كُتاب الترند العربي

“جاك نيكلسون”.. الروح الحرة لفيلم “One Flew Over the Cuckoo’s Nest”

فنسنت كانبي

يُعد ظهور أشخاص مثل راندل باتريك مكمورفي استنتاجًا مفروغًا منه، حيث إن جمعت 12 رجلًا عشوائيًا، سيظهر أحدهم في النهاية على أنه يحمل مواصفات راندل باتريك مكمورفي، الرجل المنظم والمتحدث ومثير الشغب وذو الروح الحرة، الرجل الذي لا يصدق شيئًا كما هو، والذي يقلب النظام والروتين رأسًا على عقب أحيانًا لمجرد وجوده. تعتمد مدى قوة راندل باتريك مكمورفي كليًا على مدى شدة خصمه.

قبل بداية عرض فيلم “One Flew Over the Cuckoo’s Nest”، في نسخة فيلم المخرج ميلوش فورمان المقتبسة من رواية كين كيسي التي نُشرت عام 1962، لم تكن حياة راندل باتريك مكمورفي “جاك نيكلسون” تستحق الاهتمام، حيث لم يُميز حياته أي شيء سوى الإهمال.

سيتوقع أي شخص أن راندل مكمورفي كان سريع البديهة، ولكنه ليس ذكيًا للغاية، حيث تسبّب غروره وإدمانه للشرب وعلاقاته غير المشروعة وقلة صبره لوجود سجلًا صغيرًا له عند الشرطة الذي يحتوي غالبًا على شكاوى اعتداء وضرب، حتى إلى أن انتهى الأمر بإدانته بتهمة اغتصاب القاصرات. فكان عمر الفتاة 15عامًا فقط، مع أنها قالت إن عمرها يبلغ 19 عامًا.

عندما نلتقي براندل لأول مرة، كان قد قضى شهرين من عقوبته البالغة ستة أشهر في السجن، وتمكن بعدها من نقل نفسه إلى مستشفى الأمراض العقلية الحكومي ليخضع للمراقبة النفسية، بعد ادعائه الكاذب للجنون، معتقدًا أن الحياة في المصحة النفسية ستكون أسهل من زنزانة السجن. كانت هذه بداية النهاية لراندل، لكن صرامة نظام المصحة تسبب له نوعًا من جنون العظمة.

يُعد فيلم “One Flew Over the Cuckoo’s Nest” فيلمًا كوميديًا من النوع الذي لا يمكن توقع نهايته المأساوية، وهي نمطية للغاية بحيث لا يمكن أن تكون مؤثرًة، لكن كان التمثيل في الفيلم فيه شعور كبير بالحياة بحيث يستجيب المشاهد لإنسانيته إن لم يكن للتشبيهات المبرمجة فيه.

بمجرد وصوله إلى المصحة النفسية، يعين راندل نفسه بطلًا ينادي بحقوق المرضى الآخرين في نفس جناح المصحة، وكان خصمه الأقوى الممرضة راتشيد، وهي امرأة قاسية، عمرها غير مؤكد، مع أنها يبدو عليها أنها كانت جميلة في السابق إلا أنه من غير الممكن أن تكون امرأة متعاطفة ومتفهمة إلا بالطريقة التي تعزز سلطتها وقوتها. تمثل الممرضة راتشيد في المصحة السلطة والنظام، الأمر الذي يدفع براندل، وأي شخص له نفس المواصفات، لهدم نظامها وقلبه رأسًا على عقب.

لعبت لويز فليتشر دور الممرضة راتشيد، وعُرِفَت في سيناريو المؤلف لورانس هوبن وبو جولدمان باعتبارها الشخصية الأكثر إثارة للاهتمام والأكثر غموضًا مما كانت عليه في رواية السيد كيسي، على الرغم من اللحظات العابرة التي تكون فيها قلقة بشكل حقيقي مما جعل نهاية الفيلم غير متوقعة تمامًا.

وصل فيلم “One Flew Over the Cuckoo’s Nest” إلى أفضل لحظاته عندما مارس السيد فورمان مواهبه كمخرج للكوميديا التي تتحدى المفاهيم المسبقة للذوق السليم. ليس من الغريب أبدًا وصف راندل بأنه مثل السيد روبرتس الذي يجد نفسه يخدم على متن سفينة يو إس إس ماد هاوس “تشبيه لفيلم Mister Roberts”. ويُحسب للسيد فورمان أن المرضى الآخرين في جناح الطب النفسي، على الرغم من معاناتهم من جميع أنواع الذهان، إلا أنهم لا يُعاملون بسخرية أو استهزاء كأشخاص غريبين أو غير طبيعيين، ولكن يمكن التعرف عليهم على الفور لأنهم يجسدون جوانب إنسانية قد تكون لدينا، إذا تجاوزنا حافة ما يُسمى بالعقلانية.

انغمس السيد نيكلسون في أداء دور راندل بطريقة لا توصف، لدرجة أنه يصعب تذكره في أي فيلم آخر. كان أداؤه لامعًا، ولكن ليس لدرجة أن يحجب أدوار زملائه الممثلين، حيث إن جميعهم ماهرون جدًا وقليل منهم اقترب من النجومية، بما فيهم ويليام ريدفيلد «كمريض مثقف يتحدث بأشياء لا معنى لها»، وويل سامبسون «كرجل أصم وأبكم من الهنود الحمر» وبراد دوريف «كشاب يعاني من عقدة نفسية مهلكة تجاه الأم».

ولكن توجد بعض الأشياء المقلقة بشأن فيلم “One Flew Over the Cuckoo’s Nest”. أظن أنها تهدف لجعلنا نربط بين مواجهة راندل مع الممرضة القاسية راتشيد والاضطرابات السياسية في البلاد خلال فترة الستينات. ولكن لا تحقق هذه المواجهة الغرض المنشود. كل ما يحدث هو أنها تصرف انتباهنا عن التساؤل عن دقة الصورة التي ينقلها لنا الفيلم عن الحياة في المصحات العقلية، حيث تُعطى علاجات الصدمة الكهربائية للمرضى وكأنها أسبرين، وتُوصف جراحات استئصال الفصوص الدماغية كما لو كان الأمر استئصال ضروس العقل المزعجة.

حتى إذا مُنح الفنان رخصته، فإن الولايات المتحدة الأمريكية كبيرة جدًا ومتنوعة لكي يُصغّر الفيلم بشكل مرضٍ إلى أبعاد تركز على جناحٍ واحد من مصحة عقلية.

فيلم “One Flew Over the Cuckoo’s Nest”
بتمثيل جاك نيكلسون ولويز فليتشر وويليام ريدفيلد وويل سامبسون وبراد دوريف وماريا سمول.

مخرج الفيلم: ميلوش فورمان؛ سيناريو الفيلم: لورنس هوبن وبو جولدمان، مقتبس من رواية كين كيزي؛ المنتجون: سول زاينتز ومايكل دوغلاس؛ مدير التصوير: هاسكل وكسلر؛ تصوير إضافي: بيل بتلر وويليام فريكر؛ الموسيقى: جاك نيتشه؛ المحرر السينمائي الرئيس: ريتشارد تشيو؛ المحررون: لينزي كلينجمان وشيلدون كان؛ إنتاج شركة: Fantasy Films؛ توزيع شركة: United Artists. في صالة عرض ساتون.

المصدر: سوليوود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى