
الذكاء الاصطناعي والتعليم.. هل نحن نعيش في الماضي؟
خالد عزب
نشر البنك الدولي تقريرا عن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم وتأثيره في العملية التعليمية، هذا ما دفع البنك الدولي لتوجيه أربعة أسئلة لاثنين من خبرائه هما خايمي سافيدرا و إزيكيل مولينا جاوبا على الأسئلة المطروحة كما يلي :
عندما يكون هناك العديد من المدارس التي لا تمتلك الحد الأدنى من إمكانيات استخدام الذكاء الاصطناعي، ألا يُعد الترويج له عملاً يفتقر إلى المسؤولية؟
هذا فهم قاصر؛ فلا جدال أن هناك العديد من المدارس التي تحتاج إلى بنية تحتية أساسية ومعلمين مؤهلين بشكل جيد، لكن التكنولوجيا يمكنها المساعدة في سد هذه الفجوات بشكل سريع إذا تم تطبيقها بشكلٍ صحيح. فيمكن للمعلمين تلقي تدريب أفضل، ويمكن للمواد التعليمية الوصول إلى المناطق النائية بسرعة، ويمكن للطلاب الذين يحتاجون إلى دعمٍ إضافي الحصول عليه بشكل أكثر فاعلية.
والشواهد والأدلة واعدة؛ فعلى سبيل المثال، في إكوادور، حقق برنامج تعليم الذكاء الاصطناعي القائم على التوجيه من جانب المعلمين تحسناً كبيراً في مستوى تعلم الرياضيات مقابل سعر زهيد لا يتجاوز 18 دولاراً فقط للطالب. ولن يؤدي تفويت مثل هذه الفرصة إلا إلى زيادة اتساع الفجوات القائمة.
كيف نضمن أن الذكاء الاصطناعي يخدم مجتمعاتنا المحلية، وليس العكس؟
إن القلق بشأن السيادة التكنولوجية يُعد أمراً مشروعاً. ونظراً لأن نظم الذكاء الاصطناعي يتم تطويرها بشكل رئيسي في بلدان الشمال، فإننا نخاطر بفقدان الاحتياجات بالغة الأهمية على المستوى المحلي – من محتوى اللغة الأم إلى مناهج التدريس التي تراعي للجوانب الثقافية لهذه المجتمعات. لكن الحل لا يكمن في رفض هذه النظم، بل في المشاركة فيها بصورة إستراتيجية.
ومن أجل تحقيق ذلك، فنحن بحاجة إلى اتخاذ بعض الإجراءات العملية، ومنها : :
• تطوير مواهب الذكاء الاصطناعي على المستوى المحلي من خلال المنح الدراسية والدورات التدريبية المستهدفة
• إنشاء شراكات لتطوير محتوى اللغات المحلية
• إنشاء أطر تنظيمية واضحة تحمي سيادة البيانات
• تزويد المعلمين بالمهارات الرقمية من خلال إلحاقهم ببرامج التدريب الشاملة
مثال أوروغواي إن ما يمكن تحقيقه سهل عن طريق الإسترشاد بالعديد من التجارب: لقد وضعوا الإرشادات الخاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي التي تراعي أساليب التدريس المحلية مع الاستفادة من التقدم في الذكاء الاصطناعي. ويضمن الإطار الذي قاموا بإنشائه أن التكنولوجيا تخدم أهدافهم التعليمية، وليس العكس.
ألن يستخدم الطلاب الذكاء الاصطناعي فقط لتجنب متطلبات التعلم الحقيقي؟
هذا هو أحد أكثر المخاوف إلحاحاً التي نسمعها من المعلمين وأولياء الأمور على حد سواء. فهناك تخوف مشروع من أن تصبح أدوات مثل ChatGPT حجةً للارتكان إليها، مما يؤدي إلى الكسل الفكري والتعلم السطحي. فالنار يمكنها أن تكون سبباً في طهي الطعام أو حرق المنزل – كل هذا يتوقف على كيفية استخدامها. والأمر نفسه ينطبق على استخدام التكنولوجيا في التعليم.
ومن الأمانة أن نقول إن عملية النسخ والمحاكاة ليست بدعة – فقد اكتشف الطلاب دوماً طرقاً مختصرة منذ اختراع الكتابة. فهناك من كان يطلب من شقيقه أن يكتب له مقالته، وهناك من كان يحصل على مساعدة الآخرين في عمل الواجبات المنزلية، أي أن الغش كان موجوداً بصفة دائمة. وليس السلوك هو ما يختلف الآن، بل تطور الأدوات التي يستخدمها الطلاب، وهو ما يمثل فرصة لإعادة التفكير بشكل أساسي في طرق التدريس وتقييم عملية التعلم.
