المخرج نجمًا لـ”الشباك”
عبدالرحمن كمال
يرتبط مصطلح “نجم الشباك” في السينما بشكل كبير بممثلي الصف الأول الذين يضمنون لصناع الأفلام والمنتجين النجاح الجماهيري بشقيه: المالي في دور العرض، والدعائي في أحاديث الجمهور والإعلام قديمًا، أو “تريندات السوشيال ميديا” حديثًا.
ورغم عدم عقلانية أو موضوعية طريقة اختيار نجوم الشباك، كونها تعتمد بشكل رئيس على أذواق الجمهور وتفضيلاته الشخصية التي تتأثر بدورها بعوامل عديدة ليس من بينها النقد الموضوعي لأداء الممثل النجم، أو حتى قيمة العمل الفني نفسه؛ فإن هذا المعيار فرض نفسه بقوة على صناعة السينما، لا سيما مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، وصعوبة إرضاء الجماهير، والخوف من تحمل المخاطرة بإنتاج عمل فني جيد قادر على الوجود في منصات ومهرجانات عالمية، لكنه يفتقر إلى نجم شباك يضمن النجاح الجماهيري قبل الإبداع الفني.
اللافت أن معضلة صناعة فيلم يجمع بين الحُسنيين: نجم شباك قادر على جذب الجمهور، وتقديم عمل فني هادف يحظى بإشادة المتخصصين من النقاد، وجدت الحل بشكل كبير عندما تغير نجم الشباك من الممثل إلى المخرج.
العديد من المخرجين عالميًا قدموا أعمالاً ناجحة جماهيريًا وفنيًا، لكن لم يصبحوا نجومًا للشباك مثل أولئك الذين بات الجمهور ينتظر الجديد من أعمالهم ويتلقفها بنهم يجبر النقاد على الاهتمام والتركيز على هذه الأعمال.
يمكن القول إن «كل مخرج نجم شباك ناجح» جماهيريًا، وبصورة كبيرة فنيًا؛ لكن ليس كل مخرج ناجح نجمًا للشباك، سواء كان النجاح جماهيريًا أو على مستوى النقاد. لهذا، فإن معايير الحكم على مخرج ما بأنه نجم شباك، تكون صعبة، وربما أصعب من تلك المطبقة على الممثلين.
ومن أهم ما يميز المخرج نجم الشباك، هو أنه في الغالب صانع أفلام، أي أنه من يكتب ويؤلف وينتج ويخرج لنفسه، فيكون مشاركًا ومسؤولًا بشكل مباشر على كل مراحل صناعة الفيلم؛ ليضمن أن يخرج الفيلم بما يتوافق مع رؤيته وفلسفته، وهذه هي ثاني خصائص المخرج نجم الشباك، أن يتفرد بين أقرانه بفلسفة خاصة به، ليس فقط في الإخراج والتصوير، بل في الأفكار التي يطرحها في أعماله.
تعيدنا معايير المخرج نجم الشباك إلى نظرية فنية عتيقة عن سينما المؤلف، وهي نظرية لها بدايات تاريخية قديمة، تحتاج إلى مساحة أكبر للحديث عنها، وهو ما قد يحدث في مقال آخر. وحتى يحين موعد اللقاء التالي، هل فكرت يومًا في نجمك للشباك من المخرجين عربيًا وعالميًا؟ وما الذي يميزهم عن سواهم؟ الإجابات ستختلف، وهذا طبيعي، فلولا اختلافها لبارت السلع، وما ظهر معيار نجم الشباك.