كُتاب الترند العربي

الاقتصاد المعلوماتى.. اهتمام دولي

عصام محمد عبدالقادر

يصعب أن نتصور إنتاجية حقيقة مستدامة فى أى مجال من المجالات دون اهتمام بالمورد المعلوماتى الذى أضحى من مقومات الدول المتقدمة، بل لا نغالى إذا ما قلنا بأنه المورد الرئيس لها؛ حيث يمثل مقوم رئيس للابتكار وأداة فاعلة فى التحديث والتطوير؛ لذا صار الرأسمالى المعلوماتى مقدمًا على المورد المادي؛ فمن خلاله نصنع القيمة المضافة التى تعظم من صورة المخرج أو المنتج الذى نعمل عليه بشكل وظيفى.

ولنا أن نذعن بأن مهارات الابتكار التى يتملكها الإنسان يتأتى مصدرها من معلومات تشكل المدخل الرئيس للعمليات التى تسبق المخرج، وهذا يجعلنا نثمن قيمة المعلومات، بل ونهتم بصناعتها لنضمن توافر المدخل الابتكارى الذى يخلق مزيدًا من فرص العمل القائم على التفرد المهارى فى كليته رغم التقدم التقنى للآلة التى أضحت تحتل مكانة العنصر البشرى بكل قوة وهيمنة.

وفى ضوء ما أوردنا نجد أن النظرة تغيرت تجاه المعلومة؛ فقد صارت سلعة عند الكثيرين، ولها طرائق للتسويق بغية تحقيق أقصى استفادة منها، كما لها مسارات تهتم بإنتاجها وتحليلها وتنظيمها، وهذا ما جعلها فى بوتقة الصناعة؛ ومن ثم بات الاهتمام بها من مقومات تقدم الدول؛ فمن خلالها يمكن توفير المتطلبات والاحتياجات والوفاء بالتطلعات والآمال والطموحات على مستوى الفرد والمجتمع.

والاهتمام بصناعة المعلومات يؤكد الإصرار على تحقيق غايات نبيلة منها المقدرة على حل المشكلات التى قد تعانى منها كثير من الدول، بل ولا نغالى إذا ما قلنا تهدد كيان البشر قاطبة، وهذا ما فتح مسارًا أم اقتصاد جديد يحتاج أن نتنبه لمداخله؛ حيث يحتاج بالضرورة لبيئة حاضنة وداعمة لإنتاج معلومات لها قيمة تربو عن كثير من صور الاقتصاد المادى المعلومة لدينا.

وثمة ضرورة تقتضى الاهتمام بالمؤسسات التى تفرز لما نتاجًا معلوماتيًا يقوم على منهجية البحث والاستقصاء العلمي؛ حيث إنها تشكل المصدر الرئيس لهذا النمط من الاقتصاد، والذى يعود بالنفع المباشر على تنمية رأس المال المادى والبشرى على السواء؛ ومن ثم يتوجب علينا أن نقدم كافة صور الدعم اللوجستى التى تمكن المؤسسات البحثية كى تؤدى مهمتها القومية.

وإذا ما صفنا الاقتصاد المعلوماتى بأنه ذات صبغة عالمية ينبغى أن يكون متاحًا للجميع كونه سلعة غير قابلة للاحتكار؛ إلا أن الواقع يشير إلى استغلاله ليصبح من مصادر الثروة والسلطة فى أن واحد لدى من يمتلك هذا النمط المهم من الاقتصاد، وفى ضوء ذلك يجب ألا ننتظر استيراد المعلومات، بل ينبغى أن نصبح قادرين على إنتاجها لأنها تعد نقطة الانطلاق نحو الريادة والتنافسية فى كافة المجالات.

وندرك جيدًا أن الجانب التقنى بات أداة فاعلة فى خلق اقتصاد معلوماتى، بل وأصبح قادرًا على تشكيل البيئة المواتية التى تمكن الإنسان من الابتكار فى مجاله النوعى، وهذا ما يهيئ الفرصة الكاملة لكثير من الدول التوجه نحو تنمية هذا النوع من الاقتصاد؛ فقد حدثت طفرة لا يستهان بها فى تدشين مشروعات تقوم على التقنية المعلوماتية معتمدة على أساليب ابتكارية ومرتبطة بمعيار خبراتى بما يضمن تحقيق المستهدفات المخطط لها أو المنشودة.

وقد باتت الشركة فرض عين مع كافة المؤسسات التى تسهم فى خلق اقتصاد معلوماتى بالبلاد، وفى مقدمتها المؤسسات البحثية التى تضمن بطرائق متعددة وآمنة ومضمونة أن تحدث استثمارًا حقيقيًا للمعلومات عبر توظيف علمى ووظيفى للتقنية بما يزيد من الإنتاجية المعلوماتية ذات الطابع الابتكارى والتنافسى فى ذات الوقت.

ويعد هذا استثمار فاعل للمؤسسات يمنحها الريادة ويعطيها الإرادة فى أن تحقق أهدافها المبتغاة، بل ويمنحها فرص للريادة والتنافسية ويجعلها تتجاوز التهديدات والصعوبات والتحديات الداخلية منها والخارجية، كما يجعلها تتخلى طواعية عن الأنظمة الكلاسيكية البطيئة ويدخلها دائرة السرعة والدقة وفق فلسفة العمل المهارى الذى تقوم عليه أطر التقدم والنهضة.

وأثق بأن لدينا مقومات النهوض بهذا النمط من الاقتصاد؛ حيث نمتلك فعليًا الشبكات التى تساير التطورات الحالية والمستقبلية، ولدينا البنية التحتية التى تتسم بالحداثة ودقة التصميم، بما يمكنا من التخزين والاسترجاع والتوظيف والتقويم المستمر للمعلومات؛ لنصل إلى مرغوب فيها ذات مردود اقتصادى غير مسبوق، يتسق مع ماهية القيمة المضافة لتلك المعلومات.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.

المصدر: اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى