كُتاب الترند العربي

نتيجة الثانوية ليست نهاية الحلم.. بل بدايته

محمود عبدالراضي

بينما تتأهب البيوت لسماع نبأ النتيجة، ويتسابق القلق ليحتل القلوب، نقولها بصوت هادئ: تمهّلوا، فليست نتيجة الثانوية العامة ميزان النجاح في الحياة، ولا مقياسًا حاسمًا لمستقبل أبنائكم، هي محطة، نعم، لكنها ليست المحطة الأخيرة، هي خطوة، لكنها لا تختزل المسافة.

أستغرب من هذا الكم الهائل من التوتر، من عيون لا تنام، ومن قلوب تخفق وكأنها تنتظر حكمًا نهائيًا، وكأن الدرجة هي من تُحدد من يستحق الحياة، ومن يُكتب له المجد، ومن يُطوى اسمه في دفاتر النسيان!

الواقع يقول غير ذلك، انظروا حولكم، وتأملوا جيدًا في الوجوه التي رفعت اسم مصر في ميادين العلم والفن والرياضة وريادة الأعمال، ستجدون بينهم من لم يكن من أصحاب المجاميع المرتفعة، ومن لم تطأ أقدامهم ما يُسمى “كليات القمة”، ومع ذلك، كانت قمتهم مختلفة، كانت قمم أحلامهم أعلى من درجات التنسيق، وأرحب من حدود المجموع.

هؤلاء لم يقفوا عند عتبة “النتيجة”، بل عبروا منها إلى حيث يصنع الإيمان بالذات الفارق الحقيقي، لم يحبسوا أنفسهم داخل قفص الأرقام، بل حلقوا بإصرارهم خارج السرب.

يا آباءً وأمهات، هونوا على أنفسكم، فالحياة لا تبدأ من نتيجة، ولا تنتهي عند رقم، إن علّمتم أبناءكم أن القيمة في الشخص لا في الشهادة، وأن الحلم لا يُقاس بعدد الدرجات، ستكونون قد أهديتموهم بداية الطريق الصحيح، وإن تأخرت الخطوة.

دعوا أبناءكم يكتشفون شغفهم، يسيرون في طرقهم، يسقطون ويقومون، يتعلمون من الحياة لا منهاجها فقط، لا تحصروهم في خانة واحدة عنوانها “كلية القمة”، فهناك قمم لا تُكتب على أوراق التنسيق، بل تُرسم على خرائط الطموح.

واذكروا دائمًا: لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا، قد ترون يومًا من لم يحصدوا المجاميع العالية وقد تبوأوا أعلى المناصب، لأنهم لم يتوقفوا، لأنهم آمنوا، لأنهم مضوا، فمضت الحياة معهم إلى حيث أرادوا.

اطمئنوا، وطمئنوا أبناءكم.. فالحلم باقٍ، ما بقي القلب نابضًا بالإيمان.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى