
ابنك ليس نسختك.. اتركه يحلق بحرية
ابنك ليس نسختك.. اتركه يحلق بحرية
محمود عبدالراضي
ابنك ليس نسخة منك، لا تحمل في ذهنك صورة مطبوعة أو قالباً مسبق الصنع، هو كائن فريد، يحمل بين طياته أحلامه الخاصة، أفكاره التي تنسج مستقبله بيده، ورغباته التي تحتاج إلى مساحات حرية لا يحدها إلا احترام القدرات، فكما لا يمكنك إجبار الشمس على أن تسير في طريق القمر، لا تجبر ابنك على تحقيق حلم فشلت أنت فيه، بل دعه يكتب قصته، يرسم لوحته، ويخطو بثقة في درب يختاره هو.
النصيحة هي السلاح الأمثل، وليست القيد الذي يثقل أجنحة الطائر، يجب أن تكون أنت الضوء الذي يضيء له الطريق، لا الحائط الذي يحجبه، لا تزرع في قلبه أعباء ما لم يكن مستعدًا لحملها، ولا تصم آذانه عن صوت شغفه وهو يناديه ليعانق هواياته وميوله، كل طفل يحمل بداخله بذرة فريدة، إن رويتها بحب وعطاء نمت وزهرت، وإن قيدتها بأحلام الآخرين ذبلت وتلاشت.
ابنك ليس نسخة عنك، هو لوحة فنية تتطلب منك أن تمنحه الفرصة للتلوين بألوانه الخاصة، لا أن ترسمها أنت على عجل، أو تحت ضغط رغباتك المؤجلة، دع له حرية الاختيار حسب قدراته، وكن له ملهمًا ومشجعًا، لا طاغية يحكم عليه بمقاييسه، منحه هذا الحق هو أعظم هدية يمكنك أن تقدمها له، وهو الطريق الحقيقي نحو بناء شخصية مستقلة وقوية.
الحياة قصيرة، والفرص كثيرة، لا تقتل شغف ابنك بالقيود، بل دع له مساحة يحلق فيها، ليحقق ذاته، ويكتب فصوله بحب وحرية، هذا هو الأب الحقيقي، الذي لا يرغم، بل يوجه، ولا يتحكم، بل يحتضن.