ويمكن للتكنولوجيا أن تسهل التركيز على ما يهم حقاً، ألا وهو تطوير مهارات التفكير رفيعة المستوى والإبداع والتحليل النقدي. وتظهر النتائج الأولية من برامجنا التجريبية في نتيجةً تسترعي الانتباه، وهي أنه عندما يتم توجيه الطلاب الذين يتعلمون استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح، فإنهم يتفاعلون بشكل أعمق مع المادة العلمية التي يدرسونها. فبدلاً من مطالبة الطلاب بتلخيص النصوص (وهو ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي على الفور)، يمكن للمعلمين توجيههم لنقد التحليلات التي يولدها الذكاء الاصطناعي، أو مقارنة تفسيراته المختلفة، أو استخدامه كمساعد في عمليات العصف الذهني عند قيامهم بصياغة أفكارهم الخاصة.
وتتخلص رؤيتنا الأساسية في أن المعلم الجيد كان دوماً قادراً على تشجيع التفكير النقدي بالحوار المستنير مع طلابه. لكن أي والد لديه أبناء في سن المراهقة يعرف مدى صعوبة تشجيع التفكير النقدي، ولنا أن نتخيل الآن مدى صعوبة القيام بذلك مع ثلاثين طالباً في وقت واحد! وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنه أن يساعد الكثير من المعلمين على تحضير الدروس والأنشطة الفعالة الخاصة بهذه المهارات التي يصعب تدريسها.
كيف يمكننا تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول في المدارس؟
يُعد التعليم أحد المجالات التي تحتاج بشدة إلى المزيد من الشواهد والأدلة العلمية بشأن ما قد ينجح عند تطبيقه. وهناك حقيقة مذهلة مفادها أنه في حين أن نتائج البحوث الطبية تتحول بسرعة إلى تغييرات في الطريقة التي يعمل بها الأطباء في عياداتهم، فغالباً ما تكافح البحوث التربوية لتتحول إلى ممارسات عملية في الفصول الدراسية. ولكن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدتنا في تغيير هذا النمط.
ويكمن المفتاح في تبني نفس النهج القائم على الشواهد والأدلة الذي نستخدمه في مجالات الطب والصيدلة وسلامة الأغذية والمتمثل في المضي قدماً بشكل مدروس دون أن نبقى مكبلين بداعي الخوف من الإبداع. ومثلما لن نطبق إجراءً طبياً جديداً أو نستخدم إضافات غذائية بدون إخضاعها لاختبارات كافية، فإننا بحاجةٍ إلى أسلوبٍ منهجيٍ للتعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم يتمثل فيما يلي:
• إنشاء أطر تنظيمية واضحة لتطبيق الذكاء الاصطناعي
• التقييم الدقيق قبل التعميم على نطاق واسع، ثم الاستمرار في عمليات التكيف التكراري
• المشاركة النشطة من مجتمع التعليم في التقييم والتكيف لضمان الفاعلية في الواقع العملي.
مصر ومستقبل التعليم سوف يتأثر مستقبل التعليم في مصر حتماً بما نشهده من تطورات تكنولوجية. ومن خلال الذكاء والإبداع، يمكننا استخدام هذه الأدوات لمساعدة المدارس والمعلمين والطلاب الذين يحتاجون إلى أكبر قدر من الدعم والمساندة. ويعتمد النجاح على القيام باستثمارات ذكية مع الحفاظ على العنصر البشري في صلب تفكيرنا.
لنتذكر سوياً أن التعليم يتعلق بشكل أساسي بالتفاعل البشري، وأن الذكاء الاصطناعي يجب أن يضيف فعاليةً ومتعةً إلى هذا التفاعل وألا يحل محله. ومن خلال التركيز على هذا المبدأ، يمكننا التأكد من أن التكنولوجيا تخدم قيمنا التعليمية، وليس العكس.
إن الحقيقة المرة أننا في مصر أبعد ما نكون عن كل ماسبق طرحه حتي في المدارس التي يدفع فيها المصريون آلاف الجنيهات ، وخطورة كل ما سبق أن الأجيال القادمة في مصر سيكون بينها وبين المتعلمين في العديد من الدول هوة واسعة ، وهذا ما سيقلل فرص عمل المصريين في خارج مصر، ويدفع كذلك نحو عدم توافر اليد العاملة المؤهلة لمتطلبات العمل المستقبلية في مصر ، فهل تستعين مصر بيد عاملة مؤهلة للقيام بوظائف المستقبل، في الحقييقة أن حتي التعليم الخاص في مصر عالي التكلفة بعيد جدا عن هذا ، فالمدارس الخاصة لا توظف الكفاءات المطلوبة للمستقبل ، بسبب ضعف رواتبها ، فضلا عن أن أولياء الأمرو لا توجد أدوار لهم ليسألوا عن المناهج التي تبني المعرفة لدي أبنائهم ، فالقضية كما هو مطروح ليست الأبنية ولا الموارد بقدر ما هي إرادة مطلوبة لكي يصبح لدينا مناهج تعليمية مواكبة لمتطلبات المستقبل ، وهذا للأسف بند يجعلنا نسأل هل مادة الدين هي المعركة التي ننشغل بها ، أم المستقبل ، الدين ضروري ولا غني عنه ، لكن ليس ضمن مقررات المجموع ، الأساسي هنا هو المستقبل الذي يدفعنا لإستخدام كل أدوات العصر لكي يكون لنا مستقبل.
المصدر: اليوم السابع