فاطمة العدلاني
المنطق العقلي يحكم بسلبية الحياة عند الحزن والفقد والخذلان والفشل وكل الشعور القاسيه الممكنه، ووضع أيضا بين تلك المشاعر وبين سلبية الحياة علاقة طردية بحيث كل ما زادت تلك المشاعر قساوة زادت الحياة الجانب المظلم بأعيننا .
لكن المنطق النفسي لا يحكم بذلك، هل معنى ذلك أن المشاعر القاسية شيء إجابي! كيف؟!
سأُخبرك عزيزي القاريء بالعقل شيئا عن السيكولوجية النفسية للإنسان عن طريق بعض الأسئلة تتوصل بإجابتها لمقصدي.
أولا: هل يشعر الإنسان بالفراق إلا بعد اللقاء؟ لولا اللقاء يا صديقي لم يكن للفراق وجود! هل يشعر الانسان بالألم إلا بعد الراحة؟! لولا الراحة يا صديقي لم نكن لنتألم من الألم.
هل يشعر الإنسان بالفشل إلا لو نجح مرات ومرات ثم تعثر مرة فشعر حينها أنه فشل! هل كان للفشل معنى لشخص إلا لو وُجد النجاح لنفس الذات.
هل كان لكل ضد معنى لو لم يوجد له ضد؟!
مع اتضاد ماسبق نجد أننا حين شعرنا بالفشل فهو مرة من مرات النجاح وإلا ما كُنا شعرنا بالفشل بمعناه.
ولو لم نكن التقينا كثيرا لما شعرنا بالفراق مرة ولو لم نكن اعتدنا الراحة لما شعرنا بالألم.. ولو لم تكن أنفسنا عامة شعرت بالإيجابية في المعتاد لما شعرت بالسلب وقت محدد.. حيث أن اعتياد السلبية في حد ذاتها لفترة من الزمن سيصبح إيجابية دون شعور. بمعنى أن من اعتاد الالم سيعتاده ومن يعتاد القسوة سيعتادها ومن يعتاد الفشل سيعتاده ومن يعتاد أي فراق سيعتاده ومن يعتاد الوحدة سيعتادها والغريب أنك تستطيع اعتياد أي شيء يا صديقي حتى قالو في مثل روسي مشهور:
بإمكان المرء أن يعتاد كل شيء حتى الجحيم.
فعليك أن تعلم أن كل السلب إيجاب من جهة أخري لعلك تتألم لتشعر بمعنى الراحة ولعلك تفشل لتشعر معنى النجاح ولعلك تفقد لتشعر معنى العطاء.
وبشكل خاص لعلنا الآن نتهيأ لشعور العودة للحياة العادية جداً مجدداً وبشغف ورضا بالغ فقدناه لسنوات من الاعتياد.
وقال الشاعر القروي :
نصحتك لا تألف سوى العادة التي* يسرك منها منشأ ومصير*فلم أر كالعادات شيئا بناؤه* يسير وأما هدمه فعسير..