كُتاب الترند العربي

لما تغبش المرايا

هلا خباز

بيقول المثل “مراية الحب عميا”، وأنا بقول مراية الحب أو الكره مغبشة، بكل المواقف والمشاعر شو ما كانت بتتغبش بصيرتنا تمامًا ممثل مراياتنا.

واحد بيقول وأخيرًا لقيتها.. والثاني بيقول وآخيرًا  جا إلي يعوضنا عن إلي عشناه.. وهي بتقول معقول في ألطف؟ وبيجيك إلي بيقلك يا ثقل دمه، كيف قادر يستحمل نفسه؟!

والحقيقة  كلها موجودة على العبارة المكتوبة على مراية  السيارة “إن الأجسام تبدو أقرب مما هي على الواقع”، أقرب، أبعد، أصغر، أكبر  والرسالة وحدة.. لا تنخدع!

يفسر  “أبهيجيت ناسكار” عالم الأعصاب،  مراية الحب عمياء بأن المخ يفكر بطريقة غير منطقية عندما يقع الشخص في الحب، فأنه يرى العالم وردى وممتلىء بالفراشات وأقواس قزح، ويجد ما يفعله شريك حياته صحيح دون أدنى شك، وذلك فسره “ناسكار” بأنه بسبب أن الشخص في بداية العلاقة يكون منجذب جسديًا للطرف الآخر، لذلك يتجاهل أي عيوب تظهر في شخصية المحبوب، ويسعى بكل الطرق الممكنة لإسعاده والتواجد معه طوال الوقت.

قرأت مقالًا لفتني عنوانه: “عندما نحب لا “نَرَى” ولكننا “نسمَع” و”نتكَلم” ونستريح”. كل الموضوع وبكل شي في حياتنا غالبًا ما منشوف الصورة واضحة، صورنا مغبشة لأنها بتعكس أمانينا وتطلعاتنا وعشمنا بالأشخاص وبما سيؤول عليه حالنا معهم.

لماذا لا نغير آرائنا  ومواقفنا  من الأشخاص بسهولة ؟

معليش ما في حدا كامل.. هو على الأقل أحسن من إلي قبلوا.. ابن بلدي وأكيد بيفهمني.. جربته قبل هو قاصد يجرحني.. حركاتها مستحيل تغيرها،  أعذار واستنتاجات، والرمل عم يتحرك تحتنا ويسحبنا، وصور كثير مشوشة بمخيلتنا واحنا متاخدين بلمعة المراية.

قيل يومًا: حالة الإنكار تصل ببعض الناس إلى درجة أنهم على استعداد لتجاهل وجود فيل معهم في نفس الغرفة.

وعلى ها لحال احنا شايفين بس سطح المراية والصورة المعكوسة عليها.. فيها شوية تغبيش.. صح؟ ايه بس عادي. تقول الأديبة المصرية رضوى عاشور : “إن البشر كالمرايا يعكس الواحد منهم الكثير من وجه صاحبه”. فنحن حينما نقف أمام المرآة نرى جانب واحد ونجهل البقية.

والحقيقة إن المراية عمرها ما كانت عمياء متل ما المثل الشعبي بيقول.. هي مغبشة بس.. منتجاهل الشروخ الواضحة ومنتجاهل العتمة بزواياها بس لأننا تعملنا إن المركب لازم يمشي.. ويمكن لأنو تعبنا والعلاقة هي طوق أمل جديد، نعتقد إن إلي جاي مغلف نواياه بالورد وبيطلع فيه شوك بينهم، احنا ماشفناه وتغاضينا عن الجرح الصغير منها،  لأننا تعلمنا إن ما في شي كامل وإن الرضا سمة أولاد الأصول.

 يقول باولو كويلو : ” قليلٌ من الناس يعرفون متى يجدرُ بهم التوقف” .

مراية الحب والتأييد بتخلينا نشوف المواقف بغير حجمها الطبيعي، لذا بتلاقينا عم نضخم الأمور وعم نسطحها، ونتجاوز  ونتخطى ونحط فواصل بالأماكن إلي لازم نحط فيها نقط.

مراية الحب بتخليك تعطي الفرص حتى لما تكتشف الحقائق، بتخليك تبقى لما لازم تدير ظهرك وتمشي، هي مراية بتخلينا بكثير من الأحيان نتنازل عن الإنصاف بحق أنفسنا وحق الآخرين، هي مراية بتعمي بصيرتنا متل ما بتعمي بصرنا.  يقول الكاتب الاماراتي عبد الله النعيمي: “عندما نحب، لا نرى عيوب من نحب !، وعندما نكره, لا نرى محاسن من نكره !، لذلك أرى الحب والكراهية مفاهيم تتضاد مع الحياد والانصاف والعدالة!”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى