صراع الفناء والزهد
عمر غازي
الحياة بطبيعتها فانية وقصيرة، وهذا ما يدفع البعض عند تأملها إلى الزهد فيها، فيختارون الابتعاد عن ملذاتها والتفرغ لما هو أسمى وأبقى.. ولكن، الإنسان في جوهره نسايٌّ وطماع، محبٌ للملذات، مما يضعه في صراع دائم بين الزهد والرغبة.
إن إدراك الإنسان لفناء الحياة وقصر أمدها ليس أمرًا جديدًا، فقد دعت الفلسفات القديمة، والديانات إلى التأمل في طبيعة الحياة ومحاولة الترفع عن مادياتها.
لكن، وعلى الجانب الآخر، نجد أن الطبيعة البشرية تميل إلى نسيان هذا الفناء والانغماس في ملذات الحياة، فالإنسان بطبعه طموح، يسعى إلى تحقيق المزيد من النجاحات والتمتع بأكبر قدر من اللذات.
هذا الصراع الداخلي بين الزهد والرغبة يشكّل جزءًا أساسيًا من التجربة الإنسانية، فبينما تدفعنا الحكمة إلى الترفع عن الملذات والاستعداد لما بعد الحياة، تدفعنا الفطرة البشرية إلى الاستمتاع باللحظة الحاضرة واستغلال كل فرصة للسعادة والمتعة.
ربما يكون الحل المنطقي في إيجاد توازن بين الزهد والرغبة، فيمكن للإنسان أن يستمتع بملذات الحياة دون أن ينسى فناءها، وأن يسعى لتحقيق طموحاته دون أن يغفل عن قيمه الروحية، فالحياة، رغم فناءها وقصرها، تمنحنا فرصًا لا تُقدّر بثمن للتعلم والنمو والاستمتاع، بشرط ألا ننسى جوهرها الحقيقي وأن نعيش بتوازن وحكمة.
ولذا، يبقى السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للإنسان أن يوازن بين زهد الزاهدين وطموح الطامعين؟ ربما يكمن الجواب في محاولة تجاهل السؤال، أو الامتناع عن الإجابة عليه!