وتحويله إلى إشارات كهربائية تُرسل إلى الشريحة داخل العين.

تعمل الشريحة بدورها على تحفيز الخلايا العصبية السليمة المتبقية في الشبكية، وتنقل الإشارات إلى العصب البصري ومنه إلى الدماغ، حيث تُترجم إلى صور بصرية.
بهذه الطريقة، يتمكن المريض من استعادة الرؤية الجزئية بشكل يسمح له بالتحرك والتعرف على الأشكال الكبيرة وحتى قراءة النصوص القصيرة.

اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية
اختراق طبي مذهل.. شريحة ذكية تعيد البصر لـ84% من المكفوفين في تجارب سريرية

نتائج التجارب السريرية

شملت التجارب السريرية التي استمرت ثلاث سنوات 38 مريضًا من خمس دول هي: المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، هولندا، والولايات المتحدة.
وجميع المشاركين كانوا يعانون من فقدان شبه كامل للرؤية بسبب الضمور الجغرافي.
وأظهرت النتائج أن ثمانية من كل عشرة مرضى تمكنوا من تحسين أدائهم البصري بشكل كبير بعد فترة من التأهيل البصري والتدريب العصبي.

الدراسة التي نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (JAMA) أكدت أن الدماغ يحتاج إلى أسابيع قليلة للتأقلم مع الإشارات الجديدة القادمة من الشريحة، وأن التحسّن في الرؤية يستمر تدريجيًا بمرور الوقت.


من لندن إلى العالم.. بداية قصة الأمل

بدأت أولى التجارب الناجحة للشريحة في مستشفى مورفيلدز للعيون في لندن، أحد أقدم مراكز طب العيون في العالم، قبل نحو ثلاث سنوات.
وتُعد هذه الخطوة امتدادًا لجهود بريطانية وأوروبية مستمرة لتطوير الواجهات العصبية البصرية التي تعيد الاتصال بين العين والمخ بعد انقطاعه بسبب أمراض الشبكية.
ويأمل العلماء أن تفتح نتائج “بريما” الطريق أمام جيل جديد من العلاجات العصبية الذكية، التي لا تكتفي بالتعويض، بل تُعيد الوظيفة الحيوية للعين بشكل تدريجي وطبيعي.


التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمة البصر

تستخدم “بريما” نظامًا متطورًا من الذكاء الاصطناعي التفاعلي لمعالجة الصور بسرعة فائقة وتحسين التباين بين الأجسام.
ويعمل النظام بطريقة مشابهة للتقنيات المستخدمة في الواقع المعزز (Augmented Reality)، حيث تُدمج البيانات المرئية مع التحليل العصبي في الوقت الفعلي.
كما يمكن تعديل إعدادات الشريحة لتناسب كل مريض حسب حساسية الشبكية واستجابتها الكهربائية، ما يجعل العلاج شخصيًا ودقيقًا إلى أقصى حد.

ويرى الخبراء أن هذا الدمج بين الطب والهندسة العصبية والذكاء الاصطناعي يمثل المستقبل الحقيقي لطب العيون الرقمي، خاصة مع تسارع الأبحاث نحو تطوير شرائح أصغر وأكثر استجابة.


آفاق جديدة وإمكانات مستقبلية

يشير الباحثون إلى أن النجاح الذي حققته “بريما” لا يقتصر على مرضى الضمور الجغرافي فقط، بل قد يمتد في المستقبل لعلاج أنواع أخرى من العمى الوراثي والتنكس العصبي.
كما يمكن تطوير نسخ أكثر تطورًا من الشريحة تتفاعل مع الحركة اللونية والعمق البصري، بما يسمح بعودة الرؤية ثلاثية الأبعاد للمكفوفين.
وتُجرى حاليًا مراحل إضافية من التجارب السريرية لاختبار فعالية التقنية على نطاق أوسع تمهيدًا لاعتمادها من الهيئات التنظيمية الأوروبية والأمريكية خلال السنوات القليلة القادمة.


الأثر النفسي والاجتماعي

لا يقتصر هذا الإنجاز على الجانب الطبي فحسب، بل يمتد إلى البعد الإنساني والاجتماعي، إذ يُعيد للمكفوفين إحساسهم بالاستقلالية والثقة بالنفس، ويخفف من آثار العزلة والاكتئاب الناتجة عن فقدان البصر.
كما يُسهم في تحسين جودة الحياة بشكل عام، ويُتيح للمصابين العودة إلى القراءة ومتابعة الأنشطة اليومية التي كانت مستحيلة قبل الزرع.


ما هي شريحة “بريما”؟
هي شريحة إلكترونية دقيقة تُزرع تحت شبكية العين، تعمل على إعادة الاتصال بين العين والمخ عبر إشارات كهربائية تُرسلها خوارزميات ذكاء اصطناعي متطورة.

ما نسبة نجاح التقنية حتى الآن؟
نجحت التجارب السريرية في تمكين 84% من المرضى من استعادة جزء من بصرهم وقراءة الحروف والأرقام بعد فقدانهم الكامل للرؤية.

كيف تعمل الشريحة بالتحديد؟
تلتقط الكاميرا في نظارات الواقع المعزز الصورة، ثم تعالجها وحدة ذكاء اصطناعي وتحوّلها إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى الدماغ عبر الشبكية والعصب البصري.

ما الدول المشاركة في التجارب؟
شارك في الدراسة 38 مريضًا من المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، هولندا، والولايات المتحدة.

هل يمكن للتقنية علاج جميع أنواع العمى؟
لا، التقنية موجهة حاليًا لعلاج حالات الضمور الجغرافي، لكنها قد تُستخدم مستقبلًا لعلاج أمراض شبكية أخرى بعد توسع الدراسات السريرية.


ختام

يُعد اختراع شريحة “بريما” نقلة نوعية في طب العيون العصبي الحديث، إذ يدمج بين الذكاء الاصطناعي والهندسة الطبية لإعادة البصر بعد فقدانه.
وبينما تمثل هذه الخطوة أملًا حقيقيًا للمكفوفين حول العالم، فإنها تؤكد أيضًا أن المستقبل الطبي يسير نحو مرحلة يصبح فيها الذكاء الاصطناعي شريكًا مباشرًا في استعادة الحواس البشرية، ليقترب العلم أكثر من تحقيق المعجزة التي طالما حلم بها الإنسان: أن يرى النور من جديد.

اقرأ أيضًا: نجاح طبي بمستشفى شقراء في استئصال ورم نادر باستخدام المنظار لمريض ستيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى